الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أصحاب النفس الأمارة بالسوء شياطين الإنس

أصحاب النفس الأمارة بالسوء شياطين الإنس
22 أغسطس 2011 22:38
من الأنفس التي تحدث عنها القرآن الكريم النفس الأمارة بالسوء، وهي التي تأمر صاحبها بالسيئات وارتكاب المعاصي والمحرمات، وهي نفس غاب عنها الورع والخوف من الله تغرق صاحبها في المعاصي والذنوب، قال الله تعالى: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) «سور الشمس الآيات 7 - 10»، وقال عنها الله تعالى: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين، وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) «سورة يوسف الآيتان 52 - 53». ويقول فضيلة الشيخ محمود عاشور - وكيل الأزهر سابقاً: جاء في تفسير هذه الآيات أنه جاء الرسول إلى يوسف - عليه السلام - بالخبر وجبريل معه يحدثه، فقال يوسف: ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين أي لم أخن سيدي بالغيب، فقال له جبريل - عليه السلام: يا يوسف ولا حين حللت الإزار وجلست مجلس الرجل من المرأة فقال يوسف: وما أبرئ نفسي. وقيل في تفسير هذه الآيات: إن هذا الكلام صدر من امرأة العزيز، وهو إقرار واعتراف بالحق ليعلم يوسف أنها لم تخنه في غيبته وأنها رمته بذنب هو بريء منه، ثم اعتذرت عما وقعت فيه مما يقع فيه البشر من الشهوات حين قذفته وأودعته السجن بقولها: «وما أبرئ نفسي»، والنفوس مائلة إلى الشهوات أمارة بالسوء، وهي تريد الاعتذار لما كان منها أن كل نفس أمارة بالسوء إلا نفساً رحمها الله بالعصمة. والنفس الأمارة بالسوء تدفع صاحبها للوقوع في المعاصي ومجتمعات المسلمين ابتليت في هذه الأزمان بكثرة المعاصي والذنوب وانتشار المنكرات، وقال ابن القيم: المعاصي لها أضرار على القلوب مثل السموم في الأبدان، وما في الدنيا والآخرة من شرور وداء إلا بسبب المعاصي والذنوب. ومن الناس من توسوس له نفسه الأمارة بالسوء ارتكاب الذنوب والمعاصي ويتساهل فيها طالما يؤدي أركان الإسلام وفرائضه، ويعتقد أن الذنوب أمرها سهل والله غفور رحيم، وهذا فكر غير صحيح فإن الله غفور رحيم وشديد العقاب لمن عصاه وخالف أمره، قال تعالى: (اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم) «سورة المائدة، آية 98». والمعاصي تورث الذل لصاحبها، والوحشة بين العبد وربه وبين العبد والناس وقال عبد الله بن عباس: إن للحسنة ضياء في الوجه ونوراً في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القبر والقلب وَوهناً في البدن ونقصاً في الرزق وبغضاً في قلوب الخلق. ومجاهدة النفس وإخضاعها للسير على صراط الله المستقيم وكبح جماحها من أن تشذ عن طاعته إلى معصيته أمر شاق، لما جبلت عليه النفس من محبة الانطلاق نحو الشهوات والملذات ولكثرة تلك الشهوات التي لا تدع النفس تطمئن لحظة من اللحظات دون أن تهيج إلى هذه الشهوة، وشاق لأن أكثر الناس هم شياطين إنس يعيشون على ارتكاب المعاصي وترك الطاعات ولأن الشيطان لا يكل عن الحث على التمرد على الله بشتى الأساليب والوسائل، والإنسان إذا أراد النجاة في الدنيا والآخرة من عذاب الله يجب أن يحارب هذه النفس الأمارة بالسوء ويقف ضد هواها، وإلا بعد عن الصراط المستقيم إلى طريق الضلال، والنفس تأمر الإنسان بما تهواه وتصده عما يأمره الله به في كل لحظة، فإذا انقطع عن مجاهدتها لحظة أوقعته فيما فيه حتفه وهلاكه. ومجالات مجاهدة النفس كثيرة منها تقوية الصلة بالله تعالى بالتمسك بالعلم النافع لأن الجهل من أعوان النفس الأمارة بالسوء والعلم النافع من أعظم الأسلحة التي تعين على جهاد هذه النفس، ومصدر هذا العلم كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لأن الله تعالى الذي خلق هذه النفس هو أعلم بها وقد أنزل هذا القرآن من أجلها وبعث رسوله - صلى الله عليه وسلم - مبلغاً وحيه الذي يشمل القرآن والسنة معاً وليكون - صلى الله عليه وسلم - قدوة عملية لمن أراد الاستجابة لداعي الله سبحانه. قال تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) سورة الملك، آية 14»، فخالق النفس أعلم بها ويعلم سرها ونجواها، وهو الذي يعلم ما يصلحها وما يفسدها. لذلك كان كتابه فيه هدايتها وبه سعادتها والعلم بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - السبيل الوحيد لمعرفة الصفات التي ترضي الله تعالى، مما يجب أن يتحلى به المؤمن إما بالأمر بها والدعوة إليها وإما بمدح أهلها والثناء عليهم بها.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©