الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«الفقاعة العقارية» تهدد النمو الصيني

«الفقاعة العقارية» تهدد النمو الصيني
20 نوفمبر 2010 20:34
إن قُدِّرَ للاقتصاد الصيني أن يواجه مشاكل خلال السنوات القليلة المقبلة، فمن المؤكد أن تكون المساكن خارج القائمة. وبالنظر إلى الطلب الشديد على المساكن في الصين فمن الصعب تصور حدوث فقاعة عقارية. فكل سنة ينتقل ما بين 10 و15 مليون نسمة من المناطق الريفية إلى المدن في ظاهرة ينتظر استمرارها طوال العقد المقبل على أقل تقدير. وعلاوة على ذلك ينتظر أن يكون هناك طلب هائل من سكان المدن القائمة، ورغم امتلاك 10% من سكان المدن لمنازلهم، فإن نسبة كبيرة منهم لا تزال تعيش في الشقق المملوكة للحكومة التي سمح لهم بشرائها في أواخر تسعينيات القرن الماضي، والعديد من هؤلاء يطمح إلى الانتقال إلى مجمعات الأبراج الجديدة البارزة في أنحاء مختلفة بالصين. غير أن سوق المساكن الصينية مهددة دائماً بالخروج عن السيطرة، فبالإضافة إلى سعر الفائدة المتدني على الودائع المصرفية، لا توجد خيارات أخرى أمام الصينيين العاديين تتيح لهم استثمار مدخراتهم سوى سوق الأسهم المتقلبة، نظراً لقيود استثمار نقود خارج الدولة، وهو الأمر الذي يجعل شراء عقار أفضل سبيل أمام الصينيين لما يرونه في ذلك من أمان. ويرى العديد من خبراء الاقتصاد أن منع هذا التحيز إلى الاستثمار العقاري من أن يصير فقاعة يعد أحد التحديات الرئيسية من أجل ضمان استقرار اقتصادي. في ذلك يقول فان جانج عميد المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والعضو السابق في لجنة سياسات البنك المركزي المالي بالصين: “إذا استطاعت الصين الحؤول دون تكون فقاعة أصول فسيكون هناك مجال جيد لنمو اقتصادي مستدام”. وما زاد الأمر صعوبة على الحكومة الصينية هو أن أسعار المساكن أضحت مسألة سياسية حساسة. فرغم عدم رغبة أصحاب المساكن في أن يشهدوا هبوط أسعار منازلهم، إلا أن هناك جيلاً من الشباب الذين يعتقدون أن شراء شقة جانب مهم من خطة حياتهم ولكنهم يشعرون أن أسعار الشقق مبالغ فيها. وتبلغ سعر الشقة في بكين وشنغهاي نحو 15 مثل متوسط الراتب السنوي، وهي ضعف النسبة المتوقعة عادة في دولة مثل الصين لا يحصل فيها الفرد إلا على دخل محدود. وحاولت السلطات الصينية خلال السنوات القليلة الماضية تطبيق سياسات إدارية قصيرة الأجل سعياً للسيطرة على تزايد أسعار العقارات. ففي عام 2007 وكذلك هذا العام استخدمت إجراءات لتحد من شراء العقارات من أجل المضاربة وتضمنت سياسات هذا العام دفع مقدم أكبر في حال قرض السكن الثاني والثالث وزيادة سعر قرض السكن الثاني. ومع ذلك هناك قيود تحد من استخدام مثل هذه الأدوات الإدارية، إذ يتعين تطبيق هذه الأنواع من السياسات في كل مدينة على حدة ويخشى من أنه بمجرد تضاؤل تأثير تلك الحملات تبدأ الحكومات المحلية (التي عادة ما تكون على علاقة وثيقة بصناعة العقارات المحلية) في تخفيف قبضتها. وفي الأسابيع القليلة الماضية هناك ما يشير إلى احتمال حدوث ذلك في بعض أنحاء الصين. ففي هانجزهو المدينة المزدهرة القريبة من شنغهاي بيعت عدة مباني شقق فاخرة عن كاملها في أيام قلائل ما يشير إلى تخفيف القيود على القروض العقارية في بعض الأماكن. ونتيجة لذلك ينشغل حالياً مشرعو السياسات في تطوير خطتين طويلتي الأجل سعياً لمزيد من استقرار السوق. الخطة الأولى تتضمن زيادة كبرى في بناء المساكن العامة، وهناك مفارقة في السوق الصينية، هي أنه رغم الإقبال الهائل على الشقق المتواضعة من قبل المهاجرين إلى المدن إلا أن كثيراً من المباني تقع في الشريحة الفاخرة. غير أن بكين تعهدت هذا العام بأن تبني السلطات المحلية 5,8 مليون وحدة للأسر ذات الدخل المحدود أغلبها سيتم تأجيره. وتأمل الحكومة الصينية في تحقيق هدفين بعملية بناء المساكن الحكومية: الهدف الأول هو القضاء على التذمر من ارتفاع أسعار المساكن مع الإسراع في بنائها بجانب إجراءات الحد من الشراء لأجل المضاربة. والمسألة الأخرى الجارية دراستها، هي استحداث ضريبة عقارية، إذ إن أحد أسباب الإقبال على المضاربة على العقارات هو عدم وجود ضريبة سنوية مفروضة على أصحاب المساكن. ونتيجة لذلك فإن شراء شقة وتركها خالية أملاً في صعود السوق لا يكلف الكثير. ولاستحداث الضريبة العقارية ميزة أخرى، إذ إنها تنشئ قاعدة مالية أكثر صلابة للحكومات المحلية وما يجعلها أقل اعتماداً على الاستمرار في بيع الأراضي لتسوية موازنتها والتي تكون في بعض الأحوال أراض منزوعة من المزارعين. غير أن فرض ضريبة عقارية يشكل صعوبة سياسية، ويعود بعض ذلك إلى خشية الحكومة من تذمر أصحاب المساكن إذا تسبب ذلك في هبوط أسعار المساكن هبوطاً شديداً. ولذا يتوقع محللون أن تطبق الضريبة بشكل تدريجي جداً مع البدء بمدينة كبرى واحدة أو اثنتين وربما بالتركيز في بادئ الأمر على المسكن الثاني. وتأمل بكين أن تساعد هذه الإجراءات على كبح جماح سوق المساكن دون التسبب في أضرار موجعة. نقلاً عن فاينانشيال تايمز ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©