الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

"كوب 24" وتفاقم حدة التغير المناخي إنذار عالمي وتجربة دولة تستحق التطبيق

"كوب 24" وتفاقم حدة التغير المناخي إنذار عالمي وتجربة دولة تستحق التطبيق
12 ديسمبر 2018 02:36

أطلق التقرير السنوي المتخصص «مشروع الكربون العالمي»، جرس إنذار عالمي خلال فعاليات الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ المقامة حالياً في جمهورية بولندا، حيث توقع أن تسجل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون زيادة عالمية خلال العام الجاري بنسبة 2.7% مقارنة بمعدلات 2017، لأسباب عدة أهمها معدلات الحرق المتزايدة للفحم في الصين، وزيادة استخدام السيارات عالميا.
هذه الزيادة التي توقعها التقرير والتي تقف كسبب رئيس وراء ارتفاع درجات حرارة الأرض، وأحد المسببات القوية لظواهر التغير المناخي التي يشهدها العالم، سبقتها إنذارات عدة حية على أرض الواقع على تفاقم التأثيرات السلبية لتداعيات التغير المناخي ومنها على سبيل المثال لا الحصر حرائق الغابات الهائلة والمتكررة في كاليفورنيا، وغيرها.
يوما بعد آخر، يتضح للمجتمع الدولي أن الوقت لم يعد في صالحنا، وما كان يناقش خلال السنوات الماضية حول أهمية اتخاذ إجراءات عالمية وتكثيف وتوحيد الجهود للحد من مسببات تداعيات التغير المناخي، بات ضرورة قصوى لحماية حياة ملايين البشر حول العالم، فالوضع الحالي لم يعد يحتمل مجرد التصريحات والتفكير في التحرك، خصوصا وأن التأثير لم يعد قاصراً على تهديد حياة البشر بل يطال المنظومة البيئية للكوكب بشكل عام.
وتعد الإشكالية الأهم هنا أن هذا النوع من الإنذارات الذي قد لا ينتبه له كثير من سكان العالم ودوله، وربما لا يزال البعض يراه حديث رفاهية، يُظهر لنا حالة تناقض عالمية بين العدد الكبير من الفعاليات التي يتم تنظيمها تحت مسمى حماية البيئة وبين ما يتم اتخاذه من خطوات وإجراءات فعلية ذات تأثير حقيقي وإيجابي.
الوضع العالمي الذي وصلنا إليه حالياً من تزايد حدة تداعيات التغير المناخي يتطلب تطبيقاً عاجلاً وسريعاً لمبادرات دورها في المقام الأول خفض مسببات هذه التداعيات، وتقليل حدتها.
إن دولة الإمارات ومنذ تأسيسها، شكلت نموذجاً لهذا التحرك الفعال والالتزام الطوعي الذي أثر فعليا في جهود حماية البيئة في ظل الاستمرار في تحقيق نمو اقتصادي ملموس وقوي، فعلى مدار العقدين الأولين من عمر الدولة زادت المساحات المزروعة في الدولة، ونفذت خططاً لضمان استدامة الموارد الطبيعية للبيئة ما حقق نتائج بيئية إيجابية للغاية.
وخلال العقدين الأخيرين تم التركيز على مفهوم الاستدامة للقطاعات كافة، والتحول من الاقتصاد العادي إلى مفهوم الاقتصاد الأخضر المبني على صداقة عناصر البيئة بالكامل والاستدامة للموارد كافة، وتم اعتماد حزمة من الاستراتيجيات والتشريعات الطموحة في هذا المجال ومنها رؤية الإمارات 2021، والتي تضع تحقيق الاستدامة كهدف رئيس للقطاعات كافة، واستراتيجية الطاقة 2050، التي تستهدف الوصول بحصة الطاقة النظيفة من إجمالي الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50%، والخطة الوطنية لتغير المناخ التي بدأت بتعميم مفهومي التخفيف والتكيف في جميع مناحي العمل الحكومي والخاص في الدولة. وكنموذج للتحرك الدولي تعددت مساهمات الإمارات ودورها البارز عالمياً كمسيرة متكاملة بدأت مع المغفور له الشيخ زايد طيب الله ثراه، وما قدمه من تنمية للقطاعات الزراعية والمجالات المتعلقة بها كافة بشكل مستدام في دول أفريقية وآسيوية وعربية عدة، واستمرت مع القيادة الرشيدة حالياً وما تقوم به الدولة عبر مؤسساتها الحكومية وشبه الحكومية لنشر حلول الطاقة المتجددة عالمياً، من خلال مبادرات عدة منها مبادرة صندوق الشراكة مع دول البحر الكاريبي للطاقة المتجددة والذي يرصد بشكل دائم ملايين الدولارات لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة الملائمة لتأثيرات وتداعيات التغير المناخي في مجموعة الدول الجزرية في منطقة البحر الكاريبي، إضافة إلى مبادرة مشروع المناخ التي أطلقتها وزارة التغير المناخي والبيئة العام الجاري، وتستهدف التأثير في حياة 10 ملايين شخص حول العالم.
إن تحقيق هدف خفض حدة تداعيات التغير المناخي والتكيف معها وحماية حياة ملايين البشر والكائنات الحية والمنظومة البيئية وكوكب الأرض بشكل عام، يعتمد على تطبيق نموذج للإجراءات الفعالة والسريعة وليس النقاش فحسب، وهذا ما يقدمه حالياً وفد دولة الإمارات عبر مشاركته في فعاليات الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ المقامة في جمهورية بولندا (كوب 24)، عبر تسليط الضوء بوضوح على درجة الخطورة العالمية التي وصلت لها تداعيات تغير المناخ ونموذج تعامل الإمارات معه.
وفد الإمارات المشارك في المؤتمر يسعى عبر تسليط هذا الضوء إلى هدفين: الأول التشديد والتنبيه إلى أن الوقت بات عدواً لنا لصالح تزايد حدة التغير المناخي، ما يتطلب سرعة التحرك العالمي وليس الفردي، والهدف الثاني يتمثل في نقل خبرة وتجربة دولة الإمارات ونموذجها في التعامل المحلي والعالمي مع هذه القضية التي تعد من أهم التهديدات التي تواجه البشرية حالياً.

وزير التغير المناخي والبيئة

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©