الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خليفة المحرزي: شهر رمضان برنامج متكامل للتقارب الاجتماعي

خليفة المحرزي: شهر رمضان برنامج متكامل للتقارب الاجتماعي
23 أغسطس 2011 22:36
يأتي شهر رمضان وما فيه من فريضة الصيام، فرصة رائعة من أجل إعادة ترتيب وضع الأسرة ليجدّد فيها ما اندثر أو كاد من أواصر المحبة والمودة والتواصل بين أفرادها، بعدما كادت شواغل الحياة الدنيا والسعي فيها إلى فرض حالة من الاغتراب بين أفراد العائلة الواحدة. (دبي) - من بركات شهر رمضان وآثاره الإيجابية على الحياة الزوجية للأسر أن نسبة الطلاق تكاد تكون منعدمة خلال هذا الشهر، فعلى الرغم من أن نسبة الطلاق مرتفعة، لكن واقع سجلات تدوين حالات الزواج والطلاق يبين أن نسب الطلاق خلال شهر رمضان من كل عام تكاد تكون معدومة، ونادراً ما يأتي زوجان لطلب الطلاق خلال رمضان، وحتى لو حدث هذا فإن المستشار الأسري يسعى بكل جهده لمحاولات الإصلاح والتوفيق بينهما. إلى ذلك، يقول خليفة المحرزي، رئيس المجلس الاستشاري بدبي «طوال فترة عملي كموجه أسري لم أحرر وثيقة طلاق خلال السنوات الماضية من شهر رمضان، والسر هو تحول مشاعر الأزواج خلال شهر رمضان بشكل إيجابي، حيث يكونون أكثر تقبلاً للنصيحة». السلام العائلي من أبرز العوامل التي تساعد على انخفاض المشاكل بين الأزواج، يقول المحرزي «انتهاز الأسرة هذه الفرصة الثمينة التي تُتاح لها مرة واحدة في كل عام لتصلح أحوالها بإحياء الكثير من الأزواج مشاعر الحب والمودة والتسامح مرة أخرى. إلى جانب استعادة الكثير من القيم والسلوكيات الإيجابية والمشاعر الدافئة التي ضاعت خلال السنة بسبب كثرة الالتزامات المادية وانتعاش مفهوم التواصل الأسري مع تجاذب أفراد العائلة أطراف الحديث والحوارات بينهم، ما يضفي مزيداً من التفاهم والألفة والمودة بين أفرادها». ويضيف «روحانيات هذا الشهر الكريم تعد فرصة للزوجين أن يتدربا طوال شهر كامل على التحكم في انفعالاتهما والسيطرة على الغضب الذي يحوّل بيوتًا إلى ساحات حرب يتربص فيها كل واحد منا بالآخر، لأن الغضب هو أساس تصاعد المشاعر السيئة في حياتنا كلها». وعن أبرز المشكلات الزوجية التي يتعامل معها، يوضح المحرزي أنها تتمحور حول الممارسات العبادية. ويقول «اعتكاف الأزواج في شهر رمضان طوال الأيام الأخيرة من الشهر وانقطاعه التام عن متابعة أحوال الأسرة، وتركها دون تأمين احتياجاتها، وترك المنزل والأولاد تحت مسؤولية الزوجة بالرغم من كون الأسرة في أمس الحاجة لتواجدهم أو السؤال عن أسرهم أثناء الاعتكاف، وامتناع الأزواج من اصطحاب زوجاتهم لأداء العمرة، وطلبهم من زوجاتهم مرافقة أهلهن لأداء العمرة أو منعهن من ذلك بشكل نهائي، ناهيك عن المشكلات المادية خاصة بعدم النفقة من الأزواج ما يمنع الزوجات من تأمين وشراء احتياجات وكسوة العيد الخاصة بالأبناء، إضافة إلى عدم اهتمام الكثير من الرجال بالمحافظة على أداء الصلوات في المسجد جماعة، وسهرهم خارج المنزل لفترات طويلة، وعدم قيام بعض الزوجات بالحقوق الواجبة عليهن في المنزل، مع كثرة طلباتهن المادية والعينية، وكثرة ترددهن على الأسواق ومطالبتهن بأكثر من طاقاتهن المادية». ويضيف «أهم أسباب غياب السلام العائلي هو عدم تقبل أطراف النزاع لبعضها البعض، إذ يريد كل واحد أن يفكر الجميع كما يفكر هو، وبالتالي أن يتصرف على هذا النحو، إضافة إلى ما ينتج عن هذا الأمر من عدم احترام الأطراف لآراء بعضها، والسعي لفرض الرأي إما عن طريق الترهيب أو رفع الصوت أو ممارسة السلطة الأبوية. ونتيجة لذلك لا يجد الاستقرار مكانا بينهم حيث تستمر المنغصات الزوجية والعائلية، في إطار الانفعال السلبي والتسرع في الحكم على الشيء». تقنيات رمضانية الحالة الإيمانية التي يعيشها الصائم الناتجة عن تقربه إلى الله سبحانه وتعالى تنعكس على سلوكه وتصرفه لتظلله حالة من السكينة والاطمئنان. يقول الحرزي «بسبب ذلك يتحول رد فعله تجاه الانفعالات والمؤثرات والضغوط إلى رد عقلاني هادئ بعيد عن»الانفلات»، أي أن أعصابه تصبح تحت السيطرة، وهذا يجعل حياته كلها بصفة عامة تسير في حركة متزنة غير مضطربة». ويتابع «هذه الهدنة السنوية خلال شهر رمضان تُعَد فرصة للأزواج لكي يفكروا ويجعلوا سلوكهم في رمضان سلوكا مستديما في السنة كلها، حتى تحل المشكلات ويزول سوء الفهم بينهم حفاظا على الأسرة والمجتمع كله، فهذا الاتزان ينتج عنه امتصاصه لأية منغصات زوجية أو في محيط الأسرة، في إطار من الموضوعية وعدم التسرع في إصدار التصرفات». ويضيف «نجد الأزواج يكظمون الغيظ ويتحاملون على أنفسهم إذا ارتكبت الزوجات ما يستوجب هذا، ونفس الشيء تفعله الزوجات أيضا، حيث يتحاملن على أنفسهن في مقابلة الإساءة أو قسوة وسوء العشرة من الأزواج. ولكن يظل البعض من الأزواج لا يعرف لهذه الحالة الإيمانية التي يعيشها الصائم الناتجة عن تقربه إلى الله سبحانه وتعالى مكانا في بيته». ويؤكد «يتحول رد فعله تجاه الانفعالات إلى رد غير عقلاني وهادئ أقرب إلى الانفلات في التعامل مع المشكلات الأسرية، أي أن أعصابه تصبح تحت موقد النار، وهذا يجعل حياته كلها تسير في حركة مضطربة، وهذا يعطينا مؤشرا عن المعاناة التي يعيشها البعض من الأزواج، حيث التحلل من روابط الاستقرار النفسي، فضلا عن تراكم المشكلات دون حل». نصائح زوجية في نظرة فاحصة للعديد من الُأسر، يلاحظ أن الكثير من أفرادها يعيشون حالة من الفتور الاجتماعي، ويوماً بعد آخر يسود التباعد بين أفراد الأسرة الواحدة. في هذا الإطار، يشرح المحرزي «لم تعد حالة التلاقي والتواصل العائلي تحتل مكانتها بين صفوفنا، وهذه الحالة من التفكّك الاجتماعي قد تؤدي إلى العديد من المشاكل الاجتماعية. ولهذا السبب نحن بحاجة إلى إعادة النظر في علاقاتنا الاجتماعية، والبحث عن أسبابها وعلاجها أيضاً، لأن شهر رمضان المبارك يُعد برنامجاً متكاملاً هادفاً إلى التقريب الاجتماعي، وردم الفجوة الاجتماعية وصهر المجتمع في بوتقة واحدة». ويضيف «رمضان فرصة مواتية للبدء في تلك السياسة العائلية، من خلال التجمع في مجالس عائلية يرفرف عليها الإيمان، كما أنه فرصة للتجمع على مائدة واحدة مرتين يوميًا (الإفطار والسحور) حيث يمكن للزوجين الاستفادة من شهر رمضان المبارك والجو النفسي المريح فيه بعدة أفكار عائلية، كالحديث الودي عما يتعلق بشؤونهم، وروح المناقشات الحرة والذي يضيف للأسرة بعدًا أخلاقيًا واجتماعيًا وتربويًا يستفيد منه صغيرها وكبيرها، مع الاهتمام بتنمية المشاعر الإيجابية عبر الممارسات السلوكية المشتركة. ويتابع «على الزوجين أيضا أن يرفعا شكواهما لبعضهما أولا بأول بكلمات واضحة وصوت مسموع ونبرة ودودة من أجل التفريغ النفسي والعاطفي، مع الابتعاد عن العناد، والذي يعتبر هو أكثر الطرق فاعلية لإشاعة النكد في المنزل، واستمرار الزوجين في العناد معناه عدم النضج في التعاطي مع احتياجات الطرف الآخر». العلاقة الزوجية الصحية يقول خليفة المحرزي، رئيس المجلس الاستشاري بدبي، إن «العلاقة الزوجية الصحية لا تقبل بدور الضحية، فيجب ألا يكون أحد الأطراف دائم الإصرار على رأيه، ولا أن يكون الطرف الآخر دائما متنازلا عن أفكاره.? مع مراجعة الزوجين لأيامهما السابقة وتقويمهما والاستفادة من إيجابيتها، ومناقشة سلبياتها، وخلال الشهر الكريم لابد أن يكون للزوجين جلسة إيمانية أو قيام ليل وتزويد العائلة ببرنامج روحاني إيماني كصلاة التراويح أو جلسة بعد العصر لتفسير القرآن، والتركيز على صلة الرحم وتقوية العلاقات الاجتماعية ويتم ذلك من خلال الزيارات والتنقل من بيت إلى بيت، وإن تعذر ذلك فبالاستفادة من الهاتف في الاتصال بالأهل.? والاستفادة من اجتماع العائلة كلها على الإفطار ثلاثين مرة في الشهر ما يجعل للزوجين فرصة استثمار لهذا الحدث لتقوية العلاقة فيما بينهما، وفيما بينهما وبين أبنائهما من خلال الحوار وتبادل الحديث. وليحدد كل من الزوجين الأمور التي يود تغييرها في الطرف الآخر، ويفضل عدم تحديد أكثر من هدف واحد ليعطي فرصة للتغير للطرف الآخر».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©