الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

منطقة «اليوور»... والتعافي المتأخر

27 أغسطس 2012
تتعرض معاهدة الانضباط المالي، التي طنطن الاتحاد الأوروبي لها طويلاً، للانتهاك بشكل روتيني من قبل الحكومات الرئيسية في الاتحاد، حتى قبل أن تدخل حيز التنفيذ، مما لا يجعل هناك سوى فرصة محدودة لضمان الالتزام بها، والسير وفقاً لمقتضياتها بشكل عام من قبل أعضاء الاتحاد- كما يقول الاقتصاديون الأوروبيون. والفجوة بين ما تعلن حكومات دول الاتحاد الأوروبي أنها ستقوم به نحو أزمة الديون المستمرة منذ عامين، وبين ما تقوم به بالفعل في الواقع العملي، مثلت سبباً جوهرياً من أسباب الشك المستمر السائد في أوساط مؤسسات الإقراض العالمي، التي تشتري الديون السيادية، كما ساهمت في إطالة أمد الأزمة بالإضافة لتأثيرها المثبط على توقعات وآمال التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة. ووفقاً للخبراء الاقتصاديين، فإن جزءاً من المشكلة يرجع لأن قادة الاتحاد الأوروبي يؤكدون على أن الخطوات الجريئة التي يتم اتخاذها في مؤتمرات القمة في بروكسل عادة ما تتعرض للتعثر عندما تتعامل مع الأجهزة البيروقراطية للدول الأعضاء، وبرلماناتها ، ونصوص دساتيرها. وقال هؤلاء الخبراء إن ما يفاقم من المشكلة أن الأسواق عادة ما تتحرك بسرعة في الوقت الذي تتحرك فيه الحكومات ببطء. وفي هذا الإطار اشتكى جان كلود - جانكر رئيس وزراء لوكسمبورج، والرجل الذي كان يضطلع بمهام حل الكثير من مشكلات الاتحاد الأوروبي لسنوات طويلة، من أنه منذ بداية الأزمة، أجبرت الأسواق المالية قادة الكتلة الأوروبية على العمل على نحو أسرع، وتقليص الوقت الذي كان يخصصونه في السابق للتفكير المطول، وكذلك للمفاوضات والتخطيط. وعلى الرغم من أن الانضباط المالي ليس سوى عامل واحد من بين عوامل عديدة تؤثر على اتخاذ القرارات المتعلقة بالسوق، فإنه عامل حَظِيَ مع ذلك باهتمام خاص، بسبب الضجة الكبيرة التي رافقته أولا عندما تم الاتفاق عليه بعد جلسة مطولة في مؤتمر قمة عقد في ديسمبر الماضي استمرت طيلة الليل، ثم تلك التي رافقته أيضاً في اجتماع آخر في مارس الماضي، عندما تم التصديق عليه من قبل كافة دول الاتحاد الأوروبي باستثناء دولتين هما بريطانيا وجمهورية التشيك. واستجابة لضغوط السوق الداعية لعمل سريع في مجال تقليص عجز ميزانيات دول الاتحاد الأوروبي المزمن، وديونها السيادية المتضخمة طُلب من 12 دولة فقط من دول الاتحاد الأرووبي الـ27 التصديق على المعاهدة قبل تاريخ سريانها في شهر يناير. في ذلك الوقت اتخذ الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي من عملية التصديق المتسرعة دليلاً على أن أوروبا قد بدأت أخيراً في التعامل مع مشكلة مديونيتها المزمنة بحسم، كما أشارت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل إلى المعاهدة باعتبارها علامة على أنها قد نجحت في إلزام عدد آخر من الحكومات الأوروبية الأخرى بالانضباط المالي، استجابة للأزمة. منذ ذلك الحين لم توقع على تلك المعاهدة سوى 7 دول فقط وفقاً لمصادر رئاسة الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وهذه الدول السبع لم يكن من بينها لا فرنسا ولا ألمانيا وهما أقوى دولتين من حيث النفوذ في الكتلة الأوروبية، كما أنهما ساهمتا بدور كبير في اقتراح المعاهدة، والدفع بها قدماً للأمام، وفرضها فرضاً على باقي الدول في الاتحاد الأوروبي. في نفس الوقت برزت معارضة للمعاهدة من مصدر غير متوقع هو هولندا، وهي من الدول المعروفة تقليدياً بانضباطها المالي. ففي الثاني عشر من سبتمبر، تعهد" إميل رومر" مرشح الحزب الاشتراكي بأنه في حالة انتخابه فإنه سيتجاهل معاهدة الانضباط المالي، التي وقعت عليها الحكومة السابقة. وقال"رومر" في حديث له مع وكالة الأنباء الفرنسية:"الشيء الوحيد الذي يمكن للحكومات القيام به في أوقات الأزمات هو العمل على تحفيز الاقتصاد، والرفض التام لأي اقتراحات بتطبيق خطة تقشف". من بين المتطلبات الرئيسية في المعاهدة ذلك الذي ينص على أن الحكومات الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يجب ألا تسمح بأن تتجاوز نسبة العجز في ميزانياتها 3 في المئة من الناتج القومي الإجمالي. وفي الحقيقة أن هذه القاعدة كانت موجودة في اتفاقيات الاتحاد الأوروبي السابقة، ولكن كثيراً ما كان يتم وضعها جانباً باعتبارها واحدة من مشكلات الميزانية الاستثنائية أو غير العادية. وكان زعماء دول الاتحاد الأوروبي يقولون في هذه الحالة إن معاهدة الانضباط المالي" كفيلة بالقضاء على ذلك التراخي والتساهل من خلال فرض غرامات على الدول التي تفشل في الوفاء بهذا الهدف. مع ذلك نجد أن قسم الشؤون المالية والاقتصادية التابع للمفوضية الأوروبية التي تعتبر الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، قد نشر تقريراً هذا الربيع مؤداه أن 17 دولة من الدول التي تستخدم اليورو سوف تسجل على الأرجح عجزاً يصل إلى 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام و3.25 العام المقبل(2013) عندما تدخل المعاهدة حيز التنفيذ. وهناك فجوة أخرى بين الوعود وبين التنفيذ نشأت مع تدشين صناديق الإنقاذ المالي للاتحاد الأوروبي، التي أعلن أنها تمثل ضمانات بأن أي دولة من دول الاتحاد لن تواجه بعد الآن أي أزمة مالية بمفردها، على الرغم من رفض البنك المركزي الأوروبي العمل كضامن يتم اللجوء إليه كملاذ أخير. إدوارد كودي باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©