السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اسمه القمر

2 سبتمبر 2015 23:34
دائماً وأبداً يراقبني، يطل عليّ من نوافذ عدة، تارة أراه وتارة يختفي، حاولت مجهداً ومرهقاً معرفة بداية مراقبته لي لعلي أعرف كيف أتعامل معه، لكن كل محاولاتي باءت بالفشل، ما العمل؟ هل انتظر الفرصة المناسبة لترقب تصرفاته أو لعلي أكتفي بوجوده حولي واندماجه بي! حيرة أمري جعلتني عاشقاً له ومتمنياً اكتشاف خفاياه، دائماً انظر إليه وفي وجهه تلك التشوهات الغريبة أو أنه قناع ليترك لنفسي التساؤلات عنه، لا أدري أأنا هائم به فعلاً أم أن لحضوره هيبة تجعلني أترقبه وانتظر قدومه. دائماً أفترش سجادتي الخضراء وأتأمل نظراته، يظهر ويختفي في الأفق، ظهوره الليلي مخيف لكن يملأ شغفي به، أحدق بعينيه لكن لا يرمش أو يشيح بناظريه، تغمرني السعادة عندما يتبرقع ويختبئ خلف الستائر ويظهر لي بين الفينة والأخرى، تشوهات وجهه قبيحة، لكنه يخفي جمالاً غريباً. أحببت الظلام لأجله ولأجله كتبت أجمل الأشعار وأغرب القصص وأندرها، تمحورت حياتي حوله، وكرست ما فيها لأجل معرفة أمره ودراسة طبيعته، لكن لماذا هذا الصمت الذي يحويه، لماذا لا يخبرني بأسراره؟ لماذا لا يكلمني؟ لماذا ينظر إلي بهذه النظرة الغريبة، دائماً ما يبدأ دخوله لي بجزء من وجهه الجميل، صغير الوجه غريب التكوين يكبر بعدها بأيام يتغير شكله إلى شخص آخر مملوء بالغموض والتشوهات يراقبني ثلاثة أيام ثم يرجع إلى شكله السابق بالتناقص، هل هي حيلة أم استدراج أم ماذا ؟ لا أعلم بماذا أبوح له أو بم أبدأ لقائي به. تغاضيت عنه، تركته في لجات كالحة الظلام، سمعت أصوات عواء باكية، أهو يبكيني أم يريد الاستمرار في لعبته الغامضة؟ ما العمل؟ لقد هلعت منه واستطربني حبر قلمي وأصابعي لحنت بحور حبه وأفواه العاشقين تغنت به، أأنا مجنون أن هذا فضول يريدني أن أعرف أسراره؟ ففي ليلة شتوية انتظرته كثيراً فقد غاب عني لفترة طويلة لا ادري ما حدث له، أهو مريض ينتظر مني زيارة أم حدث مكروه له، انتظرته طويلاً، لكن لا وجود له، أهي حيلة يلعبها دائما مع عشاقه أم هو في مكان اخر يتوقع مني الذهاب إليه؟ لا أعلم، هذا كل ما لديّ، أحاول دائماً أن اقنع نفسي بأنه مشغول في أمر ما أو بعض الأحيان أحاول نسيانه، لكن لا جدوى. وفي إحدى الليالي، كالعادة كنت مستلقياً على سجادتي الخضراء المبتلة بانتظار قدومه وألتفت إلى إحدى الستائر الداكنة انظر إلى النور الذي يخرج منها، إلا أنه هو يطل منها يراقبني بهدوء وسكينه، وأقوم فرحاً لقدومه وألقي له أجمل القصائد الغزلية التي كتبتها لأجله، لكنه بين ظهور واختفاء بين تلك الستائر وكأنه يلاعبني أو أنه فرح يسمع تلك القصائد، وفي منتصف الليل، خرج ليسطع نوره كل الدنيا، فرفعت صوتي مهللاً بأجمل قصيدة غزلية كتبتها يوماً ما فخرج الأهل والجيران فرحين لفرحي بقدومه ومن يومها سميته القمر وكل جميل في هذه الدنيا يشبه بالقمر، أيوجد أجمل من القمر؟ يوسف سيف الشحي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©