الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مرونة التجارة الخارجية تعزز صلابة الاقتصاد الإماراتي أمام انعكاسات أزمة الديون السيادية الأوروبية

مرونة التجارة الخارجية تعزز صلابة الاقتصاد الإماراتي أمام انعكاسات أزمة الديون السيادية الأوروبية
21 أغسطس 2012
تعزز المرونة التي يتمتع بها هيكل التجارة الخارجية لدولة الإمارات من صلابة الاقتصاد الوطني في مواجهة رياح أزمة الديون السيادية الأوربية التي باتت تشكل تحدياً حقيقياً للاقتصاد العالمي برمته، وفقا لخبراء اقتصاديين. ويرى هؤلاء أن تراجع سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة أمام الدرهم الإماراتي بنسبة زادت عن 6% خلال النصف الأول من العام الحالي، سيلعب دورا مهما في إنعاش الورادات الإماراتية من الأسواق الأوروبية نتيجة الانخفاض الملحوظ في كلفة الاستيراد. وقالوا إن الفترة الماضية شهدت نموا ملحوظاً في ورادات الدولة من الأسواق الأوروبية الرئيسية وخاصة ألمانيا وفرنسا وسويسرا وبريطانيا، للاستفادة من التراجع القوي في اليورو الذي انعكس على العملات الأوروبية الأخرى كالجنيه الاسترليني والفرنك السويسري. ووفقاً لإحصاءات الاتحاد الأوروبي، جاءت الإمارات في المركز العاشر بين أكبر أسواق الصادرات الأوروبية في 2011، وفي المركز 17 بين أكبر الشركاء التجاريين لدول الاتحاد الأوروبي في العام الماضي، وفي المرتبة 37 عالمياً بين أكبر المصدرين للاتحاد الأوروبي. وبحسب الإحصاءات فقد نمت قيمة التجارة بين الإمارات والاتحاد الأوروبي بحوالي 24% في العام الماضي لتصل إلى 42 مليار يورو (200 مليار درهم) في العام الماضي، مقابل 33,6 مليار يورو (62 ,158) في 2010. وأظهرت البيانات نموا في قيمة واردات الدولة من دول الاتحاد الأوروبي بنحو 18% لترتفع من 27,8 مليار يورو (18 ,131 مليار درهم) في 2010 إلى 61 ,32 مليار يورو (32,154 مليار درهم في 2011). ورغم الانعكاسات الإيجابية لانخفاض اليورو على الواردات الإماراتية، إلا أن الخبراء يرون في المقابل أن استمرار ضعف اليورو وهبوطه الى مستويات أكبر مع تفاقم حدة أزمة الديون، يعتبر تحدياً جديدا لأسواق الصادرات وإعادة الصادرات من الإمارات، إلى دول الاتحاد الأوروبي التي سجلت ارتفاعا قويا في العام الماضي بلغت نسبته 51% مرتفعة من 5,8 مليار يورو (45 ,27 مليار درهم) في 2010 إلى 8,8 مليار يورو (41,5 مليار درهم) في العام 2011. مرونة وتحديات وفي الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من خروج تداعيات هذه الأزمة عن النطاق الأوروبي لتطال عدواها مناطق أخرى في العالم، تبدو هناك حالة من الترقب والتباين بين المخاطر التي قد تحدق بالاقتصاد العالمي مع دخول منطقة اليورو في موجة من الركود، وبين دراسة المكاسب التي قد تشهدها اقتصادات أخرى تمتلك المرونة الكافية للتعامل مع مثل هذه الأزمات وتحويلها الى فرصة لاقتناص المكاسب. ويشير المهندس حمد بوعميم المدير العام لغرفة تجارة وصناعة دبي الى انه في حال استمرار انخفاض قيمة اليورو، فإن ذلك سيؤثر على الصادرات وإعادة الصادرات، لافتا الى أن العديد من الدول ومنها الأوروبية، التي تستورد من دبي قد تلجأ إلى الاستيراد من أسواقٍ أوروبية وتدفع نسبياً أقل لوارداتها، وعلى المدى المتوسط سيؤدي ذلك إلى خسارة تجارة دبي لبعض حصصها من السوق التجارية العالمية. وقال انه مع تزايد التوقعات بإمكانية تعرض أوروبا لانكماشٍ اقتصادي، مصحوب بانخفاض في ثقة المستهلكين فإن ذلك سينعكس انخفاضاً في التجارة العالمية، الأمر الذي سيؤثر تلقائياً على أداء قطاع التجارة في دبي”. ولكن رغم هذه الانعكاسات اشار بوعميم إلى ناحية إيجابيةٍ للأزمة تتمثل في ان مجتمع الأعمال في دبي والإمارات قد تعلم واستفاد من دروس الأزمة المالية العالمية، فأصبح خبيراً في الأسواق العالمية، ومرناً في تحديد وتغيير وجهات وأسواق تجارته حسب معطيات السوق. وأكد بوعميم ان التحديات الناتجة عن أزمة الديون السيادية الأوروبية، رغم جديتها، تعتبر أقل تأثيراً من تلك التي واجهناها في 2008-2009، مشيرا الى ان مجتمع الأعمال مؤهلٌ ويمتلك كل الخبرة للتعايش والتأقلم مع هذه الأزمة، والخروج منها أكثر قوةً وبأقل الأضرار. من جهته يرى الخبير المالي أسامة آل رحمة المدير العام لشركة الفردان للصرافة أن انخفاض اليورو خلال الأشهر الماضية كان له انعكاسات إيجابية على واردات الدولة من الأسواق الأوربية التي تستحوذ على 25% من واردات الدولة. مكاسب الدرهم وقال آل رحمة إن ارتفاع الدولار مقابل اليورو أعطى الدرهم زخماً كبيرا، مما زاد من حركة التحويلات وكذلك من شهية المستثمرين للاقبال على التحوط، لافتا الى أن استمرار انخفاض سعر صرف اليورو أدى إلى ازدياد حجم التحويلات التجارية من الدولة، إضافة إلى زيادة استخدام المشتقات المالية التي يستفيد منها المستثمرون للتحوط وشراء العقود الآجلة في ظل استمرار حالة الارتفاع والهبوط الأسبوعي في أسواق تداول العملات الرئيسة كاليورو والفرنك السويسري، بالإضافة إلى الاستفادة من النسب السعرية المخفضة للعملة الأوروبية. ويلفت آل رحمة إلى ان استمرار الأزمة الأوروبية الى الحد الذي قد تتسع وتخرج معه عن حدود السيطرة، قد يشكل تهديدا في المقابل للاقتصاد العالمي ويفرض تحديات جديدة على التجارة الإماراتية، لافتا الى ان عدم الاتفاق على حلول موحدة لحلحلة هذه الأزمة مع استمرار حالة عدم اليقين من شأنه أن يدفع الاقتصاد العالمي الى الدخول في موجة ركود تؤثر على النمو العالمي وحركة التجارة الدولية، مشيرا الى أن البلدان التي تشهد نموا في اقتصادها باعتمادها على حركة التصدير قد تتأثر سلباً بتباطؤ التجارة. يشار الى ان منتجات الوقود والمعادن الأولية تستحوذ على حصة الأسد من صادرات الدولة إلى دول الاتحاد الأوروبي حيث بلغت قيمة صادرات الدولة منها حوالي 4,1 مليار يورو في 2011، فيما وصلت قيمة صادرات الإمارات من المنتجات شبه المصنعة لدول الاتحاد الأوروبي حوالي 2,3 مليار يورو في العام الماضي. من جهته يرى ميشيل عياط الرئيس التنفيذي لشركة العربية للسيارات التابعة لمجموعة الرستماني، أن التراجع القوي لليورو أمام الدرهم خلال الأشهر الماضية والذي فرضته أزمة الديون السيادية في أوروباً، كان له انعكاس مباشر على نمو الواردات الإماراتية من أوروبا خلال هذه الفترة. وقال أن التذبذب الكبير في اسعار العملات يجرى التعامل معه من خلال اتفاقية بين المصنعين والمستوردين لمراجعة دورية للأسعار، لافتا الى تضمين هذه الاتفاقيات لهامش من التحرك صعوداً وهبوطاً. ولفت عياط الى أن تراجع كلفة الاستيراد ساهم في خفض الأسعار وبالتالي زيادة المبيعات في الأسواق، لافتا إلى أن أسعار العملات تلعب دورا مهما في تحديد الطلب على المنتجات، مشيرا الى تأثر واردات الإمارات من السيارات اليابانية في السابق مع الارتفاع الكبير في قيمة الين الياباني. قوة الاقتصاد الإماراتي وتشير دراسة حديثة لوزارة التجارة الخارجية حول الآثار الاقتصادية للازمة الأوروبية على حجم التبادل التجاري الإماراتي مع دول الاتحاد الأوربي، الى عدم وجود أثر للازمة الأوروبية على التبادل التجاري بين الإمارات ودول الاتحاد الأوروبي. وترى الدراسة التي أعدها الدكتور عبد الحميد رضوان انه على الرغم من المخاطر وعدم اليقين التى تحيط بآفاق الاقتصاد العالمي، فإن اقتصاد دولة الإمارات جاهز لمواجهة تحديات المستقبل ومواصلة تحقيق الازدهار، نتيجة وجود موارد للطاقة وموارد ومالية قوية وبنوك ذات ملاءة مالية وحكومة ملتزمة بالتنويع الاقتصادي. ويتصف هيكل التجارة الخارجية الإماراتية وفقا للدراس، بعدد من الخصائص التي تحدد عناصر التفاعل مع الاقتصاديات الدولية، وأول تلك الخصائص ارتفاع نسبة مساهمة الواردات إلى 65% من هيكل التجارة الخارجية، والنسبة الباقية موزعة على الصادرات بنسبة 11% وإعادة التصدير 24%، ( في الحالة الأوروبية نسبة مساهمة الواردات 89% والنسبة الباقية 11% للصادرات وإعادة التصدير). وتفيد خاصية ارتفاع نسبة مساهمة الواردات في هيكل التجارة الخارجية في حال كون الاقتصاد المحلي في مرحلة نمو، في تخفيض اثر الأزمات الاقتصادية الإقليمية على الاقتصاد الإماراتي لانحصار منطقة التأثير في نطاق الصادرات وإعادة التصدير الإماراتي سواء كان تأثير مباشرا أو غير مباشر. وثاني أهم خصائص هيكل التجارة الخارجية الإماراتية هي التنوع الجغرافي لأسواق التجارة الخارجية للدولة، حيث يتم التعامل مع أكثر من 202 سوقا حول العالم، وبتقسيم تلك الأسواق لمجموعات دول تأتي مساهمة مجموعة الأسواق الآسيوية بنسبة 51%، ثم مجموعة الأسواق الأوروبية بنسبة 21% والأمريكية في المرتبة الثالثة بنسبة 8% وذلك في عام 2010. وقامت الدارسة باستخدام الفترة الزمنية للازمة المالية العالمية في عام 2009 وقياس الأثر قبلها باستخدام عام 2008 كعام الرواج الاقتصادي ثم استخدام عام 2010 كعام التعافي الاقتصادي وتسمي بالفترة الزمنية الأولى. وتم استكمال التحليل بفترة التسعة أشهر الأولى من عام 2011 وتسمى الفترة الزمنية الثانية. وبتحليل الفترة الزمنية الأولى المختصة ببيان اثر الأزمة المالية على هيكل التجارة الخارجية الإماراتي بصفة عامة ودول الاتحاد الأوربي بصفة خاصة فقد تبين وجود تأثير للازمة المالية لعام 2009 على التجارة الخارجية للدولة، فحققت انخفاضاً بنسبة 14% ومع دول الاتحاد انخفض حجم التجارة الخارجية بنسبة 24%، حيث أن متغيرات الأزمة المالية كانت ذات أثر انكماشي على كافة الاقتصادات الدولية وتأثر بها الاقتصاد الإماراتي من خلال انخفاض حجم الواردات وتأثر بالاقتصاديات الدولية من خلال انخفاض حجم الصادرات وإعادة التصدير، وقد أفاد تحليل تلك الفترة من أن التجارة الخارجية الإماراتية تحمل درجة تأثر مع الأزمات الاقتصادية خاصة مع الدول الأوروبية. وبتحليل الفترة الزمنية الثانية التي تشمل فترة التسعة أشهر الأولى من عام 2011 كان من أهم ملامحها أن الاقتصاد الإماراتي في مرحلة استمرار التعافي من الأزمة المالية العالمية وتحقيق معدلات نمو إيجابية بينما دول الاتحاد الأوروبي تدخل في الأزمة المالية الأوروبية، وأظهر تحليل تلك الفترة عدم وجود أي تأثير للازمة الأوروبية على التجارة الخارجية للدولة مع أهم دول الاتحاد الأوربي(ألمانيا، بريطانيا، ايطاليا، فرنسا، بلجيكا) والتي تمثل التجارة الخارجية الإماراتية معها 85% من حجم التجارة مع دول الاتحاد الأوربي. وفيما يتعلق بالتبادل التجاري مع اليونان في فترة التسعة أشهر الأولى من عام 2011 فقد حقق معدل نمو بنسبة 7% والأهم هو نمو الصادرات إليها بنسبة 61%، واستكمالاً لمجموعة الدول الأوروبية ذات الصلة المباشرة بالأزمة فقد شهدت أيضا معدلات نمو ايجابية للتبادل التجاري خاصة في القطاع التصديري، لذلك يمكن القول بعدم وجود اثر للازمة الأوربية على التبادل التجاري بين الإمارات ودول الاتحاد الأوروبي في ظل بيانات الفترة الثانية. وقالت الدارسة أن الاقتصاد الإماراتي شهد تحولات كبيرة وواضحة خلال العقود الثلاثة الماضية تمثلت في تطوره من اقتصاد يعتمد على سلعة واحدة إلى اقتصاد أكثر تنوعاً وانفتاحاً. وبداية عملية التحول بدأت عند تدهور أسعار النفط في الثمانينيات من القرن الماضي وما صاحبها من تداعيات اقتصادية ومالية سلبية مما استدعى ضرورة النظر في هياكل الإنتاج والاستثمار والتجارة الخارجية ، والتطوير من أجل التنويع لمصادر الدخل القومي وتحقيق نمو مستدام. وبدأت القطاعات غير النفطية تؤدي دوراً هاماً في الأداء الاقتصادي كالقطاع الصناعي والخدمي وقطاعات التشييد والبناء والنقل، وتعتبر الإمارات من أقل دول مجلس التعاون الخليجي اعتماداً على النفط رغم كبر حجم صادراتها النفطية وكونها من أكبر المصدرين على المستوى العالمي. وقد أدى ارتفاع مساهمة القطاعات غير النفطية في الاستثمار والصادرات والإنتاج إلى رفع حصانة الاقتصاد ودعم قدرته في مواجهة الصدمات الخارجية وذلك من خلال امتصاص الآثار السلبية لتذبذبات أسعار النفط. ويعزي الاستقرار الاقتصادي الذي شهدته الدولة بصورة كبيرة إلى ارتفاع وتيرة التنوع في الأنشطة الاقتصادية ووجود معدلات نمو للناتج المحلي الحقيقي تتسم بالاستمرارية وزيادة دور القطاع الخاص في المساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي. منحنى النمو ? استطاع الاقتصاد الإماراتي أن يتعافى من الآثار الاقتصادية للأزمة المالية العالمية والدخول لمنحنى النمو الايجابي للناتج المحلي الإجمالي بفضل تحقيق كثير من القطاعات الاقتصادية لأرقام نمو إيجابية خاصة قطاع التجارة الخارجية الذي حقق نمواً بنسبة 14% في عام 2010 مقارنة بمعدل نمو سلبي 14% في عام 2009. وقالت الدراسة إن الأزمة المالية العالمية أفرزت وجود عدد من قنوات الاتصال لانتقال التأثيرات بين اقتصاديات دول العالم في التأثر بالأزمات المالية العالمية، وتصنف إلى آثار مباشرة وآثار غير مباشرة، وتتوقف درجة التأثر وانتقال تلك القنوات من التأثير على درجة انفتاح الاقتصاد على الاقتصاد العالمي. و اكتسب الاقتصاد الإماراتي خلال فترة الركود العالمي رؤية جديدة حول كيفية إيجاد حلول لمواجهة الأزمات المالية العالمية، وأشارت مجموعة من التقارير المحلية الصادرة عن المصرف المركز الإماراتي أن الاقتصاد يعد بمنأى عن خطر أزمة ديون اليونان حيث لا توجد علاقة من حيث التدفقات المالية أو من حيث العلاقات الاقتصادية، وأما عن تأثير الأزمة على قطاع البنوك فإن قطاع البنوك يتمتع بمستوى عال من رأس المال والاحتياطي وحتى لو وجد تعَرض من بعض البنوك الإماراتية لديون اليونان فإنها سوف تكون شيئا ضئيلا، كما أن المصرف المركزي الإماراتي لا يواجه أي مخاطر من تقلبات اليورو وذلك لأن محفظته بالدولار بنسبة 100%. وبحسب الدراسة فقد لاقى الدرهم دعماً إيجابياً من التراجع الكبير الذي شهده اليورو حيث ارتفع الدرهم مقابل اليورو بنسبة 7% في الفترة الأخيرة كما سجل الدرهم ارتفاعاً أيضا بنسبة 5.4% أمام الجنيه الإسترليني، الأمر الذي أدى إلى تراجع تكلفة الواردات من المنطقة الأوروبية.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©