الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تأثر القدرات والتوافق النفسي والاجتماعي أهم مشاكل الشيخوخة

تأثر القدرات والتوافق النفسي والاجتماعي أهم مشاكل الشيخوخة
15 سبتمبر 2014 20:36
«الشيخوخة» مرحلة طبيعية من عمر الإنسان، فيها تبدأ عملية إنتاج هورمون «المايلين» بالانخفاض، ما يؤدي إلى إضعاف عمل الدماغ والقلب وظهور اضطرابات في وظيفة الجهاز العضلي للشخص، وإنما بصور وأشكال متفاوتة بطبيعة الحال، وحيث تبدأ التجاعيد وخطوط الزمن تظهر في هذا العمر، ويفقد الجلد مرونته ورونقه، ويبدأ الشعر بالتساقط أو البياض. وأظهرت دراسة أميركية حديثة أن الشيخوخة لا يمكن أن تبدأ في العمر نفسه لدى الرجال والنساء؛ لأن متوسط عمر النساء أطول، ما يعني منطقياً أن مرحلة شيخوختهن ينبغي أن تبدأ في عمر أكبر. لكن هناك صورة نمطية أو مفهوم مشترك عند الناس بأن الشخص المسّن أنه يتحرك ببطء ويفكر ببطء، ويقاوم التغيير، ويعاني تدهوراً في قدراته الجسمية والعقلية، وأنه يصبح في النهاية كالطفل من حيث اعتماده على الآخرين. هذه الصورة النمطية فكرة خاطئة إذا جرى تعميمها على كل المسنيّن. فالباحثون يميزون بين «المسّن - الشاب» و«المسّن - المسّن». فالكثير من المتقاعدين، أو من هم في سن السبعين، أصحاء ونشطاء ويعيشون في انسجام مع أسرهم ومجتمعهم، فهناك فكرتان خاطئتان تستحقان التوقف عندهما، الأولى تقول: إن القوى الذهنية والإبداعية تضعف أو تتدهور لدى المسّن. والثانية تقول: إن الحاجة الجنسية لدى المسن تضعف أو تنعدم. ففيما يخص الوظيفة الذهنية والإبداعية، فإن الكثير من الفلاسفة والسياسيين، والكتّاب والفنانين، ظلوا على نشاطهم الإبداعي طوال حياتهم. توافق يعلق الدكتور أمان الدويني، الاستشاري بمستشفى النور في أبوظبي على هاتين الفكرتين، ويقول: «الباحثون وجدوا في أن المسنيّن تتحسن درجاتهم في اختبارات الذكاء، وتتحسن أيضاً مهاراتهم اللفظية، وقدراتهم على التعامل بذكاء مع مشكلات الحياة اليومية. أما التدهور أو الضعف العقلي، فقد يكون ناجماً عن أمراض متعلقة بالعمر، وليس بالشيخوخة بحد ذاتها. وفيما يخص القدرة الجنسية فان الباحثين يشيرون إلى أنه لا توجد «نهاية» حتمية للنشاط الجنسي ترتبط بتقدم العمر، فالشخص يمكن أن يظل نشطاً جنسياً طوال حياته. لكن هل تتغير سمات الفرد أو خصائصه الشخصية أو حالته المزاجية بتقدمه في العمر؟». فالذي كان في ثلاثيناته كريماً ومحباً للاختلاط بالناس ولديه ثقة بنفسه لا يتحول في ستينياته إلى بخيل ومنعزل وضعيف الثقة بنفسه. والأفراد الذين يشعرون بالقلق والعداء والاكتئاب والاندفاعية وهم في عمر السبعين كان معظمهم كذلك حين كانوا بعمر الأربعين أو العشرين. هذا يعني أن الخصائص الأساسية في الشخصية تميل إلى أن تبقى، كما هي في حياة الفرد، وأن المسّن يميل إلى أن يبقى يفكر ويتصرف ويتفاعل مع الآخرين كما كان أيام شبابه. وبعكس ما يعتقد كثيرون، فإنه لا يحصل تغيير مفاجئ في نمط الشخصية. صحيح أن المسّن يواجه مشكلات تتعلق بالتوافق النفسي والاجتماعي، غير أن هذا لا يحصل بشكل مفاجئ، بحيث يصبح شخصاً مختلفاً. وما ذكرناه لا يعني عدم وجود تغيرات على الإطلاق، فقد توصلت دراسة إلى أن الأشخاص الذين يحافظون على أسلوب حياتهم كلما تقدم بهم العمر يقل الرضا عن النفس لديهم، غير أنها عزت السبب إلى الصحة وليس إلى العمر. وهنالك بالطبع تنوع في استمرارية الحياة، فبعض المسنين يتوقفون عن النشاطات التي كانوا يمارسونها، فيما يستمر البعض الآخر في العمل ومتابعة ممارسة الهوايات والاهتمامات». الذاكرة يضيف الدكتور الدويني: «بالرغم من أننا لا نعرف حتى الآن بوجود مواقع محددة في المخ مسؤولة عن التذكر، فإننا نعرف أنه يمكن أن يُعاني بعض كبار السن من تدهور الذاكرة القريبة فيما تظل الذاكرة البعيدة لديهم نشطة وفعَّالة. وهنالك تباين كبير بين المسنيّن في كمية ونوعية ما يتذكرونه من معلومات، لأن عملية التذكر تتأثر بالعوامل الشخصية والمزاجية للفرد. ولهذا ينبغي أن تعطي للمسن فترة أطول للتذكر، وأن يكون الكلام معه على مهل. ومعروف أننا نتذكر الأحداث أو الأشياء المهمة لنا أكثر من تلك التي لا نعيرها أهمية، ونتذكر الأشياء السارّة أكثر من المؤلمة، بعبارة أخرى: نحن ننسى لأننا نحب أن ننسى لا لأننا عاجزون عن التذكر». ويعدّ فقدان النشاط في كثير من القدرات العقلية مصدراً آخر للإحباط والتأزم لدى عدد من كبار السن. ويبدو أن ضيق دائرة العلاقات الاجتماعية في هذا السن، والتقوقع على الذات من العوامل التي تترك آثارها على أساليب التفكير فتتضاءل القدرة على التجريد واستخدام المفاهيم ويحل محلهما اهتمام بالعلاقات العيانية الملموسة والأفكار ذات المضامين الذاتية. ويقل ميل المسنين في هذا السن إلى الاستكشاف وحب المغامرة وتغيير البيئة، ولهذا تزداد نسبة المحافظة في الاتجاهات، والسلبية، والاستسلام للبيئة. كما يقل اهتمامهم بالنشاطات الخارجية. وبالرغم مما قد تبدو به هذه التغيرات من صورة سلبية، فإن البعض يراها دليلاً على الاقتصاد في استخدام الطاقة النفسية ودليلاً على تطوير الجوانب الانفعالية بحيث تكون أهدأ مما كانت عليه في عالم الشباب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©