الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تايلاند تفقد «عرش» صادرات الأرز حتى إشعار آخر

تايلاند تفقد «عرش» صادرات الأرز حتى إشعار آخر
18 أغسطس 2012
تدهور وضع قطاع الأرز التايلاندي مع سعي المزارعين وراء الكم وإهمال الجودة، لتتوافر بذلك كميات بملايين الأطنان دون أن تجد من يرغب في شرائها، ما تسبب في خسائر ضخمة لخزينة الدولة وللشركات المصدرة. وما ساند الحكومة للفوز بالانتخابات الماضية، وعدها للمزارعين بشراء إنتاجهم من الأرز بضعف سعر السوق بهدف مساعدة الفقراء منهم، تلك السياسة التي ولدت نتائج عكسية برفع أسعار الأرز لمستويات كبيرة صعبت من أمر شرائه. ونتيجة لذلك، انخفضت صادرات تايلاند من الأرز بنسبة 45% إلى 3,45 مليون طن خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من 2011. وتتوقع “رابطة مصدري الأرز” في تايلاند، ألا يتجاوز صادر البلاد 6,5 مليون طن للسنة ككل، مقارنة بالإنتاج السنوي العادي بين 8 و10 ملايين طن، ما يعني فقدانها لمرتبة الشرف كأكبر مصدر للأرز في العالم للهند أو فيتنام. وفي ظل المعاناة، بدأت شركات التصدير الكبيرة في البحث عن فرص في بلدان أخرى أو بالدخول في نشاطات مختلفة، مثل العقارات أو معالجة المواد الغذائية. ويقول مدير الرابطة كوربسوك لامسوري: “ليس أمام الشركات الصغيرة أي خيار غير مغادرة القطاع، خاصة تلك التي لا يتجاوز صادرها بين 50 و100 ألف طن سنوياً”. وفي غضون ذلك، توقفت بالفعل 20 شركة عن تصدير الأرز، من ضمنها “آسيا جولدن رايس” ثاني أكبر شركة لتصدير السلعة في تايلاند التي اتجهت نحو الاستثمار في عمليات الطحن والتصدير من كمبوديا المجاورة، نظراً لانخفاض التكلفة. كما قلصت شركة “يوتاي للإنتاج” حجم صادراتها من تايلاند، حيث بدأت في توفير السلعة من كمبوديا وفيتنام وباكستان ودول أخرى، لعملائها في أميركا وكندا وبعض الدول الآسيوية. ويقول مدير الشركة شاروين لاوثاماتاس، :”لا نزال نملك الخبرة والرغبة في تصدير الأرز. ونحن نقوم الآن باستغلال هذه الخبرة فقط لزيادة الصادرات لبلدان أخرى. ومن الممكن التوقف عن مزاولة تجارة الأرز في تايلاند في يوم من الأيام في حالة استمرار الحكومة في سياستها الراهنة”. ويقول وزير التجارة التايلندي بونسونج تيريابيروم، في لهجة خالية من الاعتذار بما سببه البرنامج الحكومي من ضرر: “كان الهدف من سياستنا هو دعم المزارعين، وللقيام بذلك لا بد من خسائر”. وبغض النظر عن الخسائر الكبيرة التي تلقتها ميزانية الدولة، مددت الحكومة البرنامج إلى ما بعد تاريخ انتهائه في يونيو الماضي، ليستمر حتى موسم الإنتاج الرئيسي في أكتوبر المقبل. وأنفقت الحكومة على البرنامج حتى الآن نحو 260 مليار بات (8,26 مليار دولار)، وخصصت الحكومة مبلغ 300 مليار بات أخرى للفترة بعد أكتوبر والتي تساوي إجمالي عجز الميزانية المستهدف للسنة المالية 2013/2012. ومع أنه ليس من المتوقع خسارة كل هذا المبلغ، إلا أن “صندوق النقد الدولي”، يقدر تكلفة البرنامج بنحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، حتى قبل خصم تكاليف التخزين والإدارة، التي تقدر بنحو 3,8 مليار دولار سنوياً. وفي ظل هذا، تفترض الحكومة الحصول على مشترين لكمية الأرز المطحونة والمخزنة البالغة 10 ملايين طن. وباعت تايلاند نحو 240,000 ألف طن لساحل العاج في يوليو الماضي، إلا أن المشترين عموماً تحولوا إلى مناطق أخرى، حيث تراجعت سمعة البلاد فيما يتعلق بالكفاءة اللوجستية ودرجة الثقة في ظل وتيرة خفض التكاليف التي صاحبت الأرز الهندي والفيتنامي. وتبلغ تكلفة طن الأرز التايلاندي حتى بلوغ مرحلة التصدير، نحو 700 دولار للطن الواحد، في الوقت الذي لا يتجاوز السعر الذي تعرضه كل من الهند وفيتنام 430 دولاراً للطن، أي أقل من سعر التكلفة بنحو 40%. وعادة ما تؤثر تايلاند على أسعار الأرز العالمية، لكن ليس هذا العام، وذلك نظراً لعودة الهند للسوق بعد 4 سنوات من الغياب بسبب أزمة المواد الغذائية في البلاد في 2007 -2008. وفي أحسن حالاته، بلغ سعر الأرز التايلاندي نحو 640 دولاراً للطن خلال العام الحالي، إلا أن الشركات تعرض في الوقت الحالي 580 دولاراً للطن مستغلة حاجة المزارعين للسيولة. ولم يعد العديد من المزارعين يولون اهتماماً لقضية الجودة منذ إدراكهم أن الحكومة ستقوم بدفع 15 ألف بات (480 دولاراً) للطن والتزامها بشراء كل الكمية المتوافرة إذا دعت الضرورة. وبذلك تحول الكثيرون منهم لزراعة أرز أقل جودة لا تستغرق زراعته وقتاً طويلاً. وانتشرت هذه الظاهرة في وسط البلاد، حيث الرقعة التي تتمتع بري وافر والتي تساهم بنحو النصف من الإنتاج السنوي البالغ 30 مليون طن. ويبدو أن تعقيدات قطاع الأرز التايلاندي ستكون أكثر ضرراً في حالة فقدانها لسوق الأرز الجيد، وفي الوقت نفسه فقدان الحصة السوقية لأنواع الأرز العامة لصالح الهند وفيتنام. كما أن العودة إلى الجودة تستغرق سنوات عديدة في وقت تعاني فيه البلاد الآن وفرة في إنتاج الأنواع السيئة. ووصف “صندوق النقد الدولي” المشروع بالمرهق، وذكر أن صغار المزارعين وجدوا أن من الأفضل بيع إنتاجهم للوسطاء حتى إن كان ذلك بأسعار أقل، ما يجعل الشركات الكبيرة والوسطاء هم المستفيد الحقيقي والأكبر. وحاولت الحكومة السابقة طرح برنامج يدفع للمزارعين فرق السعر بين سعر السوق والسعر الأدنى المضمون. ووجد البرنامج معارضة من قبل العديد من المزارعين، ليسير في النهاية جنباً إلى جنب مع البرنامج التقليدي. وغالباً ما يكتنف الغموض عمليات التدخل في قطاع الأرز في تايلاند، إلا أن طبيعة البرنامج الحالي تستدعي وقوع الفساد. وعلى سبيل المثال، يتم تهريب الأرز من كمبوديا لاستغلال ارتفاع السعر في تايلاند، حيث تصب فوائد أكثر في صالح المطاحن ومالكي الأراضي الكبار وشركات السلع الغذائية، من تلك التي للملايين من المزارعين الفقراء. نقلاً عن: «إنترناشونال هيرالد تريبيون» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©