الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ذكرى 11 سبتمبر.. تحولات في مسار «القاعدة»

10 سبتمبر 2014 23:55
ما عادت «القاعدة» التي هاجمت الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001 هي نفسها التي تحاربها أميركا اليوم، ففيما ظلت في السابق متحصنة في أفغانستان يديرها قائد خطط وأمر بتنفيذ هجمات على عواصم غربية، تحولت اليوم إلى حركة مشتتة بأذرع وفروع موزعة على أكثر من بلد داخل العالم الإسلامي، كما أن «القاعدة» التي أُضعفت قيادتها وتعرضت لضربات موجعة اضطرتها للخروج من ملاذها الآمن في أفغانستان بعد الملاحقة الجوية للطائرات الأميركية في أفغانستان وباكستان المجاورة، عادت لتظهر مرة أخرى أكثر قوة في البلدان العربية التي اجتاحتها رياح الربيع العربي وما حملته معها من اضطرابات وفراغ استغلته فروع «القاعدة» المختلفة للانضمام إلى الثورات المسلحة والمشاركة فيها سواء في شمال أفريقيا، أو الشرق الأوسط، حيث برزت تنظيماتها في كل من نيجيريا ومالي وليبيا والصومال واليمن وسوريا والعراق. وعن التحول في مراكز القوة داخل «القاعدة»، يقول «باتريك جونسون»، الخبير في شؤون الإرهاب بمعهد «راند»، «لا شك أن القاعدة أُضعفت على مدى السنوات الأخيرة، لكن في المقابل باتت فروعها أكثر قوة ومتانة»، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة، فنحن نرى فرعها في مصر التي تخوض حرباً ضدها في سيناء، كما أن تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، الذي كان ينشط أساساً في اليمن تمدد إلى عموم الجزيرة العربية، ليصل إلى الأردن وسوريا والعراق، هذا ناهيك عن تنظيم «داعش» الذي انشق عن «القاعدة» الأم، وبات الشغل الشاغل للولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب. ولا يقتصر تمدد «القاعدة» على الشرق الأوسط، بل توغلت تنظيماتها في أعماق أفريقيا وأطرافها مثل الصومال التي يتبنى تنظيم «الشباب» أيديولوجية «القاعدة» ويعلن نفسه فرعاً لها، وهو من الصومال انتقل إلى أوغندا وكينيا، يضاف إليه تنظيم آخر برز على الساحة النيجيرية تحت اسم «بوكو حرام» الذي قفز من مدينته التي ظهر فيها أول مرة، «كانو»، إلى سائر شمال شرق البلاد، بل وصل إلى الكاميرون والنيجر. وإذا كان أوباما يُنسب لنفسه الفضل في إضعاف تنظيم «القاعدة» الأساسي، إلا أنه يعترف بنفسه أن فروعها وأذرعها المتعددة تمثل خطراً وتهديداً حقيقيين على المصالح الأميركية، وهو ما أكده المتحدث باسم البيت الأبيض «جوش إيرنست»، خلال الصيف الجاري قائلا «ما نواجهه حالياً هي عناصر إما أنها متعاطفة مع «القاعدة»، أو ترتبط معها أيديولوجيا، وحتى لو كانت في مناطق بعيدة فإنها ما زالت تمثل خطراً على مصالح أميركا وحلفائها». وفيما يجمع المحللون على التهديد الذي تمثله حركات التمرد المتعددة على حلفاء أميركا في الشرق الأوسط وعلى أوروبا المجاورة، إلا أنهم يختلفون بشأن خطورتها على أميركا، فمعلوم أن حركات التمرد تلك تهدد حلفاء مهمين، وكما يقول خوان زاراتي، مستشار الرئيس السابق جورج بوش في شؤون الإرهاب «تهدد الاضطرابات المسلحة قدرتنا على تأمين أنفسنا ومواصلة التجارة مع باقي العالم»، مضيفاً أن الخطر بالنسبة لأميركا يتعاظم كلما امتلكت الجماعات المسلحة ملاذاً آمناً وموارد مالية تستطيع بواسطتها تنفيذ الهجمات. لكن رغم الخطورة الواضحة لـ«القاعدة» وفروعها، يرى المحللون في الاستخبارات أن التدابير الأمنية الصارمة التي اتخذها قطاع الطيران في أميركا يجعل من الصعب، حسب «ويليام ماكانتس»، المحلل بمعهد بروكينجز، على مخططي الإرهاب ضرب الداخل الأميركي، ويبدو أن المسؤولين الأمنيين في الولايات المتحدة تعلموا الدرس من هجمات 11 سبتمبر عندما كان أسامة بن لادن زعيماً لـ«القاعدة»، علماً أنه استهدف قبل ذلك مصالح أميركية في اليمن وتنزانيا وكينيا، وكان هدفه المعلن استفزاز أميركا ودفعها إلى رد فعل يُحرض ضدها العالم الإسلامي، ويثير المشاعر المناوئة للغرب تؤدي في النهاية إلى استبدال الأنظمة العربية المتحالفة مع الغرب وإقامة إمبراطورية إسلامية، وعندما وصل التهديد إلى الداخل الأميركي بتدمير برجي التجارة العالمية في نيويورك واستهداف مبنى البنتاجون وسقوط ثلاثة آلاف قتيل قرر الرئيس بوش غزو أفغانستان والإطاحة بنظام «طالبان» الذي كان يؤوي «القاعدة»، ويوفر لها الدعم. ومنذ ذلك الحين و«القاعدة» تتعرض لضربات متوالية، أفنت عدداً كبيراً من عناصرها، فيما جاءت الضربة الأكبر بقتل زعيمها أسامة بن لادن في 2011. لكن رغم ذلك لم تمت «القاعدة»، بل استمرت عبر أذرعها التي من خلالها تمددت في العالم الإسلامي بعد نشر أيديولوجياتها واكتسابها المزيد من الرجال والموارد، هذا الأمر يوضحه وليد فارس، مستشار الكونجرس في شؤون الإرهاب، قائلا «في المدة الفاصلة بين 2001 وبداية الربيع العربي تحولت تلك الأذرع إلى ما يشبه الرؤوس في العديد من الحالات، وبدورها بدأت تلك الرؤوس في تشكيل أذرع لها، وفيما كانت الولايات المتحدة تضرب الرأس القديمة في أفغانستان وباكستان كانت رؤوس أخرى في طور التشكل والنمو». ولعل ما زاد في دينامية التوالد وتفريخ أذرع جديدة لـ«القاعدة» ما حصل أثناء «الربيع العربي» من حالة فوضى وفراغ سياسي استغله التنظيم الإرهابي، حيث حصلت في بعض الأحيان حالات فرار من السجن طالت عناصر «جهادية»، وجاءت أنظمة بقرارات عفو على متشددين سابقين. كل ذلك مد الحركات الإسلامية بقادة جدد، والأكثر من ذلك كان للحروب الأهلية التي اندلعت في ليبيا وسوريا دور في وضع الجماعات المسلحة أيديها على ترسانات كبيرة من الأسلحة، ليوسع ذلك من أهدافها التي ستتحول وفقاً لوليام ماكانتس من «مناهضة التواجد الأميركي في المنطقة والسعي إلى إسقاط الأنظمة إلى محاولة بسط السيطرة على أراضٍ في ظل الفراغ الأمني»، لذا تمثل المكاسب السريعة التي أحرزها المسلحون في مالي واليمن وسوريا والعراق منذ عام 2011 افتراقاً بيناً عن مسار القاعدة التقليدي الذي كان يكتفي بإدارة العمليات من كهوف أفغانستان وإصدار الأوامر بتنفيذ الهجمات إلى السيطرة على الأرض وممارسة السلطة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©