السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء الدين: الصدق والابتعاد عن الفتن .. ضوابط حرية الرأي

علماء الدين: الصدق والابتعاد عن الفتن .. ضوابط حرية الرأي
22 أغسطس 2013 20:48
شدد علماء الأزهر على أن الإسلام جاء بقيم ومبادئ تدعم حرية الإعلام، ولكنها في الوقت نفسه تضع لهذه الحرية الضوابط الشرعية الكفيلة بحسن استخدامها، وتوجيهها إلى ما ينفع الناس، مؤكدين أن المجتمعات العربية والإسلامية بحاجة إلى إعلام حر، ولكن بحرية إسلامية بضوابطها وحدودها المعروفة حتى يبني الأخلاق وينشر الأفكار الجيدة التي تبني المجتمع الإسلامي وتحميه من أي دخيل لا يتفق مع تراثه الديني والحضاري. أحمد مراد (القاهرة) - دعا العلماء القائمين على أجهزة الإعلام في المجتمعات العربية إلى الابتعاد عن القضايا التي تثير البلبلة والفتن وتعرض المجتمعات الإسلامية والعربية للخطر، وأن تعمل أجهزة الإعلام على طرح الأفكار الجادة التي تساهم في بناء مجتمعات معاصرة قوية عبر بيئة إعلامية صحية، مؤكدين على ضرورة أن تكون حرية الإعلام مسؤولة ومستندة لقيم الإسلام وتعاليمه، وأن يكون الإعلام قائماً على الإقناع الكامل، والحوار البناء دون ضغط أو إكراه. قيم ومبادئ وحول رأي الشريعة، تقول الدكتورة إلهام شاهين أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: تتضمن الشريعة الإسلامية قيما ومبادئ تكفل لكل وسيلة إعلامية الحرية التي تحتاجها لكي تبدع وتنجح وتتفوق، ولكن في الوقت نفسه يحرص الإسلام الحنيف على عدم تحرير هذه الحرية من القيود والضوابط الكفيلة بحسن استخدامها، وتوجيهها إلى ما ينفع الناس، ويرضي الخالق جل وعلا، فهناك حدود لا ينبغي الاجتراء عليها، وإلا كانت النتيجة هي الخوض فيما يُغضب الله، أو يلحق الضرر بالفرد والمجتمع على السواء، ويخل بالنظام العام وحسن الآداب، ولهذا الحق المكفول في شريعة الإسلام طرق ووسائل توصل إليه، منها ما نص الشارع على عينه بإباحة أو تحريم، ومنها ما سكت عنها فلم ينص على اعتبارها ولا عدم اعتبارها، كوسائل الإعلام الحديثة. مسؤولية وتشير إلى أن الإسلام يجعل وسائل الإعلام مسؤولة أمام الله سبحانه وتعالى قبل أن تكون مسؤولة أمام المجتمع والقائمين عليها، وهي مسؤولية نابعة من الإيمان الحق، الذي غمر القلوب، وسكن الأفئدة، كما يجعل منها عملاً صالحاً لخير المجتمع، ودعوة إلى الحق بالحسنى، والتزاما بأخلاق الإسلام وآدابه، ولو التزمت الأجهزة الإعلامية في العالم العربي والإسلامي بالثوابت والأصول، وانطلقت منها إلى آفاق الحياة الرحبة. وتؤكد أن المجتمعات العربية والإسلامية بحاجة إلى إعلام حر، ولكن بحرية إسلامية بضوابطها وحدودها المعروفة حتى يبني الأخلاق والأفكار الجيدة التي تحمي المجتمع من أي دخيل لا يتفق مع قيمنا سواء كان فكرا أو رأيا، مشددة على ضرورة أن يبتعد الإعلام عن القضايا التي تثير البلبلة والفتن التي تعرض المجتمعات الإسلامية والعربية للخطر، وأن يعمل على طرح الأفكار الجادة التي تساهم في بناء مجتمعات معاصرة قوية عبر بيئة إعلامية صحية ونظيفة تقوم على الوعي قبل كل شيء. حرية التعبير ويؤكد الدكتور منصور مندور من علماء الأزهر أن الإسلام الحنيف يكفل حرية الإعلام وفق ضوابط شرعية تحقق هدي الإسلام في الحياة، كما يتيح حرية التعبير والرأي للعاملين في المجال الإعلامي، مع الالتزام بالإطار الشرعي لهذه الحرية الذي يشعر الإنسان حقاً بأن عبوديته لله عز وجل حررته من استعباد النفس، والانقياد وراء شهواتها، والتحرر من ذل غرائزها، وأنه بهذه الحرية يتمتع بالخير والحلال من رزق الدنيا وطيباتها، ويتجنب الحرمات والمزالق التي تؤدي به إلى سوء العاقبة في الدارين. ويقول: ووفقا لشرع الله سبحانه وتعالى لا يجوز لوسائل الإعلام أن تحول ما أنزل الباري سبحانه في كتابه من أحكام إلى موضوعات للجدل والنقاش، بل يجب طاعتها، وعدم الخروج عنها، فليس من وظيفة وسائل الإعلام أن تطرح للنقاش إمكان إلغاء تشريعات سنها المولى عز وجل بحجة تغير الزمان وتطور الحياة، أو تدعو إلى سن قوانين جنائية أو شخصية أو اقتصادية لا تتفق مع ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه. الحرية الشخصية ويشدد على ضرورة أن يعمل الإعلام من أجل إحقاق الحقوق كافة، وإعطاء كل ذي حق حقه مهما كانت منزلته ولونه وجنسه، وعليه أيضا النزوع إلى الحرية الشخصية للإنسان باعتبارها قيمة عليا وسامية ونبيلة، مع المحافظة على المسؤولية التي دعا إليها الإسلام وحث على تطبيقها التطبيق السليم، مشيراً إلى أن الإعلام يجب أن يكون قائماً على الإقناع الكامل، والحوار البناء دون ضغط أو إكراه أو حمل على اعتقاد ما لا يقتنع به أو يرضاه لنفسه شرعة ومنهاجاً. ويؤكد أنه لا يجوز التشهير والطعن والسباب وفاحش الكلام والافتراء والتضليل بحجة إبداء الرأي؛ فليس من حق أحد أن يشيع الفساد بحجة إبداء الرأي، قال تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا)، «سورة الإسراء: 53» - وقد ورد التحذير من آفات اللسان في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهل يكب الناس على وجوههم» أو قال: «على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم». مستجدات الحياة ويقول الدكتور محمد وهدان رئيس قسم الإعلام الإسلامي بجامعة الأزهر: الإعلام يجب أن يكون له دور فاعل ومؤثر يتواكب مع مستجدات الحياة، وفي نفس الوقت يراعي قيم الدين والتراث والأعراف والتقاليد العربية والإسلامية، حتى تكون له إسهاماته الواضحة في بناء المجتمعات على أسس صحيحه، ومن هنا فإن الإعلام مطالب بتفعيل وظائفه الأساسية، ووضعها موضع التنفيذ المناسب، لتحقيق مضمونها وإنقاذ محتواها. ويؤكد د. وهدان أن الحرية في الشريعة الإسلامية أصل عام يمتد إلى كل مجالات الحياة، فليس هناك حرية من الحريات لم يتم تعريفها، فالحرية قيمة إسلامية ملزمة وفطرة فطر الله الناس عليها تؤكدها سيرة رسل الله وتثبتها نصوص القرآن والسنة، والشريعة الإسلامية إذ تقرر الحرية لا تعني إطلاق هذه الحرية بغير قيود أو حدود، فالحرية تعني أن تجد حداً لها فيما يكفل لكل فرد أن يتمتع بحريته إزاء أخيه، وتجد حدا لهما فيما يكفل لمصالح المجتمع ألا تتعرض للخطر، مشيراً إلى أن حرية التعبير عبر وسائل الإعلام لا تعني حرية السب والقذف، والاعتداء على الآخرين، ووقف حال الناس، وسب الرموز، وعدم احترام الكبير، فكل هذه الأمور مرفوضة. حرية مسؤولة ويوضح أن الحرية بلا قيود تعطينا في النهاية فوضى وانفلاتاً، والإسلام ليس فيه حرية مطلقة، ولكن فيه حرية مسؤولة أمام الله سبحانه وتعالي، فالقرآن الكريم يذكر أن نملة سيدنا سليمان مارست حقها في التعبير وفق حرية مسؤولة عندما واجهت مشكلة، فطلبت من قومها الولوج إلى مساكنهم حتي لا يتعرضوا لهلاك بفعل مرور ركب سيدنا سليمان، فمارست النملة بذلك أكثر من حق، أولها حقها تجاه الله سبحانه وتعالي، ثم حقها تجاه قومها، ثم تجاه نفسها، ثم تجاه خصمها، فأدت دورها، والتمست الأعذار تجاه خصمها، لكننا الآن لا نلتمس لبعضنا الأعذار، وكل فرد منا يقول أنا على صواب وغيري على الباطل. للإعلام دور تنويري وعليه مراعاة خصوصيات المجتمع دعا الدكتور محمد وهدان رئيس قسم الإعلام الإسلامي بجامعة الأزهر إلى أن يكون للإعلام دور تنموي وتنويري، ويراعي خصوصيات ومشاكل المجتمع العربي، ويؤدي دوراً فاعلاً في التنمية، وننصح رجال الإعلام بتحري الصدق، والتثبت من الخبر قبل إذاعته وبثه، لأن بث الأخبار الكاذبة يحدث الفتن في الأمة، ويضر بأناس أبرياء، وعليهم الالتزام بقول الله عزوجل: «يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©