الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سمية سالم: نسيت «الماسك الطبي» على رقبتي بسبب حماسي لدراستي

سمية سالم: نسيت «الماسك الطبي» على رقبتي بسبب حماسي لدراستي
11 سبتمبر 2011 22:54
في مرحلة الثانوية، كانت دراسة علم النفس بدافع الفضول هي محور تركيز الطالبة المواطنة سمية سالم سميدع، حيث اقتربت من مجال علم النفس بقراءة الكتب والتعمّق في النفس البشرية وسبر أغوارها.. لكن من حيث المهنة لم تقتنع الفتاة الظبيانية ذات الـ23 ربيعاً بأن تكون استشارية نفسية؛ لذا قرّرت دراسة طب الأسنان وبالتحديد اختصاص جراحة الأسنان. (دبي) - حصلت سمية سالم سميدع على المركز الثامن بين مواطنات أبوظبي، لتحصل على عدة منح من مؤسساتٍ مختلفة، لكن طب الأسنان كان حجر الأساس في طموحها، فاختارت لها وزارة التعليم العالي بعثة لجامعة اوتاجوOtago University بعد اجتيازها اختبار القبول لتلك الجامعة الواقعة في مدينة دنيدن في نيوزيلندا. وهذه الجامعة هي الوحيدة التي لديها تخصص لطب وجراحة الأسنان في نيوزيلندا، وهي ذات سمعة عالمية في مجالها. دعم الأسرة أما بخصوص الاغتراب والدراسة في الخارج، وهو شعور لم تختبره سمية من قبل، فقد وقف والدها وإخوتها إلى جانبها لثقتهم بها، وأنها على مستوى التحدي والمسؤولية، ولم يقف تردد والدتها عائقاً، إذ سرعان ما قررّت عدم حرمان ابنتها من رغبتها في استثمار هذه الفرصة، طالما أن لديها الرغبة في إكمال الدراسة في خارج الدولة، وأن السنوات تمرّ سريعاً لتعيد لها ابنتها إلى أبوظبي. لم تصادف سمية عثرات حقيقية في سفرها، إذ تعاونت أسرتها مع وزارة التعليم العالي في أبوظبي ومكتب دبي، الذي سهّل لها المعلومات الكاملة واختيار الجامعة المناسبة، والحصول على التأشيرة وإنهاء الإجراءات، والتعارف مع العائلة النيوزيلندية التي أقامت معها. فراق الوطن كانت الرحلة الأولى طويلة تحمل عدة معان بالنسبة لسمية، من أبوظبي إلى سنغافورة ثم إلى أوكلاند لدنيدن عايشت سمية خلالها مشاعر الحزن والخوف لفراق الوطن والأهل والإقدام على المجهول. كما أن صراعاً احتدم داخلها بين سمية القوية الطموحة القادرة على تخطّي العقبات وتحقيق الأهداف، وبين سمية الخائفة من المجهول والمترددة في قبوله. ومما خفّف حدة التوتر لديها سفر والدها ووالدتها معها، حيث قضوا معها أسبوعين في نيوزلندا إلى أن استقرّت عند العائلة التي ستقيم معها وبدأت دراسة اللغة. كانت سمية قد قرأت عن مدينة دنيندن الصغيرة قبل السفر، وتوقعت أنها مدينة عادية، ولكن لدى وصول سمية للمدينة، شعرت بأنها في مكان يشبه مسلسل الكارتون الشهير «هايدي»، حيث المراعي والهضاب الخضراء والخراف والأبقار والأجواء الريفية على طول الطريق ما سبّب لها بعض الاكتئاب الذي لاحظه والدها ووقف عنده، ما جعل والدها ووالدتها يخيّرانها بين البقاء للدراسة وبين العودة للوطن فوراً إذا أرادت واعتبار ما حصل مجرّد «رحلة استجمام». إصرار على النجاح لم تكن سمية متأكدة من مشاعرها تجاه الجامعة والمدينة والغربة، بقدر إصرارها على الدراسة والنجاح ورفع رأس أهلها وبلادها الإمارات عالياً، بحيث تضع بصمة إبداعية مميزة بنجاحها. وقد شجّعها والدها ووالدتها على قرارها، وبعد مغادرتهم عائدين إلى أبوظبي، كانت تلك المرة الأولى في حياتها التي تجرّب فيها شعور الابتعاد عن أهلها. الغربة دوماً تثقل المسؤولية على المغترب الذي يمثّل أهله وبلده، هذا ما قالته سمية بعد أن تعوّدت الاعتماد على نفسها في تدبير أمور حياتها ودراستها ومصروفها، وتأقلمت رويداً رويداً مع تغيير الثقافة والعادات التي ألفتها في موطنها دولة الإمارات. كما أنها تعلّمت الكثير من العائلة النيوزلندية التي أقامت معها 9 أشهر، حيث تعرّفت من خلال رحلاتها معهم الى العديد من المناطق والمدن في نيوزيلندا. كما غابت عن سمية طقوس الرفاهية المعتادة في بلادها الإمارات، حيث اعتادت في نيوزلندا على الاعتماد الكامل على نفسها في الطبخ والتنظيف ودفع فواتير الغاز والكهرباء وأجرة البيت وتدبير شؤون المواصلات العامة، حيث الطلبة هناك يستقلون الحافلة أو يذهبون للجامعة مشياً على الأقدام، فدنيدن مدينة صغيرة والأهم فيها الجامعة والمكتبة. تعترف سمية بأنها تفتقد كل شيء في دولة الإمارات من الأهل والأصدقاء والأكلات الشعبية وطبخ والدتها وتجمّعات العائلة ومناسباتها، وبشكل خاص تفتقد أعز صديقاتها «أختها». عائق اللغة لم يستمر عائق اللغة مع سمية أكثر من شهرين بقدر المصطلحات العلمية والطبية التي كانت أكثر صعوبة وتعقيداً عليها، كان كل يوم دراسي تحدٍ جديد لتعلّم مصطلحات جديدة وتطوير المهارات العملية وربط المعلومات النظرية بالعملية منها في العيادة الطبية. حصلت سمية على إجازة طويلة من صيف دولة الإمارات الملتهب لمدة أربع سنوات، حيث كانت سمية تزور أهلها في أبوظبي خلال العطلة الصيفية في نيوزلندا والتي توافق أشهر الشتاء في دولة الإمارات ويكون الجو خلالها مقبولاً. أما خلال عطلة الشتاء لديها في نيوزلندا والتي تطول لفترة أسبوعين فتتقابل مع أسرتها في تايلاند خلال إجازتهم الصيفية. كما أنها لم تعان أي مشكلات عنصرية تتطرّق للعرق أو الدين ولم تلمس أي أفكار سلبية عن العرب والمسلمين في نيوزلندا، وكانت تفرض احترامها على الجميع من خلال شخصيتها وطريقة تعاملها ووضوحها التام في طرح ومناقشة الأفكار. قصة «الماسك الطبي» ومن الطرائف المشوّقة التي حدثت مع سمية في السنة الثانية من دراستها والتي بدأت خلالها مقابلة المرضى، قصة لا تُنسى مع أول مريضٍ تقابله. فقد كان إحساساً جميلاً أحسته كطبيبة تشق مشوارها وتلى ذلك الشعور المهم بدء عطلة نهاية الأسبوع في نيوزلندا، فذهبت للتنزّه في وسط مدينة دنيدن وعند عودتها للبيت، فوجئت أمام المرآة بأن «الماسك الطبي» لا يزال على رقبتها، وكأن «الماسك الطبي» يشاركها نزهتها بسبب حماسها الشديد. ومن المواقف الغريبة التي لا تنسى أيضاً خلال دراستها العام الماضي عندما عادت سمية بعد انتهاء دوامها في الساعة الخامسة مساء إلى المنزل وجلست تشاهد مسلسلاً أميركياً على شبكة الإنترنت قبل العودة لمذاكرة الدروس، وإذ بدقاتٍ قويةٍ عالية الصوت على باب بيتها، تجاهلتها في البداية ظنّاً منها أنها تخصّ شقة الجيران أو أنها من تأثير أصوات المسلسل، لكنها ارتدت «الشيلة»، وقامت بفتح الباب ولم تجد أحداً فعادت أدراجها. ثم عادت الدقات القوية على بابها مع صوت عالٍ يقولpolice .. police، ففتحت الباب لتجد عدداً من رجال الشرطة يطمئنون على سلامتها ويبحثون داخل الشقة ويخبرونها أن اتصال طوارئ وصلهم من عنوانها منذ قليل، فردّت عليهم بأنها تقيم هنا وحدها وهي بخير ولم تطلب أي مساعدة، وأنها تحس بالرعب والصدمة مما يحصل، وبعد استكشافهم المكان ومعرفتهم اسمها ورقم هاتفها أخبروها بأن المكالمة جرت من هاتفها الخاص بالفعل، وذلك بضغطها عن طريق الخطأ على ما يبدو على زرٍ خاصٍ بالطوارئ في هاتفها، الأمر الذي جعل قوى الأمن تتصل بها مرتين وعندما لم ترد وصلوا إليها في فترة لم تتجاوز الـ 10 دقائق، حيث حصلوا على عنوانها من الشركة المشغّلة لهاتفها المحمول، ما جعلها تطمئن كثيراً لمستوى الأمن العالي في البلدة. قراءة وعمل تطوعي وتمارس سمية هواية القراءة والمشي والسفر، ويساعدها على ذلك تنظيم وقتها بين الدراسة وتدبير أمور المعيشة والاستجمام وممارسة الهوايات. الدراسة تغلب على أغلب الوقت في الجامعة، حيث يبدأ دوامها في الثامنة صباحاً وحتى الخامسة عصراً، وحتى في البيت تمتلك سمية مجموعة من الكتب تغنيها عن اللجوء للمكتبة في أغلب الأحيان. كما أنها تنتهز بعض فرص الإجازات للسفر لمدنٍ أخرى داخل نيوزلندا. أما في عطلة نهاية الأسبوع، فتمارس سمية العمل التطوعيّ من خلال عضويتها في جمعية age concern organisation وred cross. «الاهتمام بكبار السن» و»الصليب الأحمر». يدرس في المدينة ذاتها «دنيدن» مع سمية 8 طالبات و3 طلاب من دولة الإمارات العربية المتحدة، 4 من الطالبات سيتخرجن في نهاية هذا العام. وهم على تواصل دائم مع بعضهم بعضاً من خلال الزيارات أو المناسبات المختلفة بالذات التي تجمع ذوي التخصص الواحد، أما الطلبة من المدن الأخرى فيكون التواصل معهم عبر الرسائل القصيرة و»الفيسبوك». وعند حدوث أي إشكالات أو مشكلات أو استفسارات فإنهم يلجأون إلى عميد الدراسات الدولية في الجامعة الذي يهتم بقضاياهم كافة. وتشرح سمية سالم سميدع عن هيئةage concern organisation، وهي هيئة تهتم بكبار السن الذين تنعدم لديهم الحياة الاجتماعية ومن الصعب عليهم الخروج وممارسة الحياة بشكلٍ طبيعي. فيكون دورها كعضوة أن تزور هذا الشخص الكبير مرة كل أسبوع لمدة ساعة، ويكون التنظيم عن طريق مكتب الهيئة. وتتبادل معه الحديث في شتى المجالات والاهتمامات. اختارت سمية هذا العمل التطوعي؛ لأنه يساعدها على تطوير مهارات الاتصال مع هذه الفئة العمرية، فكسب ثقة المريض مهمٌ جداً للطبيب قبل أن يبدأ اقتراح أي علاج أو يباشر بأي عملية جراحية. كما أنها تحرص على حضور الدورات المختلفة التي تنظمها الهيئة من فترةٍ لأخرى في عطلة نهاية الأسبوع لتطوير مهارات الاتصال. طموح المستقبل تطمح سمية سالم سميدع للعمل في مستشفى زايد العسكري بعد التخرّج، كما تطمح لدراسة بحث متخصص عن مدى الوعي لدى شعب الإمارات بصحة الفم والأسنان، ثم تطوير برنامجٍ توعوي في المجال ذاته في دولة الإمارات لإيمانها بأن التوعية الطبية خيرٌ من العلاج. بالإضافة إلى إكمال تخصصها في طب أسنان للأطفال وصولاً إلى حلمها بامتلاك مركز خاص بطب الأسنان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©