واشنطن (د ب أ) - عثر باحثون أميركيون على بكتريا في بحيرة “مونو ليك” الملحية الأميركية تستطيع التغذي على الزرنيخ. وأكد الباحثون أن هذه البكتريا بدلا من أن تتغذى على الفوسفور تحول عنصر الزرنيخ المعدني السام إلى دهون وبروتينات بل وتدمجه في حمضها النووي. وأشار الباحثون في دراستهم التي نشرت نتائجها الخميس في مجلة “ساينس” الأميركية إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يثبت فيها بالأدلة أن أحد المكونات الأساسية للحياة الأرضية يمكن أن يعوض بعنصر آخر.
وقالت فيليسا ولف سايمون، من معهد أستروبايولوجي، التابع لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” إن “هذه الدراسة تذكرنا بأن الحياة التي نعرفها يمكن أن تكون أكثر مرونة عما تعودنا افتراضه أو عما يمكن أن نتصوره”.
وأضافت الباحثة الأميركية “إذا كان هناك شيء على الأرض يستطيع أن يقوم بشيء غير متوقع فماذا تستطيعه حياة في مكان آخر لم نرها بعد؟”.
ويعتبر الفوسفور أحد العناصر الستة الجوهرية للحياة وهي الفوسفور وثاني أكسيد الكربون والهيدروجين والنتروجين والكبريت والأكسجين، على الأقل في شكلها المعروف حتى الآن. وأراد فريق الباحثين تحت إشراف وولف سايمون معرفة ما إذا كانت الحياة ممكنة بعناصر أخرى وركزوا في دراستهم على الزرنيخ لأنه يشبه الفوسفور كثيرا من الناحية الكيميائية. وهذا التشابه هو السبب في أن الزرنيخ شديد السمية بالنسبة لأغلب الكائنات الحية حيث لا تستطيع عملية الأيض، تحويل الغذاء إلى طاقة، فصل العنصرين في شكلهما الحيوي النشط. ولكن إذا تم امتصاص الزرنيخ مكان الفوسفور فإن العمليات الكيميائية المركزية تتوقف.
وقام الباحثون بتربية عدة أنواع من البكتريا في المعمل عثروا عليها في عوالق مياه بحيرة “مونو ليك” غير المشجعة على الحياة لاحتوائها على نسبة كبيرة من الزرنيخ. ثم زادوا من نسبة تركيز الزرنيخ تدريجيا في الوسط الذي قاموا بتربية هذه البكتريا فيه ولم يضيفوا إلى هذا الوسط عنصر الفوسفور. ووجد الباحثون في نهاية التجربة أنه لم يتبق سوى بكتريا واحدة هي التي كانت قادرة على العيش والنمو في ظل هذه الظروف.
وصنف الباحثون هذه البكتريا على أنها من فصيلة “جي اف ايه جي -1” من عائلة بكتريا هالوموناداسي وأثبتوا أنها استخدمت فعلا الزرنيخ في عملية الأيض مستعيضة به عن الفوسفور. من جانبه قال جيمس إليسر، الخبير البيئي في تطور الأنواع والمتخصص في مادة الفوسفور في البيئة إن هذا الاكتشاف يمثل “صدمة كبيرة” بسبب اعتماد البكتيريا على الزرنيخ عوضا عن الفوسفور. وأضاف أن نتائج الدراسة ستتطلب إدخال تغييرات على الكتب العلمية.
عدد اليوم
