الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

يا أبتِ.. إلعني أو باركني

يا أبتِ.. إلعني أو باركني
20 ديسمبر 2018 01:30

شعر: توماس ديلان
ترجمة: أ. ح.

فلتنم في هدأ العاصفة
دعك ساكناً.. ولتنم في هدأة العاصفة!
دعك ساكناً.. ولتنم في هدأة العاصفة، بذاك الجرح في الحنجرة، الذي يجعلك تتلظى وتتقلب.
طافون نحن.. كامل الليل على صفحة البحر الصموت، حين تهادى إلى سمعنا صوت كان يطلقه ذلك الجرح الملفوف في ملاءة من ملح.
بعيداً، تحت ضوء القمر، ارتجفنا ونحن ننصت إلى ارتفاع الموج الهادر للمحيط، كدمدمة جرح صاخب؛ وحين تمزقت ملاءة الملح في زوبعة من الأناشيد، طفحت في الريح، أصوات كل أولئك الذين هلكوا. لتفتحْ مسلكا عبر الشراع الوئيد والحزين لتلقي في مهب الريح أبواب المركب التائه، كيما تبدأ رحلتي إلى منتهى جرحي النازف. لقد أنصتنا إلى الأمواج الهادرة للمحيط وهي تغني، ورأينا ملاءة الملح تروي قصتها.
دعك ساكناً.. ولتنم في هدأة العاصفة، ولتخف فمك في حنجرتك، وإلا سيكون علينا الإمتثال، وبرفقتك التراكب في جحافل الغرقى..

فني المتجهم
في صناعتي، أو قل في فني المتجهم،
الذي كنت أمارسه في هدأة الليل حين يكون القمر متوترا وحين يستلقي العشاق، محتضنين أوجاعهم،
أعمل مستأنساً بالغناء،
لا أنشد بذلك خبزا، ولا يحفزني أي طموح،
لا أبتغي به التظاهر ولا تسويق.. الفتنة على المسارح العاجية،
وإنما للظفر بالأسرار المودعة في القلوب.
لا أهب هذا الفن للمغرور المتفاخر الذاهل عن القمر المهتاج،
أكتب على تلك الأوراق التي بللها رذاذ البحر،
لا للموتى المتشامخين ببلابلهم ومزاميرهم،
وإنما للعشاق وأذرعهم التي تحضن ما يحمله الزمن من هموم وأحزان،
ويقبلون على فني المتجهم، لا يحدوهم حرص ولا تمجيد..

لا تمضي دون شدة في هذا الليل الفاتن
لا تمضي دون شدة في هذا الليل الفاتن،
فالعمر الطاعن ينبغي أن يلتهب ويهتاج.
عندما يتوارى النهار فلنصرخ ولنعصف في حضرة تلاشي الضياء!
يرى العاقلون، حين اقتراب النهاية، أن الظلام حق لأن كلماتهم لم تركب أية صاعقة
فيمضون بدون شدة في هذا الليل الفاتن.
خيار الناس، متى مضت الموجة الأخيرة،
يرسلون الصيحة مجلجلة إذ كان بإمكان أعمالهم الهشة أن تراقص مشكاة الأنوار
فيصرخون ويعصفون في حضرة تلاشي الضياء.
الجامحون.. المتضرعون، الذين هزجوا للشمس وهي في ذروة البهاء حين يدركون، متأخرين، بأنهم أزعجوها في طوافها لا يمضون دون شدة في هذا الليل الفاتن.
العقلاء الجادون، الذين يستشرفون الموت، وغدا بصرهم ينبئ بالعماء
يدركون بأن أعينهم يمكن أن تلتمع مبتهجة كالنيازك يصرخون ويعصفون في حضرة تلاشي الضياء.
وأنت يا أبتِ، يا من تعتصم بتلك التلة الحزينة
إلعني أو باركني بدموعك المتوقدة،
وإني لأتوسل إليك.. لا تمضي دون شدة في هذا الليل الفاتن!
واصرخ واعصف في حضرة تلاشي الضياء!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©