السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدبلوماسية على العشاء

12 أغسطس 2012
أليس هاكمان صحفية مستقلة تعيش في القاهرة في مساء يوم سبت حار من شهر مايو، وفي شقة على الطابق الثالث في هيليوبوليس، وهي إحدى ضواحي القاهرة، يتجمّع خمسة مصريين شباب حول حاسوب نقّال: نهى تعمل في منظمة غير حكومية، وتيمور طالب في العلوم السياسية ومتطوع، ودينا مخرجة إخبارية، وأحمد طبيب، وعلي طالب اتصالات. تنتشر المشروبات والمأكولات الخفيفة على طاولة خلفهم بينما هم ينتظرون بحماسٍ مكالمةً على "سكايب" من تونس. تشارك نهى وأصدقاؤها في مشروع اسمه "ضيف على العشاء الظاهري"، أوجده إيريك مادوكس، صانع الأفلام الشاب والخريج في مجال حل النزاعات من نيوميكسيكو بالولايات المتحدة. هدف المشروع هو ربط الناس في الولايات المتحدة مع بقية العالم من خلال أحاديث على "سكايب" في وقت العشاء. وفي شهر مايو من هذا العام، وبعد عدد من وجبات العشاء الناجحة، حيث كان أحد أطراف الطاولة موجوداً في الولايات المتحدة والطرف الآخر في المكسيك أو يوغندا أو باكستان، خرج إيريك بهذه الأحاديث من الولايات المتحدة وأخذها إلى الشرق الأوسط. هذا هو أول حديث يقوم من خلاله إيريك بمشاركة مجموعتين من الشرق الأوسط. ومع بدء المكالمة مع تونس، تبدأ دزينة من الأطياف على الشاشة بالجلوس أمام الكاميرا لتعريف نفسها. يتعرف الشباب المصريون على نظرائهم التونسيين، ومن بينهم أحمد وسناء ومحمود ومحمد، وجميعهم مهندسون. بعد التعريفات، يبدأ الجميع حديثاً عبر الأثير عن الأحداث الأخيرة في مصر وتونس. يسألون بعضهم بعضاً بحماسة عن دقة التغطية الإخبارية وهم يحاولون فهم ما يحصل فعلياً في بلد كل منهم. تتحدث نهى وأصدقاؤها المصريون، وهم يجلسون في "رشيد22"، وهي مساحة عمل مشتركة للمبدعين الاجتماعيين، مع التونسيين الجالسين مع إيريك في مكاتب "تونيسا لايف"، وهي صحيفة على شبكة الإنترنت. تعيش كلتا المجموعتين في أعقاب الثورات الشعبية التاريخية التي أطاحت برئيسي البلدين، ولديهم العديد من الأسئلة ليطرحوها على بعضهم البعض. وبعد قليل، ومع الصبر ووضوح الحديث المطلوب من اتصال متذبذب على الإنترنت، يجلس الجميع لبحث انتخاب رئيس جديد، وحركات الشباب، وارتفاع الأسعار، وأحوال السياحة، و"الإخوان المسلمون"، والأمن، والصبر بانتظار تغيير اجتماعي حقيقي. "تعطي الحكومة 200 دينار (100 دولار) لهؤلاء الذين لا عمل لديهم بدلاً من توفير فرص العمل!"، يقول التونسيون. "هكذا نحن بالضبط"، يقول أفراد المجموعة في مصر وهم يضحكون. بدأ إيريك مشروع "ضيف على العشاء الظاهري" بمبلغ قليل جداً بهدف كسر الصور النمطية وتحسين التفاهم العالمي من خلال استكشاف دولة وراء صورتها الظاهرة في الأخبار. إلا أن الفكرة تذهب إلى ما وراء تحدي طرح إخباري مشوّه. واليوم، وبين مكالمات الـ"سكايب" والمموّلين والشركاء المحتملين -بمن فيهم "سكايب" نفسها التي قدمت له مؤخراً منحة للبقاء في الشرق الأوسط- يفكّر إيريك باتجاهات جديدة لمشروعه. انطلاقاً من دبلوماسية المواطن على مستوى الجذور، يهدف المشروع إلى التحوّل نحو بناء المجتمع العالمي وهو يسعى إلى الجمع بين منظمات تعمل على مشاريع مماثلة في دول مختلفة. يأمل إيريك، مثلا، في أن يربط مركز "سكون" اللبناني للإدمان مع مركز "يوث ووركس" في مدينة "سانتا في" حيث كان يعمل. في هذه الأثناء سوف يظهر إيريك في الأخبار، فقد برمج للظهور على محطة الإذاعة الوطنية (إن بي آر) في الولايات المتحدة وإذاعة بيروت في لبنان. وهو يستحق هذا التقدير ليس فقط لأن برنامج "ضيف العشاء الظاهري" يشكّل مثالاً ملهماً حول كيف يمكن للتكنولوجيا المجانية أن تحقق اتصالات جديدة بنّاءة حول العالم، وإنما لأن إيريك ربما اكتشف شيئاً بسيطاً له احتمالات كامنة هائلة. تظهر تجربة العشاء الظاهري أنه بغض النظر عن الميزانية، يستطيع رجل يتمتع بتصميم كبير ومساعدة من أناس لهم نفس العقلية ومرتبطون عبر الإعلام الاجتماعي، أن يبدؤوا بتحقيق تغيير بطيء من أجل عالم أفضل. السر، حسب إيريك: "أحياناً يكون أهم شيء هو أن تفعل شيئاً". ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©