الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تراجع الأرباح «ضربة قاسية» لأسهم الشركات في البورصة المصرية

تراجع الأرباح «ضربة قاسية» لأسهم الشركات في البورصة المصرية
26 أغسطس 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - جاء تراجع أرباح معظم الشركات المصرية عن أدائها خلال النصف الأول من العام الجاري، ليضع هذه الشركات في مأزق متعدد الأبعاد أمام البنوك الممولة أو حملة أسهم هذه الشركات. ورغم التعافي الذي تشهده البورصة المصرية خلال الأسبوعين الأخيرين، فإن تراجع أرباح معظم الشركات القائدة أدى إلى تدهور أسعار أسهمها، ما انعكس سلباً على قوة المراكز المالية لها. وتتوزع الشركات التي تراجعت أرباحها خلال النصف الأول من العام على معظم القطاعات الاقتصادية الإنتاجية أو الخدمية، إلا أنها تتركز بصفة أساسية في قطاعي الصناعات التحويلية وشركات مواد البناء. ويعود تراجع أرباح شركات الصناعات التحويلية إلى تراجع صادراتها، بينما يعود تراجع أرباح شركات مواد البناء إلى الركود الذي يسيطر على القطاع العقاري المصري منذ أشهر طويلة، وتفاقم خلال الربع الثاني من هذا العام على خلفية ضبابية الموقف السياسي إبان فترة الانتخابات الرئاسية. وحسب رؤية الشركات التي تراجعت أرباحها، فإن ثمة عوامل عديدة أدت إلى التراجع في الأرباح، منها انخفاض المبيعات وارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب تحرير أسعار الطاقة وقرار الحكومة بمحاسبة الشركات على أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي بأثر رجعي من أول يناير 2012، وارتفاع تكلفة العمالة مع الارتفاعات المتتالية في الأجور لامتصاص الغضب العمالي المتصاعد، وعمليات الاعتصام التي طالت معظم الشركات الخاصة الكبرى. وهناك المشكلات التي تعوق تصدير المنتجات المصرية إلى الخارج لأسباب تتعلق بفقدان أسواق تصديرية مهمة أو بسبب عدم القدرة على الالتزام بالتعاقدات التصديرية في الأوقات المناسبة بسبب قطع الطرق وصعوبة الوصول إلى موانئ التصدير في التوقيتات المطلوبة وارتباك عمليات الشحن والتفريغ في الموانئ بسبب الإضرابات العمالية. كما يعود تراجع أرباح الشركات إلى ارتفاع تكلفة التمويل سواء كان مصرفياً مباشراً أو عبر آليات تمويل أخرى مثل الصكوك والتوريق أو بيع حصص من الأسهم لصناديق استثمار قطاعية متخصصة. ووفقاً لمعدلات مؤشر أسعار الفائدة في السوق المصرية، فقد قفز هذا المؤشر من 12 و 13% في المتوسط مع بداية العام إلى 15 و 16% حالياً بسبب نقص السيولة وتوجيه البنوك فائض أموالها لشراء سندات وأذون الخزانة مما زاد من صعوبة الحصول على تمويل مصرفي وارتفاع تكلفة هذا التمويل التي امتصت جانبا من أرباح هذه الشركات. ويرى محللون ماليون وتقارير بيوت الاستثمار أن الميزانيات المعلنة لاسيما للشركات الكبرى العاملة في مجالات إنتاج الحديد والأسمنت والبتروكيماويات والأسمدة والأجهزة المنزلية والسجاد، وغيرها والتي كشفت عن تراجع أرباح هذه الشركات بمعدلات تراوحت بين 35و60% أعطت رسائل سلبية للمستثمرين المحليين أو للشركات الأجنبية المتعاملة مع السوق المصرية خاصة أن الربحية المرتفعة كانت سمة الاستثمار في قطاعي الصناعات التحويلية ومواد البناء في مصر في السنوات الأخيرة بسبب انخفاض تكلفة الطاقة والعمالة والمواد الخام ونمو متواصل للمبيعات على خلفية النشاط الاقتصادي في البلاد خلال السنوات الأخيرة. ويؤكد المحللون أن إعلان تراجع الأرباح أدى إلى فقدان الجاذبية الاستثمارية لأسهم هذه الشركات المتداولة في بورصة الأوراق المالية وامتناع صناديق الاستثمار عن تكوين محافظ تشتمل على هذه الأسهم مما سيؤثر سلباً على أداء البورصة المصرية لا سيما أن أسهم هذه الشركات تمثل نحو 40% من الأسهم المتداولة وتعد من الأسهم القائدة في السوق ويعتمد عليها الكثير من المستثمرين الأفراد في استثماراتهم بالبورصة. وكشف المحللون عن تغير جوهري في استراتيجيات الاستثمار بالبورصة خلال الفترة المقبلة بناء على الميزانيات المعلنة للشركات مؤخراً سواء من جانب الصناديق أو المؤسسات المالية أو المستثمرين الأفراد لا سيما أن عدداً كبيراً من المستثمرين الأفراد المتعاملين في أسهم هذه الشركات من موردي الخدمات أو مقاولي الباطن أو موزعين لمنتجاتها، وبالتالي فإن قرار هؤلاء بالخروج من أسهم هذه الشركات خلال الفترة المقبلة سوف يساهم في مزيد من انخفاض أسعارها. وأشار المحللون إلى أنه من المستبعد أن تستفيد أسهم الشركات التي تراجعت أرباحها من رحلة الصعود الراهنة في البورصة والتي بدأت مع العديد من القرارات الرئاسية التي صدرت في الأيام الماضية وأسفرت عن جني السوق أرباحاً في حدود 19 مليار جنيه تمثل 6% من حجم السوق خلال أيام قليلة، حيث يشيرون إلى أن الصعود الراهن وان كان مؤقتا ومرتبطا بمدى التقدم الذي تحرزه العملية السياسية خلال الأسابيع المقبلة فإن المستفيد الأكبر من رحلة الصعود الراهنة هي أسهم المضاربات المنخفضة القيم السوقية، وبالتالي فإن عزوف المستثمرين عن أسهم الشركات التي تراجعت أرباحها في الفترة الأخيرة سوف يستمر لفترة طويلة قادمة وحتى صدور ميزانيات الربع الثالث من العام في نهاية سبتمبر المقبل. ويؤكد وائل زيادة، رئيس قطاع البحوث في «المجموعة المالية هيرمس القابضة»، أن تراجع أرباح العديد من الشركات، وفقاً للقوائم المالية المعلنة عن فترة النصف الأول من العام الجاري لم يكن مفاجئاً حيث أن هذه القوائم جاءت كنتيجة طبيعية لمقدمات كان يلمسها قطاع الأعمال بوضوح وهناك العديد من المؤشرات التي كانت بادية للعيان ومنها تراجع المبيعات بشكل حاد وارتفاع تكلفة الإنتاج، إلى جانب فترات التوقف الطويلة عن الإنتاج بسبب إضرابات العمال والاعتصامات مما أدى إلى تراجع الإنتاج بصفة عامة في معظم المصانع ومع الزيادات التي تمت على الأجور وأسعار الطاقة. وتوقع زيادة أن تعاود هذه الشركات معدلاتها الربحية السابقة، ولكن على المدى البعيد بشرط قدرتها على استيعاب الزيادة في تكلفة الإنتاج وتعويض فترات التوقف الطويلة عن العمل وابتكار آليات غير تقليدية للحصول على تمويل منخفض التكلفة واستمرار سياسات التوسع؛ لأن استمرار الاعتماد على التمويل البنكي وحده لن يفي مستقبلاً باحتياجات الشركات ناهيك عن ارتفاع تكلفة هذا التمويل، ومن ثم يصبح الحل في اللجوء للبورصة للحصول على التمويل المطلوب عبر طرح أجزاء من رأسمال هذه الشركات للتداول في سوق الأوراق المالية. أما عيسى فتحي، خبير البورصة ورئيس إحدى شركات تداول الأوراق المالية، فيؤكد أن أسهم الشركات التي تراجعت أرباحها دفعت ثمنا فورياً ومباشراً في السوق خلال الأسابيع القليلة الماضية بالإضافة إلى أن هذه الأسهم لم تستفد من الصعود الكبير الذي حققته السوق مؤخراً. وقال فتحي، إن السبب في ذلك يعود إلى أن هذه الأسهم فقدت جاذبيتها ولو مؤقتا بعد إعلان القوائم المالية الأخيرة ومن الصعب عودة المستثمرين للتعامل عليها وان كان ذلك يمثل وضعاً مؤقتاً؛ لأن هذه الأسهم تنتمي لصناعات قوية وإنتاجها مطلوب، بل إن الطلب يزداد عليها ولا تزال تحقق أرباحاً وإن كانت قليلة مقارنة بمعدلات الربحية التي كانت تحققها في السابق والمتوقع عودة المستثمرين والصناديق والمؤسسات المالية للتعامل على أسهم هذه الشركات مع استمرار تحسن أوضاع السوق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©