الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيونج يانج.. عاصمة تدللُ النخبة!

9 سبتمبر 2014 22:52
آنا فيفيلد مديرة مكتب واشنطن بوست في طوكيو هذه ليست مدينة سيئة الأداء أو تحقق فشلاً، فلنأخذ السيارات على سبيل المثال. فأي زائر للعاصمة بيونج يانج مؤخراً يجد العديد والمزيد من ماركات السيارات تملأ الشوارع، مقارنة بما كان عليه الحال عام 2008. ولا تقتصر هذه الماركات على سيارة «بيونجهوا» محلية الصنع أو سيارات «بي واي دي» الصينية، لكن هناك أيضاً سيارات «ليكزس» الرياضية وأحدث الطرز من سيارات «بي إم دبليو» و»أودي». أما في مجال المصنوعات الجلدية، فنجد الكثير من السيدات يرتدين أحدث خطوط الموضة العصرية، والأخذية زاهية الألوان والنعال المرتفعة والمرصعة غالباً باللآلئ المواكبة لأحدث صيحات العصر. ومنذ سنوات قليلة، كان المرء بالكاد يعرف شارع «تشانج جون»، الذي يقع في قلب المدينة بالقرب من ساحة «كيم إيل سونج». أما الآن، فإن صفوف الأبراج السكنية تملأ الشارع. وعندما تُضاء ليلًا، فإنها تزدان بشرائط النيون، التي تضفي عليها مظهر الألعاب النارية العملاقة. وتنعكس هذه الأبراج على صفحة النهر، ما يجعل المدينة تبدو وكأنها دبي، كما يصفها الحارس الذي عينته الحكومة. لقد أصبحت بيونج يانج أشبه بقرية نموذجية مزيفة تخفي خلفها الوجه الحقيقي للواقع. لكن الوضع في المدن خارج العاصمة، وخاصة في الريف، لا يزال رهيباً. فالدولة لا تقدم أي نوع من أنواع التموين التي قدمتها مرة واحدة، وما زال الجوع منتشراً على نطاق واسع. وحتى في بيونج يانج، لا يزال هناك الكثير من مظاهر الفقر المدقع أكثر من مظاهر الثروة، فالسيدات المُسنات يحملن أكياساً ضخمة على ظهورهن، أما الرجال فيجلسون على جانب الطريق، بينما يبدو أطفال كوريا الشمالية أصغر من أقرانهم في كوريا الجنوبية بشكل ملحوظ. وبالنسبة للزوار الأجانب، فهم يسيرون في طرق معدة خصيصاً للاستهلاك الأجنبي. وأحد هذه الشوارع يؤدي إلى حديقة بيونج يانج، التي تم افتتاحها منذ عامين بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد «كيم إيل سونج». وفي المدينة ترى استنساخاً مصغراً لبعض الأماكن الشهيرة، مثل ساحة «كيم إيل سونج» الصغيرة، والتي تضم نماذج مصغرة من دبابات وناقلات صواريخ، وتماثيل برونزية لـ»كيم إيل سونج»، وابنه «كيم جونج إيل»، والتي تم تقليصها لتبدو في الحجم الطبيعي مقارنة بحجم التماثيل الأصلية التي ترتفع 19 قدماً. وهناك جبل «بايكدو سان» المقدس في شمال البلاد، وسدود البحر الغربي ومدينة «كيسونج» القديمة بالقرب من الحدود الجنوبية. كل هذه المعالم تجتمع معاً بشكل ملائم لمواطني دولة شديدة القمع لدرجة أنه حتى النخب في العاصمة يواجهون قيوداً صارمة على السفر. يقول «كيم هيونج» مرشد سياحي معين من قبل الدولة: «إن قائدنا العظيم الرفيق كيم جونج أون أعطى تعليمات لبناء هذه الحديقة لشعبنا كي يتعلم تاريخنا القديم والحديث. إننا فخورون بوطننا كوريا الشمالية». ورغم ذلك، ففي أحد أيام الأحد المشمسة، لم يكن هناك سوى عدد قليل من الناس في الحديقة. وكان هناك أيضاً سائح واحد، ومجموعات صغيرة ومنظمة من الأطفال في الزي المدرسي، ومجموعة من الصحفيين، معظمهم يابانيون تم إبعادهم عن الآثار الصغيرة عندما حاولوا الاقتراب لالتقاط بعض الصور. أما حركة البناء والتشييد، فهي تشهد نشاطاً، فقد تم بناء صالة وصول جديدة لمطار بيونج يانج وحدائق جديدة على جانبي النهر تضم ملاعب لكرة السلة ومناطق للتنزه. وفي مركز جديد للفروسية، يقع على مشارف العاصمة بأبنيته الممتلئة بالمقصورات ومساراته المشذبة، كان مدربو الخيول يبدون، وكأنهم قدموا لتوهم من ثكناتهم. لم يكن هناك عميل واحد أو أي أثر لحصان في الأفق. ويأتي كل هذا في إطار نهج «الخبز والسيرك»، كما يسميه «إيفانز ريفير»، دبلوماسي أميركي سابق له باع طويل في العمل مع كوريا الشمالية. يقول «ريفيرا»: هذه الحدائق والمتنزهات والحدائق المائية وملاعب الفروسية - كلها موجهة للنخبة فقط، في حين أن أحوال الناس في سائر أنحاء كوريا الشمالية ليست على ما يُرام. فالنظام يبذل قصارى جهده لتقديم صورة من النجاح الاقتصادي». وقد ذكر برنامج الغذاء العالمي، الذي يقدم الغذاء لـ10 في المائة من شعب كوريا الشمالية، في أحدث تقرير له أن 39 في المائة من الناس، الذين شملهم الاستطلاع لم يتناولوا أي نوع من البروتين خلال الأسبوع الذي سبق زيارة الوكالة. وفي الوقت نفسه، لا يزال هناك قمع سياسي عنيف أكثر من أي وقت مضى، حيث تستغل الدولة الخوف من معسكرات العمل - أو ما هو أسوأ من ذلك - لمنع الناس من التحريض على التغيير. لكن هناك مع ذلك تحسن ملحوظ في الأحوال المعيشية للنخبة – حيث تضم بيونج يانج 10 في المائة من السكان الأكثر ولاء لعائلة «كيم». وهذا من شأنه أن يثير أسئلة عديدة، من بينها: من أين تأتي هذه الأموال؟ لقد قام النظام في كوريا الشمالية منذ فترة طويلة بتحويل موارده بعيداً عن المشروعات المفضلة، أو قل من الغذاء إلى البرنامج النووي – لكن التجارب الصاروخية الأخيرة تشير إلى أن النظام لا يقتصد في الجيش. وهل هذا من شأنه أن يساهم في إحداث اضطرابات اجتماعية؟ على الرغم من الرقابة الصارمة على تبادل المعلومات في كوريا الشمالية، فإن الدولة أصبحت أكثر انفتاحاً عما كانت عليه قبل سنوات قليلة. فالشعب يستخدم الهواتف المحمولة، ولكن ليس على نطاق واسع، وبعض الناس يسمح لهم بالسفر. وسيكون من الصعب الحفاظ على تمثيلية المساواة الشيوعية في حين أنه من الواضح أن النخبة في بيونج يانج يعيشون أفضل من أي شخص آخر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©