الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تقر آلية جديدة لبيع الغاز للمصانع

الحكومة المصرية تقر آلية جديدة لبيع الغاز للمصانع
23 أغسطس 2013 21:31
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - قررت الحكومة المصرية مؤخرا تطبيق آلية جديدة يتم بمقتضاها تحديد أسعار بيع الغاز الطبيعي للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة. وتعتمد الآلية الجديدة على ربط سعر بيع الغاز بسعر بيع المنتجات الخاصة بهذه المصانع في الأسواق العالمية، بمعنى زيادة سعر بيع الغاز بنفس نسبة زيادة أسعار بيع هذه المنتجات في حالة حدوث مثل هذه الزيادات السعرية في الأسواق الدولية. ومن المقرر تحديد سعر أساسي لبيع الغاز لكافة الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة بمبلغ 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، مقابل 4 دولارات في وقت سابق ويتم تحريك الأسعار بعد ذلك وفقا لأسعار بيع كل منتج، الأمر الذي يعني أن كل صناعة سوف تحصل على الغاز بسعر خاص بها وفقا لظروفها وتطورات أسعار بيع منتجاتها في الأسواق العالمية. وحسب هذه الآلية الجديدة، سوف يتم وقف الجدول الزمني لرفع أسعار بيع الغاز للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة الذي بدأ تنفيذه منذ مطلع يناير الماضي. وتم في مرحلته الأولى رفع الأسعار من 4 إلى 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وكان يستهدف الوصول إلى السعر العالمي في نهاية العام المقبل وهو السعر الذي يتراوح حاليا بين 13 و14 دولاراً لمليون وحدة حرارية، الأمر الذي يعني تخفيف الأعباء على هذه الصناعات التي قامت برفع أسعار بيع منتجاتها في السوق المحلية، بمجرد تطبيق البرنامج الزمني لتحرير أسعار الطاقة ما انعكس بالسلب على مؤشر أسعار المستهلكين لهذه المنتجات. وتأتي الآلية الجديدة في إطار استراتيجية الحكومة الانتقالية لدعم القطاعات الصناعية المختلفة، بهدف تحريك النشاط الاقتصادي بالبلاد عبر التركيز على الصناعات التصديرية وفي مقدمتها صناعات مواد البناء، وعلى رأسها صناعات الأسمنت والسيراميك والبويات والكابلات الكهربائية والبتروكيماويات، وصناعات الأسمدة التي تقوم بتصدير جزء كبير من منتجاتها إلى العديد من الأسواق الخارجية. الصناعات التصديرية وتستهدف عملية التركيز على دعم هذه الصناعات التصديرية مساعدتها على زيادة صادراتها، الأمر الذي ينعكس إيجابيا على الميزان التجاري للبلاد وجلب المزيد من العملات الصعبة، إلى جانب زيادة طاقتها الإنتاجية بما يعني توليد المزيد من فرص العمل لكسر حدة البطالة. وبحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن وزارة البترول دخلت مفاوضات مباشرة مع كل قطاع صناعي على حدة في الأيام القليلة الماضية، للوصول إلى توقيع اتفاقات مبدئية تحدد الأسعار المناسبة لكل صناعة، وفقاً للآلية الجديدة التي من المنتظر دخولها حيز التنفيذ اعتبارا من الشهر المقبل. وحسب هذه المعلومات، فإن هناك اتفاقا مبدئيا تم التوصل إليه مع قطاع صناعة الأسمدة الذي يضم 7 شركات من بينها ثلاث شركات مملوكة للدولة، تقوم بتوريد جميع إنتاجها إلى بنك الائتمان الزراعي لتوزيعه مدعوما على المزارعين، بينما هناك 4 شركات تابعة للقطاع الخاص تعمل بنظام المناطق الصناعية الحرة، وهذه تقوم بتوريد جزء من إنتاجها إلى الحكومة بأسعار مخفضة بينما تقوم بتصدير غالبية إنتاجها بالأسعار العالمية. ويقضي الاتفاق بتحديد سعر أساسي لبيع الغاز لهذه المصانع بنحو 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، مقابل متوسط سعر بيع طن الأسمدة الحالي الذي يتراوح بين 2500 و3000 جنيه للطن، وفقاً للأسعار في السوق المحلية مقابل 1000 دولار للطن في السوق العالمية، وبالتالي سوف ترتفع أسعار بيع الغاز لمصانع الأسمدة كلما سجل سعر بيع الطن في السوق العالمية ارتفاعا. تحرير الأسعار وتحسم هذه الآلية الجديدة الجدل الدائر بشأن برنامج التحرير الكامل لأسعار الطاقة في مصر وهو البرنامج الذي كانت حكومة الإخوان قد اعتمدته وبدأت تطبيقه، بهدف إلغاء الدعم نهائيا عن الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة في غضون عامين، وهو البرنامج الذي قوبل باعتراض شديد من المصانع التي وجدت فيه ضغوطا مفاجئة سوف تدفعها إلى التعرض لخسائر ضخمة، لاسيما أن العديد من هذه المصانع أقيم عبر تمويل مصرفي بما يعني التزامها بسداد أصل وفوائد هذه القروض. في الوقت نفسه، لقي نظام ربط أسعار الغاز بأسعار المنتجات عالميا قبولا كبيرا في أوساط هذه المصانع، نظرا لأن الآلية الجديدة تتسم بالواقعية وتعني حصول الحكومة على جزء من الأرباح المحققة لدى هذه الشركات، في حالة ارتفاع أسعار بيع المنتج عالميا ومن ثم لن تتحمل المصانع تكلفة إضافية في الإنتاج، لاسيما أن دراسات الجدوى الخاصة بهذه المشروعات كانت تعتمد بدرجة أساسية على أسعار غاز مدعومة وتكلفة إنتاجية محددة، وحصولها على الغاز بالأسعار العالمية يعني انهيار الأسس التي تم عليها بناء دراسات جدوى هذه المشروعات. ويرى خبراء اقتصاديون أن الآلية الجديدة سوف تنهي الصراع بين الحكومة وقطاع الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة، الذي انعكس سلبا في الشهور الأخيرة على بيئة الأعمال بصفة عامة في مصر، ولعب دورا في تراجع الجاذبية الاستثمارية للقطاع الصناعي المصري الذي ظل لسنوات طويلة يتمتع بأسعار طاقة رخيصة ساهمت في حصوله على أرباح كبيرة. وقال الخبراء إن فرص نجاح الآلية الجديدة كبيرة جداً، لأن هناك قبولا بها وفي نفس الوقت لا تتضمن الآلية تكلفة إضافية على المصانع، لأن فروق الأسعار التي سوف تحصل عليها الحكومة ناتجة عن ارتفاع أسعار بيع المنتجات وبنسبة محددة منها، الأمر الذي يعني عدم تحمل المصانع أي تكلفة إضافية وسوف تحافظ على معدلات أرباح عالية تسهم في اجتذاب المزيد من الاستثمار الأجنبي إلى هذه القطاعات. جذب الاستثمارات وتسعى الحكومة المصرية إلى اجتذاب وتحفيز مستثمرين عرب وأجانب لإنشاء ثلاثة مصانع جديدة للأسمدة وكذلك مصانع للأسمنت لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، إلا أن مخاوف المستثمرين من عدم وجود ضمانات لتوريد الغاز إلى هذه المصانع الجديدة بأسعار مقبولة حال دون حدوث تقدم في هذا الملف، وعدم وجود عروض حقيقية لإنشاء مصانع جديدة خاصة للأسمدة التي تعاني السوق المصرية نقصا شديداً فيها كل عام مما يخلق سوقا سوداء لبيع السماد. ويذكر أن الحكومة فتحت باب استيراد الغاز من الخارج لسد احتياجات المصانع المتزايدة من الطاقة باستخدام أنابيب شبكة الغاز القومية في الفترة الماضية. وتلقت الحكومة ثلاثة عروض أبرزها عرض قطري في هذا المجال، الأمر الذي يعني أن المصانع الجديدة كانت سوف تحصل على الغاز وفقا للأسعار العالمية وحالت التطورات السياسية التي شهدتها البلاد في 30 يونيو الماضي دون دخـول هذه العروض حيز التنفيذ. وأكد وليد هلال رئيس شعبة الصناعات الكيماوية في اتحاد الصناعات المصرية أن الآلية الجديدة لبيع الغاز للصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة، سوف تسهم في حل الكثير من المشكلات القائمة في قطاعات الصناعات التحويلية بصفة عامة، سواء المشكلات الخاصة بالصناعة ذاتها أو المشكلات المالية بين الحكومة وهذه المصانع، مشيرا إلى أن الآلية تتسم بالواقعية وتحقق مصالح مختلف الأطراف. وقال إن هذه الآلية تمنع قيام المصانع من رفع أسعار بيع منتجاتها في السوق المحلية استنادا إلى تحرير أسعار الطاقة، لأنه لم يعد هناك مبرر لمثل هذه الزيادات المفاجئة التي عانى منها المستهلكون في الأشهر الأخيرة وكانت تعود بالدرجة الأساسية إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج. وقال حلمي السعيد مستشار قطاع أمناء الاستثمار في بنك مصر، إن التوصل إلى هذا الحل المقبول في قضية أسعار الطاقة سوف يخفف أعباء التمويل على هذه المصانع التي كان الجزء الكبير من أرباحها يذهب لسداد الأقساط والقروض البنكية. وتــوقع أن تشهد الفترة القادمة بدء تأسيس مصانع جديدة في المجالات المختلفة، وســـوف ترحب البنوك بتمويل هذه المصانع بعد حسم أزمة الطاقة لأن الأمور أصبحت واضحة أمام مختلف الأطراف، وسوف يتم اعتماد دراســـات جدوى المشروعات الجديدة في ضوء هذه الآلية السعرية الجديدة التي يرى الكثيرون أنها تحقق قدرا كبيرا من العدالة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©