الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تجارة النفايات السامة تدمر القارة السمراء

30 نوفمبر 2006 00:06
إعداد - أيمن جمعة: في عام 1987 توقفت سفينة إيطالية محملة بنفايات سامة قبالة شاطئ كوكو بنيجيريا·· وأثناء تفريغ الشحنة أصيب العمال بحروق كيماوية وشلل جزئي بل تقيؤا دما·· وطالبت كثير من الجهات بوقف تجارة النفايات السامة التي يرسلها الأغنياء إلى الدول الفقيرة خاصة في أفريقيا، فسارعت الأمم المتحدة بوضع خطط لتنظيم هذه التجارة الخطيرة، ووافق الاتحاد الأوروبي على حظر يمنع تصدير النفايات الخطيرة من الدول المتقدمة إلى النامية· وتراجعت وتيرة هذه التجارة القاتلة حتى أوائل التسعينيات لكنها لم تتوقف لأسباب في مقدمتها أن الولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزيلندا رفضت الالتزام بأي حظر عليها· وتقول هيلين برايفير خبيرة السموم في جماعة السلام الأخضر: ''كنا نعتقد أننا تجاوزنا الفترة التي تقوم فيها الشركات بشحن نفايات سامة إلى الدول الفقيرة·· وصلت هذه الممارسات إلى ذروتها في الثمانينيات ثم بدأت الدول الأفريقية في مكافحة هذه الممارسات، والمفارقة أن هذه التجارة بدأت تطل برأسها من جديد''· وتظهر إحصائيات الأمم المتحدة أن تجارة النفايات السامة في العالم ارتفعت من مليوني طن عام 1993 إلى 8,5 مليون طن بحلول عام 2001 ومن المتوقع أن ترتفع مجددا·· أي أن البحار والمحيطات الدولية لا تزال ملأى بالسفن التي تبحث عن مكان لدفن شحناتها السامة· وتشير صحيفة ''الاندبندنت'' في تقرير إلى أن الشركات الغربية تستغل ثغرات قانونية لدفن نفاياتها في أفريقيا، وتضيف: ''وفي ساحل العاج تبين ان ثمن هذه الممارسات هو الموت والمرض للآلاف''· ففي صباح أحد أيام شهر أغسطس الماضي استيقظ السكان القريبون من مستودع اكويدو للنفايات في ابيدجان عاصمة ساحل العاج على رائحة غريبة في الجو، وسرعان ما انتابتهم حالة من القيء المصحوبة بمصاعب في التنفس لدى كبار السن بينما سقط الأطفال فريسة للإسهال، وكانت المحصلة سقوط ستة قتلى بينهم طفلان بسبب استنشاق روائح تلك النفايات، فيما اصطف نحو 20 ألفا آخرين للعلاج من أعراض أخرى مثل الصداع والقيء·· ولم تستطع موارد الدولة تلبية هذا الإقبال على المستشفيات فسارعت منظمة الصحة العالمية بإرسال مساعدات عاجلة واضطرت الحكومة للاستقالة· وأظهرت التحقيقات أن ملابسات هذه المأساة بدأت يوم 19 اغسطس عندما قامت سفينة تستأجرها شركة هولندية بإفراغ 400 طن من البنزين والمياه ومخلفات تنظيف حاويات النفط في مستودع اكويدو وعشرة مواقع أخرى حول المدينة احدها كان يؤدي إلى بحيرة··! وبدأت السوائل في إطلاق روائحها المتحللة من الصوديوم والبنزين في أرجاء المدينة، وكشفت ''الاندبندنت'' أن السفينة حاولت إفراغ حمولتها في أمستردام لكن السلطات هناك وصفت النفايات بأنها سامة، وهددت بفرض عقوبات تصل إلى 250 ألف دولار على الأقل في حال التأخر في التخلص من هذه الشحنة، وكان الحل البسيط والسهل أن اتصل مسؤولو الشحنة بشركة للنفايات في ابيدجان للتخلص منها·· وهذه قصة متكررة على طول السواحل الغربية إلى إفريقيا حيث تقوم سفن مسجلة في أميركا وأوروبا بتفريغ شحنات من أجهزة الكمبيوتر القديمة ومعدات ومواد طبية مستعملة· وعادة ما يحصل السياسيون الفاسدون وتجارة الخردة وموظفو القطاع العام ذوو الأجور المنخفضة على دولارات قليلة مقابل إصدار تراخيص لدفن هذه السموم قبالة الساحل أو في مواقع النفايات· ويقول خبراء إن أفريقيا كانت خلال الثمانينيات مستودع النفايات المفضل لدى الدول والشركات الأوروبية، ويحذرون من أن المؤشرات توحي بأن هذه التجارة لن تهدأ خاصة مع تزايد النفايات الالكترونية التي تحتوي على كميات من الرصاص والزئبق وغيرها من المواد السامة، إضافة إلى مخلفات المستشفيات· وأسباب هذه التحذيرات منطقية، فقد أظهر مسح لثمانية عشر ميناء أوروبيا أن 47 % من كل النفايات المعدة للتصدير كانت في حقيقتها غير قانونية· كما أن أميركا تتخلص بمفردها من أكثر من 20 مليون جهاز كمبيوتر كل عام، في حين تنتج المملكة المتحدة حوالي طنين من النفايات الالكترونية· ولأن التخلص من هذه النفايات يتطلب نفقات باهظة، فإن كثيرا من الشركات تقوم بإعطائها إلى شركات وسيطة تتعهد بإعادة استخدام هذه الأجهزة في أفريقيا والصين والهند، وتصل حوالي 500 حاوية تحمل نحو 400 ألف جهاز كمبيوتر قديم إلى نيجيريا سنويا على أمل إعادة تدويرها لكن 75 % من هذه الأجهزة لا يمكن بيعها مرة ثانية ولذا يتم دفنها في مستودعات عادة ما تقوم بعمليات إحراق للتخلص من النفايات، ويقول خبير: ''إحراق البلاستيك للتخلص منه ممارسة شائعة في أفريقيا، لكن استخدام هذا الأسلوب مع الأجهزة الالكترونية ينطوي على خطورة بالغة''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©