الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

تجسيد لتناقضات الواقع .. وفرجة صعبة للجمهور

تجسيد لتناقضات الواقع .. وفرجة صعبة للجمهور
27 يناير 2014 00:23
السيد حسن (الفجيرة)- تواصلت مساء أمس الأول عروض مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما في دورته السادسة، حيث قدم على خشبة مسرح جمعية دبا الفجيرة للثقافة والفنون العرض الكويتي «يوميات أدت إلى الجنون» والعرض مأخوذ عن نص الكاتب الروسي نيقولاي غوغول، ومن تمثيل وإخراج يوسف الحشاش، وعلى خشبة مسرح بيت المونودراما قدم العرض الروسي «الحياة كحلم.. سلفادور دالي» وهو نص مقتبس من مذكرات الفنان التشكيلي سلفادور دالي، تأليف وإخراج إنا سوكولوفا غوردون، وتمثيل بوراك أكويون. «الحياة كحلم» «إن الموت بعد حياة حافلة، هو تماما كالنوم بعد يوم عمل طويل» هكذا قال سلفادور دالي رائد السريالية في العالم، وهكذا يبدأ عرض «الحياة كحلم» وهو عرض روسي لفرقة روسية تعيش في ألمانيا. العرض لم يقدم فرجة مريحة للجمهور، بل تعمد أن يعصف بالعقل والقلب والوجدان بين الفينة والأخرى، من خلال بعض الإشكاليات السريالية التي عاشها دالي وأسس أطرها طوال حياته، وهنا يقوم الممثل بدور الوسيط بين المتفرج ودالي، في إبراز مواقفه من الحياة والفن والطبيعة والمجتمع ككل. ولعل نص «الحياة كحلم» المأخوذ عن مذكرات سلفادور دالي لم يكن واضحا كل الوضوح، ولم يكن متزنا كل الاتزان، بل جاء كما هي شخصية دالي ذاتها في الحياة، عبقرياً مخلوطاً بالجنون، نرجسياً يعشق النفس، كما ويؤمن بالآخر ويعمل على مساعدته، فهو اجتماعي وانطوائي في ذات الوقت، إنها شخصية دالي المتفردة ما بين الجنون والعظمة، الإبداع والتألق ثم السقوط إلى الهاوية. وجاء أداء الممثل بوراك أكويون على خشبة المسرح متماشياً مع نص دالي، فبدا كما لو كان مجنونا، يلهث خلف هدف ما لا يبدو للجمهور واضحا، وربما يكون هو ذاته لا يعرف عمّ يبحث، إنها السريالية المشجعة والمحبطة في آن واحد. وعلى الرغم من أن مشاهدة مذكرات دالي على خشبة المسرح لم تكن ممتعة بالقدر الذي توقعه الكثيرون، فإن الممثل اجتهد كثيرا بدنيا وعقليا في شرح ما يمكن شرحه حول شخصية دالي وأفكاره وهواجسه ونظرته الفنية للحياة والمجتمع. وعلى الرغم من تعدد مفردات السنوغرافيا في الفضاء المسرحي، إلا أن الملاحظ من خلال العرض أن جميع مفردات السنوغرافيا وظفت بشكل دقيق للغاية، ولم تكن هناك مفردة واحدة على المسرح وجودها غير مبرر. وغطت خشبة المسرح قطع من الأقمشة البيضاء، التي شرعت في أكثر من اتجاه، ربما لتعطي انطباعا للمتفرج المتابع طوال العرض أنه يعيش داخل حلم منفتح ومستمر. «يوميات أدت إلى الجنون» والعرض الكويتي «يوميات أدت إلى الجنون» من تمثيل وإخراج يوسف الحشاش، يقودنا إلى إشكالية قديمة ومتجددة، وهي إشكالية الإخراج والتمثيل اللذين يقوم بهما شخص واحد، وهل هذا دائما يكون في صالح العمل المسرحي؟ وليس هذا فحسب، بل نجد في بعض العروض شخصاً واحداً يقوم بالتأليف والتمثيل والإخراج جميعا في آن واحد. وعرض الحشاش لفرقة «اكت جروب» الكويتية من العروض التي تتخذ من بنيتها الأساسية مشكلة اجتماعية مر بها شخصية العرض بحسب النص، لتنطلق بعد ذلك في حشد جميع المشاعر والأحاسيس الإنسانية راغبة في أن تقول شيئا ما حول القهر والظلم الاجتماعي الذي يتعرض له البشر في ثنايا هذا العالم الفسيح. وشخصية بطل العرض وهو موظف بسيط، تراه في كل مكان، وتجلس معه لتأكل وتشرب وتلعب معه الدومينو والورق، وتشاطره الأحزان وتشاركه الأفراح، شخص منا وفينا ومن قاع المدينة والقرية، شرع هذا المسكين وتجرأ ذات يوم في حب فتاة هي ابنة مديره في المؤسسة التي يعمل بها، وهنا فقط تقع الكارثة وتدور به الأرض دوراتها لتخرجه عن اتزانه وصوابه المعهود. ومن تلك اللحظة يبدأ عرض «يوميات أدت إلى الجنون» ولكن ثمة سؤال، هل اليوميات ذاتها هي التي أدت إلى الجنون أم ابنة المدير التي عشقها ذلك البائس الحائر؟ وأفرز أداء الحشاش على خشبة المسرح تشويشاً حاداً في عقلية المتفرج، الذي لم يعد يفرق ما بين جنون الموظف ورشده، وماهية حركاته العشوائية التي كان لها دور في إحداث حالة من الانفصام بين ما قدم على خشبة المسرح وما أراده المتفرج ذاته. فقد أراد المتفرج أن يرى سموا وعشقا وحالة من الوله بين ذاك الموظف وتلك الفتاة، فإذا به يرى جنونا من الألف إلى الياء، لم يكن مفيداً لهذا المتفرج، الذي بات عاجزاً عن تلقي الحكمة من العقلاء فما بالك بالمجانين. الإضاءة جاءت موفقة، ليس لإجادتها وتقنيتها فحسب، ولكن لأنها استطاعت أن تساير وتعايش حالة الجنون المفرط الذي قدمه الممثل على خشبة المسرح لفترة طويلة. يعرض اليوم في السابعة مساء على خشبة مسرح جمعية دبا الفجيرة للثقافة والفنون مسرحية «شكل الإنسان 1» من ألمانيا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©