الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يسار الوسط الإسرائيلي... ضعيف ومشتت

يسار الوسط الإسرائيلي... ضعيف ومشتت
21 يناير 2013 10:37
إيفيل سلاير القدس قبل الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية بأقل من أسبوع، فشلت مجموعة متفرقة من أحزاب الوسط الإسرائيلية في رص صفوفها، وتوحيد كلمتها، وتقديم بديل متماسك ومقنع للناخب الإسرائيلي عن رئيس الوزراء الحالي نتنياهو. ولعله بسبب التنافسات الشخصية في الوسط السياسي الإسرائيلي، والافتقار إلى أجندة مشتركة بين القادة السياسيين، ظلت أحزاب الوسط الإسرائيلية المعارضة لنتنياهو على ما هي عليه من تمزق واختلاف في المواقف والآراء. ليس هذا فحسب، بل أن اثنتين من تلك التشكيلات السياسية الوسطية، أرسلتا إشارات تلمح إلى أنها ربما أصبحت الآن أقرب أو أكثر استعداداً للانضمام في المستقبل إلى ائتلاف حكومي تحت زعامة نتنياهو منها للاتحاد فيما بينها. وفي الوقت الذي ركز فيه نتنياهو على نقاط قوته، مثل قدرته على الدفاع عن إسرائيل عسكرياً واقتصادياً- كما يدعي- ضد أي «عدوان» خارجي أو ضغوطات إقليمية، فإن خصومه من أحزاب الوسط يحاولون توجيه الحملة الانتخابية في اتجاه موضوعات أخرى نقاط قوته فيها أقل من نقاطه الإيجابية في ملف التحديات الخارجية للدولة العبرية، كما يحاولون استهداف الناخبين المحتملين بأفكار مختلفة عن الأفكار التي يطرحها نتنياهو، بما في ذلك التركيز على قضايا التغيير الاجتماعي والاقتصادي، وكذلك مبادرات الحل الدبلوماسي حيال الفلسطينيين. ومع ذلك تشير استطلاعات الرأي التي أجريت في الآونة الأخيرة في إسرائيل، إلى أن الأحزاب التي تروق لناخبي يسار الوسط- الذين يشكلون 38 في المئة من إجمالي الكتلة الناخبة من الإسرائيليين اليهود وفقاً لإحصاء حديث- لم تنجح في تغيير ميزان القوة السياسية لمصلحتها. و«من ضمن ألغاز السياسة الإسرائيلية أن أحزاب الوسط القوية للغاية لا تنجح في ضم صفوفها معاً، وهو ما يرجع لاختلاف أجنداتها»، هذا ما يقوله شموئيل ساندلر، السياسي المنتمي لتيار الوسط والذي يعمل في جمعية «بار إيلان». والنتيجة من وراء ذلك الضعف والتشتت اللذان يطبعان واقع أحزاب وقوى تيار الوسط في إسرائيل، كما تشير أحدث استطلاعات الرأي، هي أن الانتخابات البرلمانية القادمة سوف تشبه إلى حد كبير الانتخابات البرلمانية الماضية، حيث ينتظر أن تتمتع أحزاب الجناح اليميني وحلفاؤها من المنتمين للتيار الأرثوذكسي المتشدد، بأغلبية كبيرة، في الوقت الذي لن تتمكن فيه مجموعة الأحزاب المنتمية ليسار الوسط من الحصول على عدد كاف من المقاعد يؤهلها لتشكيل ائتلاف. ومن المنتظر أن تقود نتيجة من ذلك النوع إلى قيام حكومة إسرائيلية يسيطر عليها الصقور تتخوف من تقديم التنازلات للفلسطينيين وتركز على ما تنظر إليه على أنه يمثل التهديدات الإقليمية الأوسع نطاقاً، كالبرنامج النووي الإيراني على سبيل المثال. وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن كتلة نتنياهو اليمينية الدينية، سوف تسيطر على ما يزيد عن نصف عدد مقاعد البرلمان والتي تبلغ 120 مقعداً. كما تشير استطلاعات الرأي أيضاً إلى أن حزب العمل الذي تقوده «شيلي ياشيموفيتش»- وهي برتبة ضابط سابق في قوات الجيش الإسرائيلي من أصول بولندية- والذي جعل الموضوعات الاجتماعية الاقتصادية محوراً لحملته الانتخابية في الوقت الذي تجاهل فيه قضايا السياسة الخارجية، مثل تحريك عجلة المفاوضات المتوقفة مع الفلسطينيين، سوف يحتل المرتبة الثانية في نتائج الاقتراع، ويحصل على عدد من المقاعد يتراوح ما بين 16 و18 مقعداً. وفي الوقت الذي ستحاول فيه ياشيموفيتش الابتعاد قدر الإمكان عن قضايا السياسة الخارجية، خاصة ملف المفاوضات مع الفلسطينيين، فإن «تسيبي ليفني»، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، والتي شكلت حزباً جديداً أطلقت عليه اسم «هتنوعاه»، ومعناه باللغة العبرية «الحركة»، قد ركزت في حملتها الانتخابية على البحث في سبل للتوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال المفاوضات وإيجاد حلول وسط. ومن المعروف أن ليفني قد قادت في السابق حزب «كاديما» الذي برز كثاني أكبر حزب في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) وذلك عقب الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في عام 2009. وخلال الفترة التي تولت فيها رئاسة ذلك الحزب عجزت ليفني عن تكوين ائتلاف، وتمت الإطاحة بها من رئاسة الحزب، بسبب أدائها الباهت كزعيمة للمعارضة. هذا، وترى ليفني أن مشكلات إسرائيل الاجتماعية والاقتصادية يمكن أن تحل فقط عندما تقوم بتسوية نزاعاتها مع الفلسطينيين ويعم السلام في محيطها الإقليمي. وفي لقاء جرى مؤخراً مع الناخبين في إطار حملتها الانتخابية، قالت ليفني إن إسرائيلي قد وجدت نفسها بين خيارين أحلاهما مر؛ «إما أن تكون هناك دولتان إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنباً إلى جنب، وإما أن تكون هناك دولة واحدة فقط بين نهر الأردن والبحر المتوسط، لكنها حتماً ستكون دولة قائمة على الفصل العنصري.... وهو ما سيعرض الرؤية الصهيونية في مجملها للخطر». وفي حين استبعدت ياشيموفيتش احتمال الدخول في ائتلاف حزبي مع نتنياهو، فإن ليفني لم تستبعد ذلك الاحتمال قائلة إنها سوف تنضم إلى أي حكومة قادمة، لكن بشرط أن يكون لها هدف موحد. وقالت في لقاء أجرته مؤخراً مع موقع «وال» الإسرائيلي الإخباري: «لقد عدت لتعزيز فرص العملية الدبلوماسية»، وأضافت ليفني في ذلك اللقاء: «إذا لم أتمكن من النجاح في تحقيق ذلك الهدف فإنني سوف أقاتل من أجله وأنا في موقع المعارضة». ومن بين الشخصيات الأخرى المنتمية لما يعرف بتيار الوسط الإسرائيلي، والتي ألمحت بشكل واضح إلى أنها قد تخطط مستقبلاً للانضمام إلى حكومة يقودها نتنياهو، السياسي والإعلامي «يائير لبيد»، مقدم البرامج التلفزيونية السابق، والذي يقود حزباً جديداً أطلق عليه اسم «يش عتيد»، وهي تسمية باللغة العبرية معناها «هناك مستقبل»، تبين استطلاعات الرأي أنه يمكن أن يبرز باعتباره رابع أكبر حزب في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست). وقد حصل حزب لبيد على عدد كبير من الأنصار والمؤيدين، بفضل الحملة التي قام بها ضد المعاملة التفضيلية التي يحصل عليها اليهود الأرثوذكس المتشددون، والذين استخدموا نفوذهم السياسي في الحصول على إعفاءات من الخدمة العسكرية الإجبارية لعشرات الآلاف من أنصارهم، والذين يواصلون دراساتهم الدينية في نفس الوقت الذين يحصلون فيه على رواتب شهرية وإعانات من الحكومة. ويقول لبيد الذي استغل الامتعاض السائد في أوساط العلمانيين الإسرائيليين، الذين يخدمون في الجيش ويدفعون ضرائب مترفعة، إن اليهود الأرثوذكس المتشددين يمكن أن يلتحقوا بقوة العمل ويقضون فترة من الخدمة العامة الوطنية، سواء في الجيش أو خارجه، بصفة مدنية، مثل العمل في المستشفيات أو العمل في مساعدة المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة. وإذا ما أخذنا في الحسبان أن استطلاعات الرأي تبين أن حزب «يش عتيد» يمكن أن يحصل على 12 مقعداً في البرلمان القادم، فإن لبيد يمكن أن يصبح لاعباً رئيسياً في محادثات الائتلاف الحكومي الذي سيتكون عقب الانتخابات. وهو يقول إنه يستطيع استخدام هذه الميزة في دفع نتنياهو -وذلك بالطبع مع مساعدة أحزاب الوسط الأخرى- إلى قبول الدخول في ائتلاف حزبي يتبنى سياسات أكثر اعتدالا. وقال ليبيد عن ذلك السيناريو في مقابلة تلفزيونية أجريت معه مؤخراً: «يجب علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لمنع قيام حكومة يمينية أرثوذكسية متشددة... لأن مثل هذه الحكومة لن تكون في صالح دولة إسرائيل». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©