السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جوائز الدولة المصرية تربح الحرب

5 سبتمبر 2013 14:58
إيهاب الملاح أُسدل الستار، الاثنين 26 أغسطس الماضي، على دورة المجلس الأعلى للثقافة المصري لهذا العام 2013، عقب الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز الدولة (النيل والتقديرية والتشجيعية والتفوق)، وانتهى موسم توزيع الجوائز الأهم والأشهر مصريا، وبعد معركة شرسة خاضها المثقفون المصريون ضد نظام الإخوان الساقط، ووزيرهم المتأخون السابق علاء عبد العزيز، الذي حاول بكل ما أوتي من قوة أن يسلب المثقفين حقهم الطبيعي والمشروع في جوائز الدولة المصرية، التي لا يملك أيا من كان منعها أو حجبها عن مستحقيها مهما كانت الظروف وأيا ما كانت التحديات. ويعد إعلان أسماء الفائزين بجوائز الدولة المصرية، أحد أهم الأحداث الثقافية الأبرز خلال هذا العام، بعد المعركة الضارية التي خاضها المثقفون المصريون ضد نظام الإخوان وضد وزيرهم السابق علاء عبد العزيز، الذي سعى بكل استماتة إلى إلغاء دورة هذا العام وسحب الميزانية المالية المخصصة لها وتوجهيها لحساب النظام الإخواني، وبسبب ممارساته ومخالفاته الفادحة للقانون، تأجل اجتماع إعلان جوائز الدولة لأكثر من شهرين كاملين. لكن وبعد اندلاع ثورة 30 يونيو، التي أسقطت نظام الإخوان وأطاحت برئيسه المعزول محمد مرسي، استرد المثقفون وزارتهم واستطاعوا إنقاذ جوائز الدولة لهذا العام من بين براثن نظام الإخوان المسلمين، أعدى أعداء الثقافة والفنون والآداب، المعروفون بكراهيتهم الشديدة ونفورهم من الإبداع الحر والفكر الخلاق. الشاعر المصري الكبير أحمد عبد المعطي حجازي، فاز بجائزة النيل (أرفع الجوائز الأدبية المصرية) في الآداب لعام 2013 (قدرها 400 ألف جنيه)، بعد أن فاتته الدورة السابقة، وفي مجال الفنون نال الجائزة الكاتب المسرحي والسيناريست الكبير محفوظ عبد الرحمن، ونال جائزة النيل في العلوم الاجتماعية المؤرخ والأكاديمي القدير الدكتور مصطفى العبادي، صاحب مشروع إحياء مكتبة الإسكندرية. أما جوائز الدولة التقديرية (تبلغ قيمتها 200 ألف جنيه مصري، وتمنح لأكثر من فائز في الفروع الثلاثة السابقة)، ففاز بها كلٌ من شاعر العامية المصري الكبير سيد حجاب، والناقدة والأكاديمية المسرحية نهاد صليحة، والكاتب والروائي سعيد سالم في مجال الآداب، فيما حصد الجائزة في مجال الفنون المخرج القدير داوود عبد السيد، والفنانة القديرة محسنة توفيق، والفنان التشكيلي أحمد نوار. بينما فاز بجائزة التفوق في الآداب (قدرها 100 ألف جنيه) كل من الروائي القدير محمد ناجي، والكاتب والناقد نسيم مجلي، بينما فاز بها في مجال الفنون كل من عصام السيد وكرم النجار، وفي العلوم الاجتماعية فاز كل من صفي الدين خربوش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والدكتور حسن عماد مكاوي أستاذ الإعلام وعميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة في مجال العلوم الاجتماعية. أصداء عقب إعلان نتائج التصويت، وإعلان أسماء الفائزين بجوائز الدولة، سادت حالة من الرضا والارتياح والقبول في الوسط الثقافي الذي أبدى تأييده وقبوله بمعظم الأسماء الفائزة بجوائز الدولة، على عكس المعتاد، خاصة فوز الشاعر الكبير سيد حجاب، أحد أعمدة شعر العامية المصرية، وواحد من أشهر كتاب الأغاني في العالم العربي، الذى استوعبت أشعاره تراث الحكمة الشعبية، وصاحب أعمق المعاني بأبسط الكلمات، وصاحب الأبيات التي صارت تتردد كأمثال وعبارات خالدة على ألسنة محبيه وجمهوره، ومنها: “ياما زقزق القمري على ورق اللمون/ علشان بلدنا يا ولا/ وجمال بلدنا يا ولا/ كله يهون”. أما فوز المخرج السينمائي الكبير داوود عبد السيد بجائزة الدولة التقديرية فى الفنون عن مجمل أفلامه، فأشاع بدوره حالة من الرضا في صفوف المثقفين عموما والفنانين والسينمائيين والممثلين بوجه خاص، علق البعض عليها قائلا “فنان كبير ويستحق الجائزة وبجدارة”، مشيراً إلى أن حصاده السينمائي ترجمة لشخصية ثرية، لا تقل متعة وبهجة التحاور معها، عن متعة وبهجة مشاهدة أعمالها. لكن يبقى من بين كل الأسماء التي نالت جوائز الدولة لهذا العام، اسم الروائي الكبير والقدير محمد ناجي، الذي يحظى بمكانة خاصة ورفيعة في نفوس معظم المثقفين وعارفي قدره، وهو صاحب المنجز الروائي اللافت في تاريخ الرواية الرواية المصرية والعربية على السواء (6 روايات من أهمها “خافية قمر” و”العايقة بنت الزين” و”الأفندي” و”ليلة سفر”)، وأحد من استطاعوا حفر مسار خاص ومتفرد في المشهد الروائي، بجسارته التجريبية، واقتداره الفني الفذ، بما يصح معه القول بأنه أحد الآباء الشرعيين والروحيين لجيل كامل من كتاب الرواية الشباب من أصحاب الموهبة العالية الذين أخذوا عنه الجسارة في التجريب الواعي والبحث عن مسارب ومسالك جديدة لتطوير الشكل الروائي والاستفادة من تراث القص العربي وأشكاله القديمة الشفاهية والمدونة، إضافة إلى تطويره اللافت للغة الكتابة الروائية والسرد الروائي بما جعلها تتسع وتستوعب طرح أسئلة إشكالية تنوء بحمولاتها المعرفية والفلسفية الشائكة، وكذلك البحث عن بلاغة جديدة تتكئ على توظيف الشعري في السردي، وبما فتح آفاقا جديدة للرواية العربية ككل ووضعها جنبا إلى جنب في مصاف الرواية العالمية. ارتياح الكاتبة والروائية القديرة سهام بيومي، وأحد أصدقاء ناجي المقربين، عبرت عن فرحها بفوزه قائلة “مبروك لكل أصدقاء محمد ناجى، فوزه بالجائزة أشاع حاله من البهجة والتفاؤل، صحيح أن الجائزة تأخرت عليه كثيرا، لكنها فاتحة خير، أشياء كثيرة جميلة في مصرنا تأخرت حتى تهل علينا بوجهها المشرق، لكن تأتي في النهاية”. أما محمود عبد الشكور، الناقد الفني المرموق وأحد أبرز نقاد أعمال ناجي، فقال “إن الجوائز لا تخلق القيمة ولا المكانة ولكنها تعترف بها فقط. وقد تأخرت كثيرا جائزة التفوق عن محمد ناجى، ثم وصلت أخيرا إليه لتعترف بمكانة حصل عليها منذ سنوات طويلة فى قلوب قرائه، وفى كتابات نقاده. مبروك للجائزة فوزها بمحمد ناجى”، مضيفا أن “زهد الأستاذ ناجي في الجوائز لا يبرر عدم حصوله عليها، فالجوائز تكتسب سمعتها من عدد الأسماء المهمة والمستحقة التي تمنح لها سواء كانوا من الراغبين أو من الزاهدين”. كواليس استهل وزير الثقافة اجتماع المجلس الأعلى للثقافة، بالوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء الوطن، ثم ألقى وزير التعليم العالي الدكتور حسام عيسى كلمة حيا فيها حضور الاجتماع، ومعلنا اعتذاره عن ترشيحه لنيل جائزة النيل في العلوم الاجتماعي. أعضاء المجلس الأعلى للثقافة بدأوا التصويت أولا على جوائز التفوق، فرع الفنون أولاً، من خلال ثلاث جولات، على أن يتم استبعاد المرشح الحاصل على أقل من خمسة أصوات بكل جولة، وفاز في نهاية التصويت كل من عصام السيد بعدما حصل على 30 صوتا، وكرم النجار بـ29 صوتا. فيما قام أعضاء المجلس بالتصويت بعد ذلك بالتصويت على جائزة التفوق فرع الآداب، حيث تم التصويت على ثلاث مراحل، بالطريقة ذاتها، وفي فرع العلوم الاجتماعية بدأ التصويت على عدد كبير من المرشحين، وحصل عميد كلية الإعلام الدكتور حسن عماد مكاوي على أعلى صوت من الجولة الأولى، وحتى الثالثة، ليفوز بالجائزة في الجولة الأخير حاصلاً على 27 صوتا، بينما تم إعادة التصويت على الجائزتين المتبقيتين، وفاز بإحداهما الدكتور صفي الدين خربوش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بعدما حصل على 23 صوتا، بينما حجبت الجائزة الثالثة بعد تعادل الأصوات. وخلال اجتماع المجلس للتصويت على جوائز الدولة دارت العديد من المناقشات والمداخلات والتعليقات من أعضاء المجلس، كانت في مجملها انعكاسا طبيعيا للوضع السياسي والاجتماعي والثقافي الذي تشهده مصر عقب اندلاع ثورة 30 يونيو وإسقاط نظام الإخوان، وهو ما بدا واضحاً في الآراء والمقترحات التي طرحها عدد من الأعضاء حول موقف المثقفين من الظروف الحالية والعلاقة بين المثقف والمؤسسة الرسمية ودور المثقفين خلال المرحلة القادمة، خصوصا ما عبر عنه بعض أعضاء المجلس من أننا مقبلون على تحولات سياسية واجتماعية تتمثل في إجراءات الاستفتاء على دستور جديد، والانتخابات البرلمانية القادمة، ثم انتخابات رئاسة الجمهورية. الأديب الكبير بهاء طاهر أعلن بوضوح شديد ضرورة الإصرار على الحرية المطلقة لكل التيارات السياسية والفكرية في المجتمع، على أن يكون هناك تطبيق شديد الحزم للقانون في مواجهة الخارجين عليه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©