أحمد مراد (القاهرة)
ولد القاضي أبو يعلى، محمد بن الحسين بن الفراء في بغداد العام 380 هجرية، وهو يعد شيخ فقهاء الحنابلة في العصر العباسي الثاني.
أفتى أبو يعلى ودرس، وانتهت إليه الإمامة في الفقه، وكان عالم العراق الأول في زمانه، مع معرفة بعلوم القرآن وتفسيره والأصول، وتولى القضاء بدار الخلافة، مع قضاء حران وحلوان، وقد تلا بالقراءات العشر، وكان ذا عبادة وتهجد، وملازمة للتصنيف، مع الجلالة والمهابة.
ألف القاضي أبو يعلى العديد من المؤلفات، منها أحكام القرآن، مسائل الإيمان، المعتمد ومختصره، المقتبس، عيون المسائل، الرد على الكرامية، الرد على السالمية والمجسمة، الرد على الجهمية، الكلام في الاستواء، العدة في أصول الفقه ومختصرها، فضائل أحمد، كتاب الطب.
قال عنه الإمام الذهبي في «سير النبلاء»: هو الإمام العلامة، شيخ الحنابلة، القاضي أبو يعلى، صاحب «التعليقة الكبرى»، والتصانيف المفيدة في المذهب، ولد أول سنة ثمانين وثلاث مئة.
وقال عنه صاحب «الطبقات»: كان عالم زمانه، وفريد عصره، وقريع دهره، له في الأصول والفروع القدم العالي، وقد شُوهد له من الحال ما يغني عن المقال، ولا سيما مذهب إمامنا أبي عبد الله أحمد بن حنبل، واختلاف الروايات عنه ومما صح لديه منه، مع معرفته بالقرآن وعلومه، والحديث، والفتاوى، والجدل، وغير ذلك من العلوم، مع الزهد والورع، والعفة والقَناعة، وانقطاعه عن الدنيا وأهلها، وانشغاله بسطر العلم وبثه وإذاعته ونشره.
وقال الزركلي: كان عالم عصره في الأصول والفروع وأنواع الفنون من أهل بغداد، ارتفعت مكانته عند القادر والقائم العباسيين، وولاه القائم قضاء دار الخلافة والحريم، وحران، وحلوان، وكان قد امتنع وشرط ألا يحضر أيام المواكب، ولا يخرج في الاستقبالات، ولا يقصد دار السلطان، فقبل القائم شرطه.
كان يقسم ليله عدة أقسام، قسم للمنام، وقسم للقيام، وقسم لتصنيف الحلال والحرام، تتلمذ على يديه العديد من كبار العلماء منهم الخطيب البغدادي، وأبو الوفاء بن عقيل، وأبو الخطاب الكلوذاني، وأبو غالب بن البناء، وأخوه يحيى بن البناء، وأبو العز بن كادش، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي، وأبو سعد أحمد بن محمد الزوزني.
توفي القاضي أبو يعلى في رمضان سنة 458 هجرية. وقال أبو علي البرداني: رأيت القاضي أبا يعلى في المنام، فقلت له: يا سيدي، ما فعل الله بك؟ فقال لي وجعل يعد بأصابعه: رحمني، وغفر لي، ورفع منزلتي، وأكرمني، فقلت: بالعلم؟ فقال: بالصدق.
عدد اليوم
