الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون في أوروبا.. قيود وإحباطات

28 فبراير 2016 23:08
كان «تاباكيكا» يوماً ما مصنعاً للتبغ، أما الآن فهو مليء بالغبار ومضاء بشكل خافت، وقد تحول إلى مركز كئيب لفيضان من اللاجئين القادمين إلى جزيرة «خيوس» اليونانية. يقضي الكثير من اللاجئين ليلتهم الأولى في تاباكيكا، حيث يتجمعون حول مدافئ مثل تلك التي قد تجدها في أحد المطاعم، ويفترشون قطعاً من الورق المقوى أو يجلسون مباشرة على الخرسانة. هذه هي طريقة الترحيب بهم في أوروبا. يصل اللاجئون من بلدان مزقتها الحرب، على متن زوارق كبيرة، وفي كثير من الأحيان يقذف بهم المهربون خارج الزوارق في وقت مبكر، ويتعين عليهم السباحة حتى الشاطئ، ليطؤوا أرضاً باردة ورطبة. ويصاب بعضهم بالصدمة والبعض الآخر بانخفاض في درجات الحرارة، وكلهم يتضورون جوعاً. وقد قامت السلطات اليونانية في الآونة الأخيرة بفتح التسجيل «لنقطة ساخنة» خارج خيوس، ووفرت مقاولاً يقدم الطعام والمياه. لكن هذا ببساطة ليس كافياً لتلبية الطلب، لذا يتم إرسال اللاجئين إلى تاباكيكا، وإسنادهم لمتطوعين، وليس للأمم المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي ولا المنظمات الدولية غير الحكومية، مسؤولين عن شراء الإمدادات، والطهي وتوزيع الوجبات، مقابل 50 سنتاً عن الشخص الواحد. ويستخدم المتطوعون تطبيق «واتس آب» لتعميم رسائل عاجلة. «مطلوب طعام لـ300 شخص في الميناء»، «نحن بحاجة إلى طبيب لشخص لديه كسر في الساق»، «وصل قاربان إلى الشواطئ واللاجئون غارقون من قمة الرأس إلى أخمص القدمين.. هل بإمكان أحد جلب ملابس جافة، خاصة للأطفال؟».. إلخ. وفي حين أن الغذاء والمياه الصالحة للشرب هي بالطبع ضروريات أساسية، فإن توفير الدفء يعد أمراً مهماً للغاية خاصة في شهور الشتاء. وأثناء توزيع البطاطين، بعد غروب الشمس، يكون اللاجئون في حالة يأس. ويتعين على الرجال والنساء المنهكين مواجهة المتطوعين في كل منعطف، سواء عند سحب البطاطين أو دفع لاجئين آخرين أو التنبيه إلى أن هناك طفلاً (بحاجة إلى بطانية). لكن إذا سألت أي متطوع في أي مكان من اليونان، سيقول لك إن الأحذية هي أهم سلعة، أكثر من الغذاء والبطاطين. إن أحذية اللاجئين في حالة شديدة من الاهتراء، إذ دمرتها مياه البحر المالحة والرحلات الشاقة خارج منطقة الشرق الأوسط. لذا أصبح استبدالها ضرورة، فربما تكون أمام اللاجئين مسيرات طويلة وشاقة بين الثلوج. لذا فهم يصطفون للحصول على أحذية، ويعاني المتطوعون من حواجز اللغة، ويتغلبون على ذلك باستخدام إشارات بالأيدي، ولغة إنجليزية ضعيفة وبطاقات تبين الأرقام والمقاسات المطلوبة. وفي أكثر الأحيان، يشير المتطوعون معتذرين إلى صندوق مليء بالأحذية غير متطابقة الأزواج، بعضها كبير أكثر من اللازم وبعضها الآخر أصغر من اللازم. إن الحصول على حذاء مناسب يعد شكلاً من أشكال الرفاهية. ويتم إرسال رسائل على الواتس آب تفيد بنفاد الأحذية: «لم تعد لدينا أحذية! هل من شخص لديه أي أحذية؟». إن أزمة اللاجئين في أوروبا لا تزال في بدايتها فحسب. وإذا كان الاندماج هو في نهاية المطاف الهدف بالنسبة لأولئك الذين لن يتمكنوا أبداً من العودة إلى الوطن، فإن الانطباعات الأولى مهمة، وأولى الانطباعات عن جزيرة خيوس نادراً ما تكون جيدة. لكم فقط أن تتخيلوا الفرار من العنف والمخاطرة بالحياة على أي زورق صغير عبر الأبيض المتوسط، وذلك فقط من أجل الحصول على بطاطين وزوج أحذية. ورغم أن «النقطة الساخنة» الجديدة وغيرها ربما تساهم في تحسين الأمور في الوقت المناسب، فإن هناك سبباً وجيهاً للتفاؤل. إن المتطوعين في اليونان وأماكن أخرى يحاولون تحويل وضع مستحيل إلى وضع مقبول من خلال تبرعات محدودة، سواء كانت عينية أو مالية. وما يهم حقاً هو ما يستطيعون جمعه. إن وجود بطانية رقيقة يولد الإحباط والاستياء، لكن إذا استطاع متطوع إيجاد بطانية دافئة وكوباً ساخناً من الحساء لفتاة صغيرة، فإنها وأبويها سيشعرون بالامتنان ويدينون لشعب القارة التي استضافتهم. *متطوع سابق في جزيرة خيوس، ويعمل مستشاراً للمنظمات الدولية غير الحكومية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©