الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر وتونس وليبيا... تداعيات صعود «الإسلام السياسي»

مصر وتونس وليبيا... تداعيات صعود «الإسلام السياسي»
15 أغسطس 2012
كريستن تشك - جون ثورن محللان سياسيان أميركيان لعقود ظل بعض الحكام في العالم العربي يحذرون مواطنيهم من الحركات الإسلامية في المنطقة، ومما يمكن أن تقوم به من تغيير لهوية المجتمع إذا ما وصلت إلى السلطة. والآن، بعد أن ذهب بعض الطغاة، فإن الإسلاميين الذين قمعوهم يدخلون الحلبة السياسية وسط حالة من القلق والترقب بشأن ما ينوون عمله. والحكم يوفر للإسلاميين فرصة للتجربة والتطور. فإسلاميو مصر وتونس، واجهوا بعد وصولهم لسدة السلطة أول اختبار لهم، وهو كتابة الدستور الجديد، وهو اختبار يتوقع أن تنضم لهم فيه ليبيا عما قريب. فضلا عن ذلك يراقب الناخبون في البلدان الثلاثة كيف سيتعامل الإسلاميون مع موضوعات مثل حقوق المرأة، وحرية التعبير، ودور الشريعة. والطريقة التي سيتعامل بها الإسلاميون في أول غزوة لهم لعالم السياسة، سوف تصبغ النظرة للإسلام السياسي لعقود طويلة قادمة. ففي الغرب يتم تضمين الفصل بين الكنيسة والدولة عادة في نصوص الدستور، كما يمارس هذا الفصل فعليا في الواقع المجتمعي. أما الأحزاب الإسلامية في الدول العربية المشار إليها فهي تعمل في مجتمعات متصالحة مع فكرة تأثير الديني على سياسي، بل وتتوقع مثل هذا التأثير. فمعظم السياسيين في العالم العربي يدعمون فكرة وجود قدر من الإسلام في التشريع القانوني، بل أننا نجد أنه حتى هؤلاء الذين لا يؤيدون ذلك يعملون على تجنب الوصف بأنهم علمانيون نظراً لاقتران صفة علماني بظلال" إلحادية" في الأذهان. ففي مصر وليبيا وافقت الأحزاب، حتى غير الإسلامية منها، على أن تكون الشريعة هي قاعدة التشريع. ولكن الإسلاميين يريدون أخذ المسألة خطوة إضافية للأمام، بحيث يلعب الدين دورا أكبر في المجتمع. أما في تونس فقد حصل حزبها الإسلامي، وهو (حزب النهضة) على 89 مقعداً من إجمالي 217 مقعداً برلمانيًا في الانتخابات التي جرت في أكتوبر 2011. وبالمقارنة مع باقي الأحزاب الإسلامية يعتبر حزب "النهضة" معتدلاً، حيث لم يصل به الأمر إلى حد الدعوة لتطبيق الشريعة في دستور تونس الجديد، بل عمل على تشكيل حكومة ائتلافية لتقاسم السلطة- تضم حزبين غير إسلاميين- وهو ما بدا مقبولا للكثير من التونسيين. ولكن بعض الخطوات التي اتخذها الحزب في الآونة الأخيرة ومنها تقديم اقتراح بقانون للنص على تجريم الإساءة إلى أي ركن من أركان العقيدة الإسلامية: الله، الرسول، والكتب المقدسة مع تضمين ذلك النص في الدستور الجديد. وعلى الرغم من التطمينات التي قدمها حزب "النهضة" من خلال القول إن القانون مقصود به التصدي لحالات الخروج السافرة على أركان العقيدة، فإن ذلك لم يهدئ من مخاوف الكثير من التونسيين الذي يرون إن الحكومات ذات الإسناد الديني سوف تؤدي إلى تآكل مكسب جوهري من مكاسب الثورة وهو حرية التعبير.وقد حاول حزب النهضة طمأنة الجميع، ومن ذلك مثلاً ما قاله "سامي التريكي"المحامي التونسي وعضو المكتب السياسي لحزب النهضة وهو:"الشعب التونسي يريد شيئاً وسطاً بحيث لا يتم منع أحد من أن يشرب الخمر ولا يتم منعه من الذهاب للمسجد". وعلى الرغم من هذا الاعتدال، فإن تلك الرسالة لم تؤد لطمأنة الكثير من التونسيين كما أنها لم تعجب قطاعاً من ناخبي النهضة الذين انضموا للسلفيين الذين يطالبون بالنص على الشريعة في الدستور باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع. في مصر برز حزبان رئيسيان بعد سقوط النظام السابق هما: حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي، الذي يدعو لتطبيق نسخة متشددة من الإسلام. نادر بكار المتحدث الرسمي باسم "حزب النور" يقول إن حزبه لا يريد فرض الشريعة على المجتمع إلا بعد أن يصبح المجتمع جاهزاً لذلك. ولكن أعضاء آخرون في الحزب دعوا إلى تطبيق الحدود مثل حد السرقة، وتحريم شرب الخمر، وتحريم الفوائد على القروض، كما طالب بعضهم بتخفيض سن الزواج وإلغاء قانون الخلع. أما "الإخوان المسلمين" وهي قوة إسلامية يعود تاريخ وجودها في المجتمع المصري إلى 84 عاما خلت فيمثل أنصارها القوة الإسلامية القائدة في مصر خصوصاً بعد فوز نواب حزب الحرية والعدالة بنصف عدد مقاعد البرلمان تقريباً ووصول زعيمه محمد مرسي إلى سدة الرئاسة. يقول قادة "الإخوان المسلمين" إنهم يفضلون نهجاً تدرجيا من أسفل لأعلى لتعزيز دور الإسلام في المجتمع. ولكن محمد مرسي تعهد أكثر من مرة خلال حملته الانتخابية بتطبيق الشريعة الإسلامية إذا ما وصل للحكم. وأنكر زعماء الحزب في أكثر من مناسبة أنهم سوف يحرمون شرب الخمور أو ارتداء البكيني على الشواطئ على أساس أن ذلك يمكن أن يؤدي للتأثير على صناعة السياحة في مصر. على الرغم من ذلك فإن زعماء الحزب قد أعلنوا في مناسبات مختلفة أنهم وإن كانوا لن يلجئوا إلى اتخاذ إجراءات جذرية فإنهم يأملون مع مرور الوقت أن يدخلوا قوانين أكثر انسجاماً مع آرائهم بشأن الدين ودوره في المجتمع. وقد لوحظ أن مرسي لم يدفع بأي أجندة دينية خلال الشهر الذي أمضاه في الحكم، وذلك بسبب انشغاله بصراع على السلطة مع المؤسسة العسكرية ومواجهته لحالة من الاستقطاب السياسي، والعسر الاقتصادي تجعل من المحتم عليه الانشغال بالأمور العاجلة التي بين يديه. أما في ليبيا، وعلى الرغم من الميول الإسلامية المحافظة السائدة في المجتمع إلا أن الناخبين هناك منحوا الفوز في الانتخابات التي جرت في شهر يوليو الماضي إلى ائتلاف القوى الوطنية الذي يركز على حل المشكلات التي تعاني منها ليبيا بعد سقوط القذافي، ويقدم ذلك على الأيديولوجيا، ورفضوا - الناخبون- الشعارات الإسلامية والعلمانية على حد سواء. أما منافسوهم الإسلاميون فقد جاؤوا في المرتبة الثانية. لا يعني ذلك أن الليبيين يريدون العلمانية على الطراز الغربي، إذا إن معظمهم يرون أنه من الطبيعي أن يمثل الدين مصدرا من مصادر التشريع والمسألة هناك هي ما إذا ما كان يجب تطبيق الإسلام أما لا، وإنما كيف يمكن أن يتم ذلك التطبيق. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©