الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمرو بن بحر الجاحظ

22 أغسطس 2011 22:39
أبو عثمان الإمام العلاّمة، صاحب التصانيف، ولقب بالجاحظ لجحوظ عينيه، ويقال له «الحدقي»، كان شنيع المنظر، ذا دعابة وفكاهة. قال عن نفسه: ذُكرتُ للمتوكل لأعلم أولاده، فلما استحضرني استبشع منظري، فأمر لي بعشرة آلاف دينار وصرفني. كان ذا همة عالية في القراءة وأخذ العلم، وقيل عنه: لم يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته، حتى أنه يستأجر دكاكين الكتبيين، ويبيت فيها للمطالعة، وكان نادرا في قوة الحفظ، ولهذا قد أتقن علوماً كثيرة، وصنف مصنفات جمة، تدل على قوة حفظه وحسن تصرفه، ومن أحسن كتبه «البيان والتبيين»، وهي من أمهات كتب الأدب العربي، وأثر في الأجيال في حياته وبعد وفاته، وله كتاب»الحيوان»، وقد نال الثناء كذلك من أهل العلم على ضخامته، وقد كان لسعة علمه وكثرة اطلاعه يكتب الشيء ونقيضه، ويمدح الشيء ويذمه بأسلوب قوي مؤثر، وكان يهدي كتبه وينال عليها الأعطيات. قال: أهديت إلى محمد بن عبد الملك كتاب «الحيوان» فأعطاني خمسة آلاف دينار، وأهديت كتاب «البيان والتبيين» إلى أحمد بن أبي دؤاد، فأعطاني كذلك، وأهديت كتاب «الزرع والنخل» إلى إبراهيم الصولي فأعطاني مثلها، فرجعت إلى البصرة ومعي ضيعة لا تحتاج إلى تمديد ولا إلى تسميد، وبهذا أجاب عندما سئل كيف حالك يا أبا عثمان فقال: الوزير يتكلم برأيي. وصلات الخليفة متواترة إلي، وآكل من الطير أسمنها، وألبس من الثياب ألينها، وأنا صابر حتى يأتي الله بالفرج، فقيل له: بل الفرج ما أنت فيه. وأصابه في آخر حياته مرض الفالج وكان يقول للطبيب: تمكنت الأضرار من جسدي إن أكلت بارداً أخذ برجلي وإن أكلت حاراً أخذ برأسي، وقد وقعت عليه مجلدات من الكتب كانت فوقه وحوله فمات منها وكان الكتاب على صدره. وترك وراءه ثروة عظيمة من الكتب المؤثرة في الناس ومنها: سحر البيان والتاج، ويسمى أخلاق الملوك، والبخلاء، والمحاسن والأضراء، والبرصان والعرجان، والحولان والدلائل، والاعتبار على الخلق، والتدبير. وغير ذلك كثير وكلها تتسم بروح المرح والفكاهة مع قوة الأسلوب وعمق المضامين ومن كلامه: المنفعة توجب المحبة، والمضرة توجب البغضاء ومتابعته توجب الألفة، العدل يوجب اجتماع القلوب، والجور يوجب الفرقة، حسن الخلق أنس، والانقباض وحشة، والتكبر مقت والتواضع مقت. رحم الله أبا عثمان عمرو بن بحر الجاحظ فقد كان علامة متبحراً ذا فنون كثيرة أسدى خدمات جليلة للغة العربية وأحب العلم وأشاد به في كتبه، وهو القائل: سقام الحرص ليس له دواء... وداء الجهل ليس له طبيب رحمه الله وغفر له، فهو حاضر في ضمير الأجيال بمآثره التي تركها في الناس. رحم الله هذا العالم رحمة واسعة لآثاره الجليلة ومآثره النبيلة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©