السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المستهلك.. بوصلة التقنيات الحديثة

المستهلك.. بوصلة التقنيات الحديثة
24 ديسمبر 2018 02:24

إذا شعرت بأن التكنولوجيات الجديدة تنتقل من رحلات طيران خيالية إلى أعمال بمليارات الدولارات بوتيرة أسرع من أي وقت مضى، فهناك أسباب متعددة لذلك.
لنفترض أن شركة أوبر، التي تأسست عام 2009، بدأت في السماح للسائقين بالتسجيل بسياراتهم الخاصة في عام 2013. وبعد مرور خمس سنوات، تعمل الشركة في أكثر من 70 دولة وتنافس عشرات الشركات الأخرى التي تقدم الخدمات نفسها وبالأسلوب نفسه. والآن تفكر «أوبر» في طرح أسهمها للاكتتاب في البورصة في عام 2019 بتقييم محتمل يبلغ 120 مليار دولار، مما يجعلها أكبر اكتتاب أولي في تاريخ الولايات المتحدة، وبفارق كبير عن أكبر اكتتاب مسجل هناك حتى الآن.
عندما تنتقل البرامج الجديدة من «هاكاثون» إلى متجر التطبيقات بين عشية وضحاها، وحتى الأجهزة المعقدة يمكن أن تضرب خطوط الإنتاج في غضون أشهر، فإن العامل الحاسم للنجاح هو نحن كمستهلكين، وعمال، وحتى المنظمين. إذا كانت كل هذه العوامل تتحرك بشكل سليم ومتزامن، فيمكن للتكنولوجيا أن تحوّل معاييرنا الاجتماعية بسرعة.
في مؤتمر «تيك دي لايف» للتكنولوجيا الذي نظمته «وول ستريت جورنال» في مدينة لاغونا بيتش بولاية كاليفورنيا الأميركية، في ديسمبر، أصبح واضحاً عبر عشرات المحادثات والنقاشات خارج جلسات المؤتمر، أن أي شيء نحلم به يمكن أن يصبح ممكناً، فإن أهم العوامل في انتشار التكنولوجيا الآن هي كيفية تقبلنا لهذه التكنولوجيا وكيفية تعاملنا معها وسرعة اعتمادنا عليها في الحياة اليومية. ليس كل تطوير تكنولوجي جديد يؤدي إلى نجاح كبير، مثلما كانت الحال مع «أوبر»، ولكن هنا خمسة اتجاهات تسلط الضوء على هذا التحول.
إن نجاح الصين في تلبية الاحتياجات التكنولوجية في المنزل جعلها رائدة عالمية في هذا القطاع، فمع إخفاقات قليلة لـ «جوجل» ومع المشكلات المتلاحقة لـ «فيسبوك» خلال عام 2018، نجد العديد من العاملين في الشركات الناشئة الصينية يلتزمون بعملهم لدرجة مذهلة، حيث يتبنون جدولاً قاسياً يسمى (9-9-6) ويعني العمل من 9 صباحا إلى 9 مساءً، لمدة ستة أيام في الأسبوع، بنهاية عام 2018 من المتوقع أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة في الإنفاق على مشروعات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي.

قفزات تكنولوجية
وخلال المؤتمر التكنولوجي الذي يعقد كل عام تحدّث باتريك كوليسون، الرئيس التنفيذي لشركة «سترايب»، عن القفزات في مجال التكنولوجيا التي حققتها دول آسيوية خلال الأعوام الماضية، مذكراً بأنه في السابق كانت تعتمد تلك الدول على التكنولوجيا الغربية في الولايات المتحدة وأوروبا فيما يتعلق بكل شيء، سواء الأجهزة الكهربائية في المنازل أو وسائل التنقل الحديثة، وذلك نظرا لعدم وجود بنية تحتية تكنولوجية تُذكر هناك. وأضاف، «الصين الآن لا تحتاج لهذه الخدمات من الغرب، فالتكنولوجيا هناك لا تقل تقدماً عن نظيراتها هنا، ويكفي أن ننظر أي التطور الذي طرأ على الهواتف الجوالة الصينية».
وقال كاي - فو لي الرئيس السابق لشركة جوجل تشاينا والرئيس الحالي لشركة سينوفيشن للاستثمارات، إن الشركات الرائدة في العالم في مجال التعرف إلى الوجوه والطائرات دون طيار موجودة في الصين، كما أن سياراتها الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة تتساوى بالفعل مع نظيراتها في الولايات المتحدة.
وفي الواقع، فإن التقدم التكنولوجي الذي تحققه الصين ينصب في الأساس لمحاولة تلبية طلبات سكانها في المستقبل، حيث يزيد عدد السكان في الصين على مليار نسمة، وما تشير إليه الإحصاءات المختلفة، فإن الهيمنة التكنولوجية الصينية على الأسواق العالمية قادمة في الطريق.
نجحت «أوبر» بالفعل في تغيير حياة العديد من البشر حول العالم، فقد كانت تتطور باستمرار مع كل إنجاز يتحقق لتنتقل من نقل الأفراد إلى الشحن وتوصيل الطعام للمنازل وأماكن العمل. وحسب دارا خوسروشاهي الرئيس التنفيذي لشركة «أوبر»، فإن السوق الإجمالي الذي يمكن أن تحققه الشركة سواء بنقل الأفراد أو الشحن وإيصال الطعام، يبلغ 6 تريليونات دولار.

خدمات النقل الجماعي
نحن لم نعد نسعى للاتصال مع «أوبر» كمجرد شركة سيارات أجرة فقط، فالآن نتصل بها لنقل أغراضنا أو لتوصيل الطعام من المطاعم المختلفة إلينا. وذلك بالإضافة إلى خدمات النقل الجماعي التي تلقى الكثير من الإقبال. وبأخذ كل ذلك في الاعتبار، فسنجد أن «أوبر» غيرت مفهومنا عن التنقل واستخدام سياراتنا الشخصية وحتى نوعية الطعام الذي يمكننا الآن أن نتناوله في منازلنا. وقال خسروشاهي، إنه من المتوقع أن تحقق تجربة توصيل الطعام من «أوبر إيتس» 6 مليارات دولار سنوياً من مبيعات الأغذية مع المطاعم الشركاء في تقديم تلك الخدمة.
ومع ذلك، وتحسباً لطرحها للاكتتاب العام في 2019، تطلق أوبر بالفعل معلومات مالية؛ لذلك نعرف مقدار تكاليف النجاح: فقد خسرت شركة أوبر مبلغا مذهلاً بلغ 1.07 مليار دولار في الربع الماضي، وقالت إنها لا تتوقع تحقيق أرباح خلال ثلاث سنوات على الأقل. فلقد أصبحت الشركات التي تقلد أوبر عديدة مما يؤثر سلباً على حجم أعمال الشركة الرائدة في خدمات نقل الأشخاص، وبالتالي أصبحت أرباح أوبر أقل وضوحاً من أي وقت مضى.
لطالما كانت أوبر رهانا على عاداتنا المتغيرة بقدر قوة الرهان على التقنيات الجديدة. لكي ترقى الشركة إلى قيمتها النبيلة، سيضطر الكثيرون منا إلى شراء أطروحة الشركة بأننا يجب أن نتخلى عن سياراتنا بالكامل، وأن نأخذ أوبر بدلاً من ذلك.
شركات التكنولوجيا تحظى بتأييد حذر في الكونغرس الأميركي، وفي كلمته أمام المؤتمر، كرر الرئيس التنفيذي لشركة ايه تي اند تي الأميركية للاتصالات راندال ستيفنسون دعمه للقواعد الأساسية المفروضة على قطاع التكنولوجيا والتي وصفها بالحيادية. وقد أشار خلال كلمته إلى مذكرة أرسلت في يناير الماضي إلى الكونغرس تدعو إلى فرض «قانون حقوق الإنترنت».

السيارات الطائرة
أردنا سيارات تطير... والآن سنحصل على سيارات تطير. في العام نفسه الذي بدأت فيه شركة أوبر بدعوة السائقين لاستخدام سياراتهم الخاصة، قال الرأسمالي الاستثماري وعضو مجلس إدارة فيسبوك بيتر تيل، إن هناك بطئاً في التقدم التكنولوجي. فما نريده الآن هو أن نحلق بالسيارات، على حد قوله.
في مؤتمر التكنولوجيا، أشار رودين لياسوف رئيس مختبر الابتكار لطائرات إيرباص في وادي السيلكون في الولايات المتحدة، إلى وجود عدد من النماذج الأولية للسيارات القادرة على الطيران، بما في ذلك سيارة كيتي هوك وسيارة فاهانا التجريبية التابعة لشركته.
ما يجعل السيارات الطائرة تتميز عن طائرات الهليكوبتر اليوم هي أنها أصغر حجماً وأخف وزناً، ويقصد بها في النهاية أن تكون شخصية ومستقلة تماماً. فيمكن للهواة والباحثين عن المتعة أن يطيروا بها غداً دون الحاجة لصحبة طيار محترف، وذلك باستثناء حاجز واحد مهم للغاية، فلا أحد يريد التأثير السلبي على إحصائيات سلامة الطيران، التي هي رائعة حالياً. وهذا يعني أن جميع الطائرات التي سيتم استخدامها للخدمات التجارية يجب أن تستمر في الحصول على شهادة خاصة للطيران.
وحتى في ظل أفضل الظروف، فإن الأمر سيستغرق بضع سنوات ومليار دولار لتحويل أحد هذه النماذج الأولية إلى سيارة طائرة يمكن للشركة أن تبيعها.
والسؤال الآن، متى يمكن أن يتحقق حلم الإنتاج التجاري للسيارة الطائرة، هل سيكون في غضون عامين أو 20 سنة؟ كل هذا يتوقف على الوقت الذي ننظر فيه إلى تكنولوجيا الطائرات على أنها آمنة بدرجة كافية لتبنّيها على نطاق واسع.
هناك أدلة قوية على أن جميع الأعمال الروتينية سواء الجسدية والعقلية تتجه نحو الأتمتة، وفي هذا الإطار قال السيد لي من شركة سينوفيشن، إن هذا سيكون له تأثيرات عميقة على طبيعة العمل.
في حين أن الأمر سيستغرق بالتأكيد أكثر من خمس سنوات حتى تتشكل القوى العاملة القادرة على قيادة الأعمال في المستقبل، فإنها تتطلب الكثير من المهندسين والفنيين، خاصةً في مجال البحث والتطوير.
ولكن في حين أن بعض الناس سوف يساعدون في التشغيل الآلي، فإن الآخرين سوف يقاومونه. ومن المحتمل أن يملأ البشر الوظائف التي تتطلب الدفء والتعاطف؛ لأن الأشخاص الذين يتم الاعتناء بهم لا يريدون استخدام الروبوتات في هذا الدور. أهم هذه المهن هي رعاية المسنين في العالم.
ويعتقد السيد لي أن الصحافة ستكون من بين المجالات التي ستكون آلية إلى حد كبير؛ لذلك ينبغي على القراء الاستمتاع بقراءة الصحف بالطريقة التي يعتادون عليها فربما لن يبقى الوضع على ما هو عليه في المستقبل القريب.

بقلم: كريستوفر ميمز

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©