الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

السامان: زايد عنوان الإمارات ·· وخليفة خير خلف

1 نوفمبر 2006 01:44
القائد دخل في سباق مع الزمن لبناء وطن العطاء والخير شيخة الغاوي ـ '' وام '': رحل الشيخ زايد '' طيب الله ثراه'' عن دنيانا لكنه بقي في كل قلب في كل نبض في كل زاوية من زوايا الوطن·ألم يشاهد الناس الشوارع ذلك اليوم حزينة كئيبة خفتت أضواؤها وتصاعدت أنفاس اللوعة فيها واتشحت بالسواد ونكست الأعلام· بنى زايد الخير الإمارات ليبقى فيها ما بقيت الحياة وليظل في عيون الإماراتيين أينما ولوا أنظارهم·يصادف الثاني من نوفمبر الحالي الذكرى الثانية لرحيل قائدنا ووالدنا ومعلمنا وبهذه المناسبة نتواصل مع ذاكرة رجال عاصروا مراحل التكوين الأولى التي بدأت على يدي المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي ببعد نظره وحكمته خطط بعصاه مدنا على الرمال لنراها بعد فترة قياسية حقائق متجسدة في دولة هي اليوم مفخرة لكل العرب· ونقابل بكل تقدير ومودة ووفاء في هذه الذكرى أولئك الرواد لنسجل حقيقة ''زايد·· تاريخ إنسان وحضارة وطن'' من خلال لقاء أقرب الناس إليه والاستماع إليهم مباشرة وهم يتحدثون عن ذكراه العطرة وتجاربهم مع القائد والمعلم والأخ وبذلك تظل ذاكرة الأمة حية مشرقة وتمتد الجسور الحميمة الراسخة بين الأجيال· يستكمل سالم بن إبراهيم السامان حديثا يفيض ويطول· ويسترجع بعض المواقف التي ما زالت عالقة بالذاكرة وتقاوم النسيان لأنها تخص قائدا ومعلما وأبا وتخص دولة وشعبا· أهم المواقف وردا على سؤال عن أهم المواقف التي أثرت فيه ولا يستطيع نسيانها ·قال والدموع تترقرق في عينيه: تعلمنا من زايد أشياء كثيرة ·تعلمنا منه عاداتنا وتجارتنا وكيف ننجز معاملاتنا ليس أنا وحدي بل كل من عرف زايد خصوصا أقرب الناس له مثل عبد الجليل ومبارك بن فاضل وقبائل كثيرة تعلمت منه مثل المناصير والقبيسات أما أنا كفرد كل مواقفي مع زايد كبيرة كبر قلب زايد·وواصل الحديث :''تعلمت من مجلس زايد ما لم أتعلمه من أكبر الجامعات وأعرقها''· وأضاف '' زايد عاشق الأصالة وحامي التراث وفارس قصة تراث ستظل نبراسا يضيء الطريق للأجيال المقبلة''· حياة البداوة أثرت حياة البداوة في صقل شخصية الشيخ زايد وطباعه وزاد تمسكا بالتقاليد العربية الأصيلة فأحب هواياته القنص والصيد بالصقور وأتقن مفردات وعناصر هذه الرياضة التي علمته الشجاعة وركوب الصعاب وعشق حياة الصحراء· القنص: وقال السامان أذكر في ليلة من الليالي استدعاني الشيخ زايد·وقال '' أريدك غدا الساعة التاسعة وعندما تحضر لا تجلس بل ذكرني بهذا الكلام''·وعندما حضرت في الموعد المحدد ذكرته وأمرالسيد الصغير،وقال له ''خذ سالم المكتب''·وفي نفس الوقت هو نهض تاركا بشته ومن عادة الشيخ زايد إذا قام من مكان وترك بشته أو عصاه فهذه علامة ودلالة رجوعه للمكان ودخلت المكتب فوجدت السيد الكبير أبو هاشم ''السيد عبد الله الهاشمي'' موجودا وجلسنا نحن الأربعة على الأرض وأنا جلست بجوار سموه فدار في ذهني أنه سوف يسألني كالعادة عن القبائل التي أتت واستقرت في أبوظبي لأن من عادته كثرة السؤال عن القبائل والأفراد وكان يخص آل زعاب بالسؤال عنهم وعن أحوالهم وأمورهم ويطمئن عليهم وأذكر أنه طلب مني أن أحضر له كل ليلة شخصين لتناول العشاء مع سموه ولكن أثناء هذا التفكير طلب من السيد الكبير أن يغادر وبعد خمس دقائق طلب من السيد الصغير مدير المكتب أن يخرج ويقفل الباب وأن لا يسمح لأحد بالدخول· يضيف السامان: قلت له لبيك طويل العمر فقال ''أنا أبغيك عندي'' قلت له ''أنت تأمر طويل العمر إن شاء الله''· وانتهى إلى القول طبعا لم أتعود أن أرد على الشيخ زايد إلا بالموافقة والطاعة·وتابع بعد ان تبادلنا أطراف الحديث ولا أنكر أني كنت مشغولا بالتفكير في الأمر أو العمل الذي يريدني فيه الشيخ زايد ولكن في هذا اليوم ذهب تفكيري بعيدا·وقلت ''ماذا يريد مني الشيخ زايد بعد هذا العمر كله وما هو العمل الذي أصلح أن أؤديه''·وبدون مقدمات قلت له ''طويل العمر ممكن أسألك سؤال!''·فرد علي ''تفضل السامان''وعادة هو لا يناديني باسمي بل بلقب العائلة ربما لقربي منه،المهم لا إراديا سألته سؤال وقلت له ''طويل العمر أنا في الأمر والطاعة ولكن ما هو عملي في هذا العمر سيكون عند الشيخ زايد ؟!'' فقال ''سأعطيك طيرا من طيوري''·ويضيف السامان وأنا واقف أمامه عدت بالذاكرة إلى الوراء وتذكرت أن الشيخ زايد في سنة 1962 أرسلني أنا والمرحوم عبد الله بن الشيبان إلى الشام لكي نشتري طيورا وأمرني عندما أنزل من الطائرة أن أحمل على يدي طيرا لأنه يريدني أن أنضم إليه في القنص ويحاول أن يعلمني القنص لأن القنص كان حب الشيخ زايد ويحب رفقاء القنص ويعتمد عليهم ، فقلت بيني وبين نفسي ''أنا الآن رجل كبير وتذكرت بعض الأخوة الذين ضاعت طيورهم وقلت هذا رئيس دولة لازم كلمته ما تنزل الأرض'' · فتشجعت وقلت ''طال عمرك أنا أعرف أن طيرك مثل ابنك وإذا يوم من الأيام قصرت فهذا يعني أني قصرت في مالك فاعفيني لأني مو مال طير''، فرد علي بحدة وبنبرة صوت مرتفعة ''أنا أبغي أسويك ريال''·يواصل السامان سالفة الطير وهو يضحك من قلبه ويقول: قلت له طويل العمر أنا ريال من غير طير''· فسكت الشيخ زايد برهة من الزمن·وقال ''برأيك أذهب وطرشلي السيد''· رحلة ألمانيا يواصل السامان تذكر هذا الموقف قائلا: خرجت وأنا حزين جدا ولا أعرف ماذا فعلت وكيف حدث هذا أمام رئيس الدولة وأيقنت تماما أنه غضب مني بعدها بفترة قصيرة ذهبت للسلام على الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان في منطقة الشليلة وبعد السلام عدت مع الشيخ نهيان هو يقود السيارة وأنا بجانبه وفي الطريق قال ''دعنا نمر على الشيخ زايد للسلام عليه''·عندها رفضت بشدة وقلت له ''لا لا أنا لن أذهب عند الشيخ زايد خشية ان يكون غاضبا مني''·قال ''لا لم نتعود ان يغضب الشيخ زايد من أحد خاصة منك لأنه يحبك''· المهم ذهبت مجبرا ودخلنا عنده ووجدنا عنده عبيد بن ناصر بن لوتاه وكان وقت صلاة المغرب فنهض عبيد للصلاة ونهض الموجودون ونهضت معهم·في هذه اللحظة قال لي الشيخ زايد ''تعال السامان''·قلت بيني وبين نفسي ''آه ما خشيت منه وعملت له ألف حساب سيحدث الآن''،ذهبت له وأنا متردد واقتربت منه بخطوات متثاقلة وبطيئة جدا،عندما اقتربت منه قال لي ''سأسافر غدا إلى ألمانيا وأريدك الساعة العاشرة في المطار''·فقلت له ''ان شاء الله طويل العمر'' ونادى أحد الضباط وأمره قائلا ''غدا خذوا حقائب السامان على الطائرة والسامان سيكون معي وبجواري في نفس الطائرة''· يفكر السامان في الماضي الجميل يوم كان برفقة الشيخ زايد وأحد رجالاته قائلا وهو يحبس الدموع وينتزع الحروف ''هذا هو الحلم وطيبة الشيخ زايد والمواقف التي يجب ان تذكر ولا تنسى أبدا''· ويتذكر تلك الأيام وسفرهم صبيحة اليوم التالي حسب الموعد وإقامتهم في ألمانيا عدة أيام ويؤكد أن سموه أمرهم ان يقوموا بالواجب ويزوروا المرحوم الشيخ محمد خزعل في المستشفى لكي يطمئن عليه ويتفقد أحواله وربما يحتاج شيئا·يضيف السامان ''أمرني سموه شخصيا أن أبلغ الشيخ خزعل السلام والسؤال عنه وعن أحواله وعن حاجته إذا كان يحتاج شيئا'' · بعدها سافرنا للمغرب ومنها إلى دولة مالي وكانت أول زيارة يقوم بها سموه لباكو وهي عاصمة مالي يومها كان موسى تراوري رئيسا لها· مدرسة في مالي وتابع في اليوم الثاني للزيارة افتتح المرحوم الشيخ زايد مدرسة وشارعا وتبرع ببعض الخيرات لدولة وشعب مالي وانتقلنا لمنطقة اسمها باكو وهي قرية صغيرة وأقمنا بها وكان معي عبيد بن ناصر في نفس الغرفة ثم انتقلنا إلى دفتاكتو بالطائرات العمودية نظرا لصعوبة المواصلات البرية ومن هناك ذهبنا لمنطقة القنص وبعدها رجعنا للمغرب مرة ثانية· يقول السامان زايد رجل متعددة هواياته وحبه للوطن والتعليم وشباب الوطن كبير وله علاقة حميمة بالقنص والزراعة· مشيرا إلى انه في بداية حكم الشيخ زايد كانت توجد على شارع المطار المسمى حاليا شارع المرحوم راشد بن سعيد شجرة غير مثمرة في أرض فضاء وعندما حكم الشيخ زايد أمر بتسويرها ورعايتها وريها وطلب المحافظة على وجودها كونها ترمز للخضرة والنماء· المعالم الحضارية وفي هذا الخصوص يتذكر السامان قائلا: يحرص رحمه الله أن يقف ضيوف الدولة على معالمنا الحضارية والتنموية الجميلة خصوصا الزراعية وأتذكرأنه زارنا وفد ألماني وخيم وقتها بالخزنة وذهبنا لهم مع الشيخ زايد والشيخ طحنون والسفير الألماني كان موجودا ليشرحوا لنا كيفية القنص وكان الوقت ظهرا عندما عدنا من هناك· قال الشيخ زايد ''سالم تفضل الغداء اليوم عندنا''·وحضر مائدة الغداء معنا أحمد الحلامي وكيل وزارة بالعين وخميس الرميثي السكرتير الخاص لسموه وبعد الغداء،قال لهم ''خذوا الوفد غدا في رحلة بحرية إلى الجزر وحضروا لهم غداء في جزيرة السعديات ويا سالم كن معهم''·وصادف هذا اليوم يوم جمعة وسيقام سباق ''الفورمولا 1 '' وجاءت قوات الشرطة والحراسات بأعداد كبيرة على الشاطئ منذ الصباح وكنت أنا من الذين حضروا باكرا وجاءتنا الشرطة وسألونا أين أنتم ذاهبون وأخبرناهم بأننا هنا بأمر من الشيخ زايد وهذا يخت الشيخ زايد مخصص اليوم لوفد سوف يحضر بعد قليل وأتذكر ذاك اليوم كان عندي ضيوف فأخذتهم معي ورافقتنا عائلتي وعندما تحركنا بأمر سموه خصص لنا أربعة زوارق حراسة واستقبلونا بحفاوة وكرم في جزيرة السعديات · وأذكرأنه ذات يوم اتصل بي الشيخ نهيان، وقال ''تعال المطار عازمك على زيارة جزيرة صير بني ياس'' وطلعنا في طائرة خاصة إلى الجزيرة وكان موجودا مع الشيخ زايد بالجزيرة سالم بن حم وعندما رآنا الأخير قال للشيخ نهيان ''من وين جبت لنا السامان'' قال له الشيخ نهيان ''طلبت منه أن يحضر لي للمطار لكي نأتي سويا''· فقال له هذا الرجل الوقور ''عندما جبت لنا السامان كأنك جبت لنا ابوظبي كلها''، فرد عليه الشيخ زايد· وقال ''والله انك صدقت يا سالم''· الدعاء للفقيد بالرحمة في ذكرى رحيل الشيخ زايد رحمه الله فإن الجميع من دون استثناء يلهجون بالدعاء إلى المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يوفق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة'' حفظه الله'' والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وإخوانهما أصحاب السمو حكام الإمارات على مواصلة مسيرة الخير والنماء والتطور بالوتيرة نفسها وبكفاءة واقتدار تأكيدا لحرص ورغبة المغفور له على الحفاظ على مكتسبات الأجيال المقبلة وإعدادهم لحمل راية الخير والعطاء من بعده· جولة على الكورنيش ويتذكر السامان في أحد الأيام عندما كان قاصدا قصر البحر للسلام على الشيخ زايد وإذا به خارجا من القصر بسيارته يقودها بنفسه ولا يرافقه لا أفراد ولا سيارات حراسة وعندما رآني أوقف السيارة·وقال ''اركب معنا''·وتوجه إلى شارع الكورنيش وسط السيارات العامة كمواطن عادي حتى يومها خفت على الشيخ زايد وأنزلت زجاج السيارة وحاولت أن أتكلم مع أصحاب السيارات الأخرى لكي يبتعدوا عن سيارة الشيخ زايد''·فقال لي الشيخ زايد ''اتركهم وشأنهم ودعهم يفعلون ما يريدون فهم يحبوننا ونحن نحبهم''· واصلنا السير قاصدين منطقة كاسر الأمواج الحالي وكانت منطقة هادئة مطلة على البحر·فقلت له ''طويل العمر ما رأيك لو تبني لك قصرا في هذه المنطقة الجميلة''·فرد قائلا :هذه المنطقة سنخصصها أن شاء الله للسياح والمقيمين''·وأخذ يشرح لنا على الطبيعة ما سوف يفعله من أماكن سياحية ومناطق خضراء ومنتجعات عامة·وأذكر في هذه الأثناء كان في المنطقة عدد من المقيمين عندما رأوا الشيخ زايد أخذ كل واحد منهم يكتب له رسالة شارحا فيه حاجته وأثناء عودتنا من نفس الطريق تقدموا للشيخ زايد وسلموا عليه وأخذ رسائلهم ووعدهم خيرا وواصلنا جولتنا وركبنا السيارة واتجه الشيخ زايد لمنطقة الخالدية وتحديدا إلى مكان صناعة السفن وفي هذه المنطقة تقدم شاب نحو الشيخ زايد وسلم عليه·وقال له: طويل العمر قدمت أوراقي من أجل الحصول على الليسن ''رخصة القيادة'' ولم أخذها· فقال له الشيخ زايد ''أراك صغيرا كم عمرك أجاب الشاب ''16 سنة''·فقال له الشيخ زايد '' بعد سنتين تعال لي وسأمر لك بالليسن والسيارة أيضا لأنك الآن صغير ونحن نخاف على عيالنا''· ثم واصلنا جولتنا متجهين لحديقة المشرف لافتتاحها بحضور معالي الشيخ محمد بن بطي آل حامد رئيس دائرة البلدية وتخطيط المدن في ذلك الوقت وبعد الافتتاح اتجهنا لقصر البحر وتناولنا طعام الغداء على مائدة سموه العامرة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©