نفى اليمن، أمس الاثنين، تقارير صحفية تحدثت عن تمديد المرحلة الانتقالية الحالية، وولاية الرئيس الانتقالي، عبدربه منصور هادي، المنتهيتين في فبراير المقبل، في ظل توقعات بإطالة مؤتمر الحوار الوطني الشامل بسبب استمرار مقاطعة مكون رئيسي لأعمال المؤتمر الذي انطلق في صنعاء يوم 18 مارس الفائت، كأهم خطوة في اتفاق مبادرة دول الخليج العربية بشأن انتقال السلطة في هذا البلد.ومن المقرر سلفاً أن يختتم مؤتمر الحوار جلساته في 18 الشهر الجاري بعد أن يتوافق المشاركون فيه، وعددهم 565 شخصا يمثلون ثمانية مكونات رئيسية غير متجانسة، على مسودة دستور جديد تتضمن حلولا جذرية للمشكلات الكبرى في اليمن.
وقال أمين عام مؤتمر الحوار الوطني، أحمد عوض بن مبارك، :”ما يتم تداوله حول اتخاذ قرار تأجيل المؤتمر لمدة شهر كله نقاشات تتم هنا وهناك بين الأعضاء، لكن ليس هناك نقاش أو قرار اتخذ على أي مستوى من مستويات هيئة رئاسة المؤتمر”. ومنذ 13 أغسطس الماضي، تعثر الحوار الوطني بسبب تعليق المعارضة الجنوبية، التي تقود الاحتجاجات الانفصالية في جنوب اليمن منذ سنوات، مشاركتها في المؤتمر مشترطة تعديل مسار المفاوضات ونقلها إلى دولة محايدة بسبب ما قالت إنها مخاوف من هيمنة “القوى النافذة” على مخرجات الحوار.
وذكر بن مبارك، في تصريحات أدلى بها لموقع وزارة الدفاع، الاثنين، أن كافة مكونات الحوار “تؤخر إعطاء توافقاتها حول القضايا إلى ما بعد الاتفاق على شكل الدولة”، مؤكداً في الوقت ذاته قدرة مؤتمر الحوار الوطني على إنجازه مهامه في موعده المحدد “إذا توافقت القوى السياسية حول شكل الدولة” ما إذا كانت مركزية أو فيدرالية أو اتحادية.
ونجاح الحوار اليمني مرهون بحل قضية الجنوب حيث تتصاعد منذ مارس 2007 موجة احتجاج شعبي مطالبة بالانفصال عن الشمال على خلفية اتهامات للشماليين باحتكار الثروة والسلطة منذ العام الرابع لإعلان الوحدة الوطنية في مايو 1990.
ولفت أمين عام مؤتمر الحوار الوطني إلى أن هناك “تعقيدات فنية متعلقة بآلية التعاطي مع الرؤى المقدمة من قبل كافة القوى والمكونات السياسية فيما يتعلق بحل القضية الجنوبية”، مشيراً إلى أنه التوافق على “كثير من التفاصيل” بشأن هذه القضية “إلا أنه في اللحظات الأخيرة تبرز بعض التعقيدات الفنية البسيطة التي تحول دون التئام كافة أعضاء الحراك الجنوبي”، الذي يمثل ممثلوه الـ 85 في مؤتمر الحوار فصائل معتدلة منضوية في لواء المعارضة الانفصالية في الجنوب ذات الغالبية المتشددة.
وذكر أن الإشكالية القائمة ليست مرتبطة بالاعتذار الحكومي عن الحروب التي خاضها الرئيس السابق، علي عبدالله صالح أو تنفيذ بنود قائمتي العشرين والـ11، وإنما “خلق واقع سياسي جديد (..) يستجيب لتطلعات الشعب”، معتبرا أن هناك “صراع إرادات” بين “من يدفع العجلة إلى المستقبل ومن يحاول إعادتها إلى الوراء متمسكا بمصالحه ومواقفه”.ونفى بن مبارك أن تكون زيارته أواخر الشهر الماضي إلى الرياض للتفاوض مع أمين عام مجلس التعاون الخليجي، عبداللطيف الزياني، “كانت بغرض تمديد التمديد للرئيس عبدربه منصور هادي (..) وبالتالي تمديد الفترة الانتقالية”، موضحا أن زيارته هدفت إلى “إطلاع” الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي “على مجريات مؤتمر الحوار”.
وأضاف :”لم يتم التطرق إطلاقا في تلك اللقاءات إلى موضوع التمديد، وقد أطلعت على صحف وتصريحات لبعض الشخصيات السياسية تتحدث عن هذا الأمر، الذي ليس له أساس من الصحة”.
لكنه ذكر أن القوى السياسية “تناقش حاليا متطلبات ما بعد مؤتمر الحوار ومخرجاته وآلية تنفيذها ومن سيتولى ضمان تنفيذها”، دون الإشارة إلى تفاصيل هذا النقاش.
من جانبه، نفى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، جمال بن عمر، ما وصفها بـ”أنباء مغلوطة” تحدثت عن اقتراحه تمديد المرحلة الانتقالية الحالية، حسب بيان أصدرته مكتبه في صنعاء ونقلته وكالة الأنباء الحكومية مساء الاثنين.وذكر البيان أن بن عمر “شدّد في مناسبات عدة على ضرورة تجاوز التحديات المتبقية حول بعض القضايا المطروحة للنقاش في مؤتمر الحوار الوطني في أقرب وقت، والتوافق على وثيقة مخرجات نهائية من أجل إنجاحه”. وأضاف أن المبعوث الأممي “حث مختلف الأطراف السياسية على التزام ما توافقت عليه في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية”.
وكانت مصادر في الحوار الوطني كشفت، الأحد، عن مفاوضات تدور حاليا في صنعاء بشأن إطلاق مرحلة انتقالية جديدة في اليمن، تبدأ مع إقرار وثيقة الحوار الوطني، وتهدف إلى تحقيق “انتقال تدريجي” من نظام الدولة المركزية إلى نظام الدولة الفدرالية.وفي حال إقراره، سيمنح النظام الفدرالي مكاسب سياسية واجتماعية ودينية لجماعات كانت مضطهدة في عهد الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، كجماعة “الحوثي” الشيعية التي تهيمن بقوة السلاح على مناطق واسعة في الشمال، وهو ما يثير مخاوف قوى سياسية أخرى أبرزها حزب “الإصلاح”، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
ومنذ شهور، يتبادل “الحوثيون” و”الإصلاحيون”، الذين تحالفوا إبان الانتفاضة ضد الرئيس السابق في عام 2011، الاتهامات حول انتهاكات حقوق الإنسان في مناطق مختلفة في البلاد، خصوصا في محافظة صعدة الشمالية، معقل الجماعة الشيعية المتمردة على الحكومة المركزية في صنعاء منذ 2004.وأمس الاثنين، حذرت صحيفة “الصحوة”، لسان حال حزب “الإصلاح”، من أن الوضع في وسط وجنوب محافظة صعدة “مهيأ للانفجار في أقرب ممكن” بسبب ممارسات “مليشيات الحوثي المسلحة” ضد معارضيها خصوصا أتباع الجماعة السلفية المتشددة التي تتخذ من بلدة “دماج” مركزا رئيسيا لها منذ عقود.
وتزامنت التحذيرات مع تهديدات أطلقها التاجر والزعيم القبلي والقيادي في حزب “الإصلاح”، حميد الأحمر، ب”تصفية” رموز الجماعة الشيعية في صنعاء على خلفية إغلاق “الحوثيين”، الأحد، شركة اتصالات مملوكة له في صعدة.وقال أمين عام حزب الحق الإسلامي الشيعي، حسن زيد، في تصريحات صحفية، إن الأحمر أبلغه بأنه سيستهدف رموز ممثلي جماعة الحوثي المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني “إذا استمر إغلاق الحوثيين لشركة سبأفون” للهاتف النقال في صعدة. ونقل زيد عن الأحمر قوله إن “الجميع معرضون لأي تصرف انتقامي منا بمن فيهم العلامة محمد المنصور”، أحد الرموز الدينية للطائفة الزيدية، وهي مذهب شيعي يقيم معظم أتباعه في اليمن حيث يشكلون أقلية في بلد من أكثرية سنية.
وذكر أمين عام حزب الحق، وهو مكون رئيسي في تكتل “اللقاء المشترك” الذي يقوده “الإصلاح” منذ سنوات، أنه نقل تهديد الأحمر إلى صالح هبرة، رئيس المكتب السياسي لجماعة الحوثي، التي بدورها حملت الحكومة الانتقالية مسؤولية “حماية” ممثليها في مؤتمر الحوار من الأحمر الذي نعته بـ”المجرم” و”تاجر الحروب”. وفيما انتقد بشدة عضو مؤتمر الحوار الوطني، عبدالكريم الخيواني، المحسوب سياسيا على جماعة الحوثي، التاجر الأحمر بسبب تصريحاته، هاجم المحامي والناشط الحقوقي، خالد الآنسي، المحسوب سياسيا على حزب “الإصلاح”، جماعة الحوثي واتهمها بالسعي إلى إشعال حرب قبيلة طائفية في اليمن.
في هذه الأثناء، بحثت لجنة الشؤون العسكرية، المنبثة عن اتفاق نقل السلطة، خطة إعادة الانتشار الأمني في العاصمة صنعاء التي ما تزال تعاني من انفلات أمني بالرغم من التواجد المكثف لقوات الجيش والأمن في مختلف مناطقها. وتضمنت الخطة “تفعيل نقاط التفتيش والمراقبة وتحديد قوامها البشري والمادي ووحدات الدعم والإسناد المطلوبة”، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية “سبأ”.وطالب الاجتماع، الذي ناقش “النتائج السلبية لظاهرة انتشار السلاح والتجوال به” في صنعاء، كافة المواطنين “وفي المقدمة القيادات العسكرية والأمنية والوجاهات الاجتماعية والشخصيات الاعتبارية” في الإسهام الفاعل من أجل الحد من ظاهرة انتشار السلاح ومنع التجوال به في العاصمة.
عدد اليوم
