الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

قانون جديد للبنوك المصرية استعداداً لـ «الحوكمة» الدولية

قانون جديد للبنوك المصرية استعداداً لـ «الحوكمة» الدولية
4 سبتمبر 2011 10:47
جاءت التعديلات الأخيرة التي أقرها البنك المركزي المصري على القانون 88 لسنة 2003 تمهيداً لإصدار قانون جديد ينظم الصناعة المصرفية بما يتواكب مع المتغيرات العالمية في هذا المجال بداية لمرحلة جديدة للسوق المالية في مصر يتوافق فيها الأداء مع معايير عالمية لاسيما في مجال “الحوكمة” والشفافية. وتهدف التعديلات إلى إنهاء عصر تعارض المصالح الذي ميز السوق المصرفية في مصر طيلة السنوات الماضية لاسيما على صعيد التداخل بين أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي ورؤساء البنوك العاملة بالسوق سواء كانت حكومية أو استثمارية. كما شمل تعارض المصالح السماح بتعيين أشخاص في عضوية مجلس إدارة البنك المركزي وفي ذات الوقت يمتلكون شركات خاصة تقدم خدمات استشارية، مثل مراقبة الحسابات أو إعادة الهيكلة، مما يسمح لهؤلاء بالاطلاع على أوضاع وأسرار البنوك العاملة في مصر بما يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص بين الأطراف المتنافسة في السوق. «بازل 3» وتهدف التعديلات إلى إعداد البنوك المصرية لمرحلة “بازل 3” واختبارات تحمل الضغوط التي من المقرر أن تتعرض لها هذه البنوك خلال النصف الثاني من العام القادم لتعزيز قدرتها على المنافسة الإقليمية، لاسيما بعد اجتياز العديد من بنوك المنطقة العربية اختبارات التحمل الدولية. وتتضمن التعديلات تطوير نظم “الحوكمة” الداخلية بالبنوك على أن يقوم كل بنك بتطبيقها بما يوافق حجم أعماله ودرجة تعقيدها وسياساته وقدرته على استيعاب المخاطر. كما تشمل التعديلات إلزام البنوك بالإفصاح عن القيمة الإجمالية لما يتقاضاه أكبر عشرين موظفا يشغلون مناصب قيادية في كل بنك ابتداء من القوائم المالية المعدة عن العام المالي المنتهي في عام 2011 وشملت التعديلات خفض عدد أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي من 15 إلى 9 ليقتصر المجلس على المحافظ ونائبيه ورئيس الهيئة العامة للرقابة المالية وممثل وزارة المالية وأربعة أعضاء من ذوي الخبرة. وحظرت التعديلات أن يكون من أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي آي شخص له مصلحة خاصة تتعارض مع ما يتطلبه المنصب من حياد واستقلال والحفاظ على السرية وألا يكون العضو من رؤساء البنوك أو أعضاء مجالس إدارات البنوك أو شركات التمويل أو من العاملين بها وإلا يكون ممن يقدمون خدمات استشارية أو مهنية للبنوك. ويقول أحمد فوده، الخبير المصرفي، إن “القطاع المالي في مصر في حاجة إلى مراجعة التشريعات الحاكمة نظراً للتطورات السريعة والمتلاحقة في صناعة الخدمات المالية وخاصة المصرفية على المستوي العالمي أو المستوى المحلي في السنوات الأخيرة”، مشيراً إلى أن “القانون الحالي للبنوك يخلق العديد من الأوضاع غير المواتية والتي تمس سلامة ونزاهة الدور الرقابي للبنك المركزي فكيف يكون هناك عضو في إدارة البنك المركزي وهو في ذات الوقت يمتلك شركة للمحاسبة والمراجعة القانونية تتولى أعمال مراجعة ميزانيات البنوك”. وأضاف أن هذا الوضع يؤكد تعارض واضح للمصالح واطلاع أطراف على أسرار أطراف أخرى منافسة لها أي أن القانون يقنن أوضاع غير سليمة. وأكد أن التدخل التشريعي لإنهاء هذه الأوضاع غير القانونية أصبح ضرورياً لأن استمرار هذه الأوضاع يمثل انتقاصا من مصداقية وشفافية الصناعة المصرفية في مصر بما ينعكس سلباً على صورة هذه الصناعة لدى الأطراف الخارجية. مرحلة انتقالية وتمثل التعديلات مرحلة انتقالية حيث من المنتظر إصدار قانون جديد للبنوك مع انتخاب البرلمان القادم وسيتم إصدار التعديلات عبر مرسوم من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتساعد البنوك على التعامل خلال المرحلة الانتقالية. وبحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن القانون الجديد للبنوك يأتي في إطار خطة لتطوير وتحديث خدمات القطاع المالي في مصر استناداً إلى مبادئ الشفافية والمنافسة الحرة المعتمدة على تكافؤ الفرص وإبعاد الخدمات المالية عن لعبة السياسة حيث كانت الضغوط السياسية تلعب دورا في تصعيد شركات وكيانات استثمارية وبعض رجال الأعمال في الفترة الماضية وكانت تحاصر بعض الشركات عبر منع القروض أو رفع تكلفة التمويل وغيرها من الآليات التي شهدتها السوق. كما تشمل الخطة تحرير القطاع المالي من سيطرة البيروقراطية الحكومية وتعزيز درجة انفتاحه على الأسواق الخارجية واندماجه مع الاقتصادين الإقليمي والعالمي على ضوء تقارير اقتصادية تشير إلى أن السوق المصرية ستكون أكثر جاذبية بالنسبة للاستثمارات الأجنبية بعد إنجاز عملية التحول الديموقراطي مما يقتضي السماح بإدخال أنواع جديدة من الخدمات المالية التي كانت محظورة في الفترة الماضية سواء في بورصة الأوراق المالية مثل المشتقات والعقود الآجلة وغيرها أو في القطاع المالي المباشر الذي تمثله البنوك مثل السماح للبنوك بالدخول في عمليات تمويل إقليمية عبر فروع لها أو مكاتب خارجية تسعى البنوك المصرية لنشرها في عدد من دول المنطقة. وحسب هذه المعلومات أيضاً فإن الخطة والقانون سيؤديان إلى تحديث البنى التحتية المعلوماتية والتكنولوجية داخل البنوك المصرية بما يعادل المعايير المتعارف عليها عالمياً عبر استثمار مبالغ كبيرة في هذا المجال وإدخال النظم الحديثة في التحويلات المالية وغيرها من الخدمات بما يسهم في دعم أداء الشركات ومساعدة دوائر الأعمال في إنجاز خططها. وكان القطاع المالي في مصر يعاني منذ فترة طويلة عدداً من السلبيات المترتبة على عدم تحديث التشريعات الحاكمة له وعدم تجاوب هذه التشريعات مع التطورات العالمية في مجال “الحوكمة” والشفافية لاسيما مع صدور مقررات “بازل 3” الملزمة لكافة بنوك العالم بما تشمل من اختبارات تحمل الضغوط التي يجب على بنوك المنطقة العربية وفي مقدمتها البنوك المصرية اجتيازها وهو ما بدا واضحاً في الأداء المتراجع لهذه البنوك مع انفجار ثورة 25 يناير. ويرى خبراء مصرفيون أن القانون الجديد للبنوك سوف يمثل الجيل الثاني من خطة الإصلاح المصرفية التي كان البنك المركزي المصري يستعد لإطلاقها بعد التخلص من ملفات التعثر ودمج البنوك الضعيفة في كيانات أقوى وإنجاز مهام زيادات رؤوس أموال البنوك ليصبح الحد الأدنى منها نصف مليار جنيه ، من المنتظر أن تبلغ مليار جنيه في القانون الجديد، وسد فجوة المخصصات وتعلية الاحتياطات المالية وغيرها من الإجراءات التي ساهمت في تعزيز قدرة البنوك المصرية على الصمود في وجه الأزمة المالية العالمية وكذلك مواجهة الأحداث التي ترتبت على ثورة يناير. الجيل الثاني ويشير الخبراء إلى أن الجيل الثاني من خطة الإصلاح سوف يسهم في مساعدة البنوك المصرية على الانتشار الإقليمي في المرحلة القادمة خاصة في عدد من البلدان التي تسعى مصر لترتيب علاقات اقتصادية استراتيجية ومتميزة معها في المرحلة القادمة ومنها ليبيا والسودان. ويؤكد محمود عبد اللطيف، رئيس بنك الأسكندرية السابق ومستشار مجموعة “انتسا سان باولو” الإيطالية، أن المعايير الدولية الخاصة بـ”الحوكمة” والشفافية شهدت تطوراً كبيراً في الفترة الأخيرة وتتطلب لتطبيقها بنية تحتية تشريعية قوية تتواكب مع أحدث القوانين الحاكمة للصناعة المصرفية في العالم وتأتي التحركات الأخيرة في إطار إلحاق الصناعة المصرفية في مصر بقطار الصناعة المصرفية العالمية حتى تستطيع مصر أن تمارس انفتاحاً إيجابياً على الأسواق الخارجية في ظل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ويضيف عبد اللطيف أن البنوك المصرية مقبلة على اختبارات تحمل الضغوط وهي اختبارات قاسية ولم تكن هذه البنوك مؤهلة داخليا سواء على صعيد البنية التحتية وتنفيذ العمليات أو على صعيد الملاءة المالية والقدرة على استيعاب المخاطر إلى جانب خطوط واضحة للفصل بين سلطات المديرين داخل كل بنك ولن تستطيع هذه البنوك حاليا اجتياز هذه الاختبارات الأمر الذي يعني أن إصدار قانون جديد للبنوك في مصر هو الخطوة الأولى لإرساء بنية أساسية تشريعية متطورة وجيدة تتسم بالشفافية والحياد وتسمح للبنوك بالتطور في اتجاه ما يحدث في هذه الصناعة على مستوى العالم.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©