الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

"العربية" تعاني الإهمال.. واهتمام أهلها بـ "الأجنبية"

"العربية" تعاني الإهمال.. واهتمام أهلها بـ "الأجنبية"
14 ديسمبر 2018 02:01

أحمد مراد (القاهرة)

شدد علماء دين على ضرورة العناية بلغة القرآن الكريم، والاهتمام بها تدريساً وفهماً، وتعليماً ونشراً، معتبرين أن تعلم العربية فرض وواجب ديني على كل مسلم.. و«بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كل عام»، دعا العلماء إلى بذل جهود حثيثة في سبيل الحفاظ على اللغة والارتقاء بها، وحمايتها وصيانتها، ونشر ثقافاتها وعلومها في العالم كله، ورفض الحملات التي يشنها البعض بغرض الإساءة للغة العربية والتقليل من شأنها.

تحديات جسيمة
رئيس جامعة الأزهر الأسبق، الدكتور إبراهيم الهدهد، نبه إلى خطورة التحديات الجسيمة، التي تواجهها اللغة العربية في الوقت الراهن، حيث تتعرض لغة القرآن لحملات من التهميش والتشويه تستهدف طمس معالم هويتها وثقافاتها وعلومها، داعياً إلى بذل جهود حثيثة في سبيل الحفاظ على اللغة العربية من الاندثار كسائر اللغات الأخرى، حيث إن هناك العديد من اللغات قد ماتت واندثرت، وقد تخطى عددها أكثر من 400 لغة في مختلف أنحاء العالم بسبب عدم رعاية أهلها لها، وعدم الاهتمام بها.
وقال: الأمر المؤكد أن هناك حاجة ماسة للعناية باللغة العربية، سواء على المستوى الرسمي أو على مستوى الحياة اليومية لأفراد المجتمع، وفي الوقت نفسه هناك ضرورة ملحة لنشر اللغة العربية بين المسلمين غير العرب، ونستطيع أن نؤكد أن تعلم اللغة العربية وأصولها وقواعدها بمثابة واجب ديني، سواء بالنسبة للعرب أو المسلمين غير العرب، حيث ترتبط العربية ارتباطاً وثيقاً بالدين الإسلامي، فلا بد من تعلمها من أجلِ تلاوة القرآن الكريم، وفهم آياته، ومعرفة أسراره وأحكامه، فضلاً عن تعلم وإتقان شعائر الإسلام كالصلاة، والذكر والدعاء بالأدعية والأذكار الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد أفتى الإمام الشافعي بأن تعلم العربية فرض على كل مسلم عربياً كان أم أعجمياً.
وأضاف: ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة الحسنة، فقد كان يفتخر دائماً باللغة العربية، والتي شرفها الله تعالى بنزول القرآن الكريم بها، الأمر الذي جعلها مرتبطة بمعجزة من المعجزات الخالدة التي جاء بها الإسلام الحنيف، وقد أولت الشريعة الإسلامية اللغة العربية عناية فائقة، ورغم التحديات والأخطار الجسيمة التي تتعرض لها اللغة العربية، فإن القرآن الكريم سوف يصونها ويحفظها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهي لغة تتنفس الحياة عن سائر اللغات الأخرى التي يشوبها الجمود، ولكن في الوقت نفسه لا بد أن نأخذ بالأسباب، ونسعى جاهدين إلى الارتقاء باللغة العربية، وحمايتها وصيانتها، ونشر هويتها وثقافاتها في العالم كله.

القرآن عربي
وأوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية سابقاً، أن للغة العربية منزلةً جليلةً، ويمكن أن نصفها بأنها مفتاح الكنز، فمن خلال إتقانها نستطيع أن نقرأ كتاب الله تعالى قراءة صحيحة، فهو قرآن عربي مبين، وباللغة العربية أنزل وبها يقرأ.
واستنكر الحملات التي يشنها البعض بغرض الإساءة للغة العربية والتقليل من شأنها، مؤكداً أن القدح في اللغة العربية في الكتب الرخيصة، وفي بعض المجلات، وفي المؤتمرات المشبوهة، هو في واقعه قدح في الأداة التي نفهم بها القرآن، وهؤلاء يريدون أن يسدوا الطريق عن فهم القرآن، وأن ينحوه جانباً، لكن يقول ربنا سبحانه وتعالى: (حم* وَالْكِتَابِ المُبِينِ* إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ* أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ)، «سورة الزخرف: الآيات 1 - 5».
أوضح أن اللغة العربية فيها من المميزات ما لا يوجد في لغةٍ سواها، لا تستطيع لغة أن تبقى على هذه المرونة والسعة إلى يوم الدين بدلالات ألفاظها وبمواطن الكلمات في الجملة المفيدة سوى العربية، ونكتشف هذا عندما نريد أن ننقل معاني القرآن الكريم إلى لغةٍ أخرى من لغات البشر، فتُرجمت تلك المعاني إلى أكثر من مئة وثلاثين لغة، كل هذه الترجمات عبر العصور لم توف القرآن حقه، ولم تنقل إلا وجهة نظر الكاتب والمترجم، لسعة العربية ودقة معناها، وجمال جرسها، ولمردود الكلمة العربية على ذهن السامع الذي يعرف اللغة وهو مردود غير كل لغات العالم، فما ظنك والقرآن كلام الله رب العالمين، وقد تكاتفت اللجان على أن تترجم معانيه بحيث أن تنقل النص العربي إلى أي لغة كانت سواء استعملت من ألفاظ تلك اللغة المنقول إليها قديمها وحديثها، فلا يمكن أن ينقل القرآن كما هو في العربية أبداً، أليس هذا دليلاً على حكمة الله أن ينزله قرآناً عربياً؟ وألا يكفي هذا عند قوم يؤمنون يريدون أن يستفيدوا من الكتاب وأن يستهدوا بهديه أن يهتموا بلغة العرب تدريساً وفهماً، وتعليماً ونشراً، ومن عجائب القرآن أن حفظه العربي والأعجمي الذي لا يعرف العربية، وحفظه الكبير والصغير.

«الثنائية اللغوية»
أوضح الدكتور صلاح أحمد رمضان، أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الأزهر، أن اللغة العربية تواجه منافسة شرسة ومخاطر عديدة في ظل التطور التكنولوجي والمعلوماتي الذي يشهده العالم حالياً، وهو الأمر الذي جعل الكثيرين يهملون العربية ويهتمون باللغات الأجنبية الأخرى، فضلاً عن أن العالم الآن يشهد صراعاً اقتصادياً وسياسياً، وقد ترتب عليه صراع بين اللغات سيطرت فيه بعض اللغات على الأخرى.
وأشار إلى أن اللغة العربية، تواجه تحديات من داخل المجتمعات العربية، تتمثل في الانتشار الواسع للمدارس والجامعات الأجنبية، الأمر الذي أثر بشكل كبير على درجة الإقبال على دراسة اللغة العربية وثقافاتها ومعارفها وعلومها، بالإضافة إلى استخدام «الثنائية اللغوية» في مفردات الحياة اليومية، حيث تتضمن الأحاديث مفردات أجنبية بدعوى التحضر ومسايرة التقدم، وكذلك ربط الوظيفة في سوق العمل العربي بإجادة اللغات الأجنبية، مع انتشار ظاهرة تسمية أسماء المحال التجارية والمطاعم والفنادق بأسماء أجنبية، وشدد على ضرورة التمسك باللغة العربية والعناية بها، فهي لغة القرآن الكريم، ولغة أهل الجنة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©