الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الربو.. حقائق غائبة ومتاعب حاضرة

1 ديسمبر 2006 02:06
حوار ـ صلاح الحفناوي: الربو·· مرض المشاهير والمغمورين، الأثرياء والفقراء، الكبار والصغار، الرجال والنساء، الرياضيين والكسالى الخاملين، هذا المرض الذي يحبس الأنفاس ويرهق النفوس ويجهد الأنظمة الصحية بالتكلفة العالية لرعاية مرضاه وإنعاش ضحاياه من نوباته الحادة، كما يجهد ضحاياه ويرهقهم بالأعراض المؤلمة من سعال وأزيز وضيق تنفس قد يصل في بعض الحالات إلى حافة الاختناق، هذا المرض الذي يتصدر قائمة ما أصبح يعرف بأمراض العصر·· يواصل الانتشار في الإمارات والخليج والمنطقة ودول العالم·· لماذا؟· الإجابة عن هذا السؤال فجرت الكثير من المفاجآت التي قدمتها تباعا أول أستاذة طب مواطنة متخصصة في الأمراض الباطنية والتحسسية وأمراض نقص المناعة الدكتورة شرينة السويدي، الأستاذة في كلية الطب بجامعة الإمارات واستشارية الأمراض التحسسية وأمراض المناعة في مستشفى توام ومستشفى الجيمي بالعين· الدكتورة شرينة استهلت المحاورة معها حول الربو أو الحساسية الصدرية بالتأكيد على أن الرياضيين من الفئات التي تتعرض كثيرا للإصابة بالحساسية الصدرية وأن بعضهم حصل على الميداليات الذهبية وحقق الأرقام القياسية في السباحة والعدو وغيرهما، وهم مرضى بالربو·· قالت: إن الكثيرين من مرضى الربو لا يعرفون أنهم مصابون به ويعالجون بالخطأ من أمراض تنفسية أخرى لا علاقة لها بحالاتهم، والنتيجة مضاعفات مزمنة ومشكلات بالجملة·· قالت: إن المشكلة تكمن في أن العالم الآن أصبح أكثر نظافة مما كان عليه قبل عقود وهو ما أدى الى قلة التعرض لمثيرات النوبات التحسسية في المراحل العمرية التي يبرمج خلالها الجهاز المناعي على معرفة العدو والصديق، والنتيجة ظهور الأعراض التحسسية تجاه الكثير من المثيرات الطبيعية لدى قطاعات كبيرة ممن يعيشون في المجتمعات النظيفة· تضيف الدكتورة شرينة: على المستوى المحلي تشير التقديرات إلى انتشار كبير لهذا الربو في منطقة الخليج بشكل عام ومن ثم في الإمارات·· وتشير التقديرات كذلك إلى أن حوالي 30 بالمائة من الأطفال يصابون بالربو·· ومن الحقائق المهمة أن مستشفيات تملك كل متطلبات العناية بمرضى الربو والأزمات التنفسية الحادة وعلى مستوى لا يقل عن نظيره في المراكز المتقدمة بالعالم·· ولكن الوجه الآخر للصورة ليس مشرقا بالقدرنفسه·· فأنا استقبل مرضى كثيرين يعانون الأزمات الحادة ولا يعرفون أصلا أنهم مصابون بالحساسية الصدرية· وبصراحة شديدة هذه المشكلة ليست قاصرة على الإمارات أو الخليج أو حتى المنطقة العربية·· بل هي مشكلة عامة لاحظتها خلال دراستي التخصصية في الخارج، الكثيرون من مرضى الحساسية لا يعرفون أنهم مصابون بها، والأزمات التي يتعرضون لها تشخص في الغالب على أنها نزلات برد ونوبات سعال أو التهابات تنفسية·· ويستمر ذلك لفترات طويلة·· وعندما تشخص الإصابة تكون الحالة قد تفاقمت، ولكن على أي حال يمكن السيطرة عليها بالعلاج المناسب· وحتى مرضى الحساسية الذين يخضعون بالفعل للعلاج والمتابعة الطبية·· الكثيرون منهم لم تجرى لهم الفحوص الخاصة بتحديد أسباب أو مثيرات الحساسية لدى كل منهم·· مثلا هل من غبار الطلع أم فراء الحيوانات أم حشرة الموكيت وغيرها؟·· والسبب يرجع الى عدم انتشار العيادات المتخصصة بشكل أساسي في علاج الأمراض التحسسية والأزمات الربوية· ü قلت للدكتورة شرينة السويدي: معدلات الإصابة بالأمراض التحسسية تتزايد بشكل مستمر، فما أسباب هذه الزيادة ؟ تقول: لا يوجد تفسير دقيق أو قاطع لذلك·· ولكن هناك نظريات واجتهادات وتفسيرات عديدة بعضها لا يخلو من طرافة وغرابة·· مثلا هناك نظرية النظافة التي تقول: إن الكثير من مناطق العالم أصبحت أكثر نظافة مقارنة بالماضي·· والتعرض لمثيرات الحساسية أصبح اقل·· والإصابة بالأمراض التنفسية في الطفولة أصبح اقل·· مثل التهابات الشعب الهوائية والجيوب الأنفية·· والإصابة بمثل هذه الأمراض يساعد على تدريب الجهاز المناعي وتنشيط ذاكرته بحيث لا يتعامل مع المثيرات الطبيعية باعتبارها أجساما ضارة· هذه النظرية تقول: لأننا لم نعد نتعرض للالتهابات التنفسية، فإن جهاز المناعة في أجسامنا يفقد بعضا من قدراته·· وبشكل عام فإن مثيرات الحساسية التي يتم استنشاقها مع الهواء هي الأكثر تأثيرا والأكثر تسببا في الأعراض التحسسية، مثل: الغبار وطلع الأزهار ومخلفات حشرة الفراش التي تتناثر في الهواء، والكيماويات العالقة بالهواء وغيرها الكثير· الغذاء العصري النظام الغذائي العصري أصبح ضمن عوامل التأثير·· فقد أصبحنا نتحسس من بعض المنتجات التي تحتوي على أنواع معينة من الخمائر مثل الألبان والاجبان، فالدراسات الحديثة أثبتت ـ على سبيل المثال ـ أن من يأكلون كميات أقل من الأجبان ومنتجات الألبان يتعرضون بدرجة أقل للإصابة بالحساسية الجلدية أو الأكزيما، إذا كانت منتجات الحليب هي المادة المثيرة للتحسس عندهم·· هذه النظرية ترى كذلك أن أي تعرض للبكتريا بأي وسيلة يساعد بشكل أو بآخر على ضبط إيقاع الجهاز المناعي وتقليل أعراض التحسس فيما بعد· هناك منطقة أخرى مثيرة للاهتمام من قبل العلماء·· وهي التفاعل مع البيئة وما ينتج عنه من أمراض مختلفة·· من دون شك فإن التلوث البيئي بكيماويات لم يتعرض لها الجسم من قبل في مراحل الطفولة يؤدي الى ظهور الحساسية عند الكثيرين·· ومع تطور وسائل المواصلات وانتشار الهجرة والانتقال من مكان الى مكان بحثا عن العمل، بدأ الإنسان يتعرض لعوامل ومثيرات غير موجودة في بيئته الطبيعية·· أي غير مسجلة في ذاكرة جهازه المناعي، فيتعامل معها بعنف ويطلق دفاعاته التي تسبب الأعراض التحسسية التي يشعر بها المريض·· مثل الحكة والالتهابات الجلدية أو الأزيز والاضطرابات التنفسية· منطقة رابعة أكثر إثارة وأهمية·· وهي النظام الغذائي الحديث أو العصري أو للأمانة العلميةـ النظام الغذائي غير الصحي الذي أصبح النمط السائد والشائع الآن له تأثير لا يستهان به على مجمل الحالة الصحيةـ عاداتنا الغذائية تغيرت·· بصراحة شديدة·· ثقافة البيرجر والبيتزا والبطاطا المقلية وغيرها من أصناف ''الفاست فود'' هي ثقافة ترتبط في شتى بقاع الأرض بالاعتلال الصحي الذي ربما لا يستثني المتاعب المناعية· تقول الأستاذة الدكتورة شرينة السويدي: المشكلة الحقيقية هي أن الحساسية بكل أشكالها هي رد فعل غير طبيعي من الجسم أو بالتحديد من الجهاز المناعي تجاه أشياء تبدو طبيعية ولذلك يكون من الصعب منع الأزمات بشكل نهائي·· بالطبع يمكن التقليل منها إلى حد كبير عن طريق اتباع الأساليب الوقائية· وأخيرا تطرح الدكتورة شرينة بعض الحقائق السريعة: الأزمات تصيب كل الأعمار·· حتى الأطفال تحت سن الرابعة يصابون بها·· معدل انتشار الأزمات الربوية من 10 الى 15 بالمائة بين الأطفال بشكل عام، وتصل النسبة إلى 30 بالمائة بين الأطفال في الإمارات ومن 5 إلى 10 بالمائة بين البالغين في المجتمعات الغربية أما في المجتمعات العربية فالنسبة غير معروفة على وجه الدقة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©