الأحد 12 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأرقام أيضاً تكذب!

4 نوفمبر 2006 23:44
يبدو أننا بحاجة إلى تكذيب من يرون أن الأرقام لا تكذب! فمن يتابع النتائج المالية لشركات المساهمة العامة قد يعتقد- إن كان ممن يحسنون الظن- أن معظم ''كتبة الإفصاحات'' يستلهمون قصة إحسان عبدالقدوس ''أنا لا أكذب ولكني أتجمل'' في تدبيج إفصاحاتهم· طبعاً لا أقصد أن هناك تلاعباً في النتائج المالية لكن ما أود الإشارة إليه أن نتائج شركات المساهمة العامة كانت تركز على صافي الأرباح، التي شهدت ارتفاعاً جنونياً مع بعض الإشارات بخجل إلى الأرباح التشغيلية، التي تعبر عن أداء الشركة في النشاط الأساسي الذي تعمل فيه· ولا شك أن ''التجمل'' كان خياراً لا مفر منه، ففي بعض الحالات كانت هذه الأرباح لا تتجاوز المليون درهم في حين يبلغ صافي الأرباح أكثر من مائة مليون درهم، إن لم يعانق المليارات، بفضل ''الاستثمارات'' التي كانت تعكس المضاربات في سوق الأسهم· أما خلال العام الحالي، وبعد أن ''طاحت الأسهم''، انقلب السحر على السحرة، وبدأ من يكتبون الإفصاحات المالية للشركات، التي ''دفعت الثمن غالياً''، يركزون في بياناتهم الصحفية على الأرباح التشغيلية في حين اختفى المدعو ''صافي الأرباح'' مع تجرع الخسائر· ومن يتابع الإفصاحات الأخيرة، يجد أن بعض الشركات منيت بخسائر فادحة رغم ارتفاع معدلات أرباحها التشغيلية، ويبدو السيناريو مكرراً في العديد من البيانات الصحفية حيث يتم إرجاع الخسائر إلى ''تراجع العائدات الاستثمارية''، وأحياناً توجه أصابع الاتهام بصراحة ومن دون ''تجمل'' إلى ··· الأسهم ! من المفهوم أن تدفع بعض البنوك ثمن تراجع أسواق الأسهم لاستثمارها أو إدارتها لمحافظ في السوق· أما ''العسير على الابتلاع'' فهو أن تتكبد شركات صناعية- خاصة تلك المرتبطة بقطاعات منتعشة مثل القطاع العقاري- خسائر مليونية بسبب ''تراجع العائدات الاستثمارية'' رغم زيادة أرباحها التشغيلية، أي في مجال عملها الأساسي، وكأنها لا تجد مجالاً سوى الأسهم للاستثمار فيها· الأرقام أيضاً ''تتجمل''، إن لم نقل تكذب، عندما تقوم بعض شركات المساهمة العامة بالتركيز في الإفصاحات على أداء الشركة خلال 9 أشهر لتغطي على تراجع الأرباح في الربع الثالث (الثلاثة أشهر التي يفترض الإفصاح عن نتائجها) مثلاً أو العكس، أو حين تتم المقارنة بين الربع الثالث والربع الثاني مثلاً من دون الإشارة إلى نتائج نفس الفترة من العام الماضي أو العكس أيضاً· والمدهش أن ''الأرقام إياها'' تنسى أحياناً أن ما يهم المستثمر وليس المضارب هو ربحية السهم فتغفل عنه في البيانات الصحفية التي تسود صفحات الصحف· أما أكثر أنواع التعمية فيتم عندما تقوم الشركات بضخ نتائجها المالية في آخر يومين من الفترة المسموح بها لنشر الإفصاحات بحيث يصعب على المستثمرين متابعتها! ويبدو أن الأرقام ستواصل ''كذبها الأبيض والأسود'' والتجمل بألوان وفنون التركيز على جوانب دون أخرى حتى يتم تعزيز الثقافة الاستثمارية، ونبدأ في قراءة تحليلات شاملة و''غير عسيرة على الهضم'' للنتائج المالية التي تفصح عنها الشركات وعدم ترك المستثمرين يغرقون في بحار البيانات الصحفية وطلاسم المصطلحات· إيهاب خيري ehabkhairi@gmail.com
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©