الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المتشددون يحكمون إسرائيل

11 أغسطس 2012
روث ماركوس كاتب ومحلل سياسي أميركي سقط الحجر على الخوذة التي كانت ترتديها "نيلي فيليب"، وهي تقود دراجتها في الشارع الرئيسي في ضاحية "بيت شميش" التابعة لمدينة القدس. منذ سنوات قليلة بدأت نيلي تتعرض للمضايقات والإهانات في الشارع، حيث يتم البصق عليها أحياناً، وكثيراً ما تتعرض لوابل من الشتائم المقذعة وهي تركض في ملابس رياضية عند اقترابها من منطقة يقطنها يهود متشددون. وقصة "نيلي" ليست قصة صراع بين الأغلبية العلمانية المتحررة في إسرائيل، وأقلية متشددة تزداد قوة وثقة بالنفس على الدوام. فهي امرأة ملتزمة، تنتمي لليهود الأرثوذكس المحدثين، وكانت ترتدي في ذلك اليوم الذي نتحدث عنه- كما كانت تفعل في معظم المرات التي تمارس فيها رياضة الركض- غطاءً على الرأس يخفي شعرها الأحمر، وتنورة محتشمة تمتد إلى ما تحت الركبة. وقصة "نيلي" تقول الكثير عن انعدام التسامح لدى تلك الفئة من اليهود المتشددين، والذي كان كفيلا بإثارة غضب تلك المرأة ونفورها من تصرفاتهم إلى أقصى حد. وتقول نيلي: "في كل مرة يقال لي يجب عليك أحترام مجتمعهم... أرد بالقول: ولكن مجتمعهم لا يحترمني"، ويتهدج صوتها وهي تحكي كيف تعرضت امرأة تحمل طفلا للرشق بالحجارة عندما وقفت للتسوق في تلك المنطقة، كما تقول: "نحن نرى أنفسنا جميعاً وقد بتنا معرضين للخطر وهو ما يدفعنا للخوف". وآخر مظهر للمناوشات من جانب تلك الفئة من اليهود المتعصبين كانت عندما وضعوا لافتات تطلب من النساء عدم الاقتراب من الحي تجنباً للاحتكاك مع الرجال. وفي توازٍ مخيف مع النزعات الأصولية المتصاعدة داخل الإسلام، يتبنى اليهود المتشددون أو "الحريديم" (الأتقياء باللغة العبرية) نسخةً من اليهودية تتطلب الفصل الصارم بين الرجال والنساء. وكلما ازداد خوف هذه الفئة من الاندماج بين الجنسين ازدادوا تشدداً في ممارساتهم. ومع التزايد المطرد في أعدادهم تزايدت مطالبهم بضرورة تبني المجتمع لاحتياجاتهم. وتأثير هذه الفئة، المنعزلة والمنفصلة، على الحياة اليومية لليهود العاديين قليل حيث لا يزال هؤلاء الأخيرون قادرين على ممارسة بعض السلوكيات التي تتنافى مع التقاليد اليهودية في الكثير من المدن وخصوصاً الكبرى منها. بيد أن هناك عدداً قليلا من اليهود العلمانيين، خصوصاً النساء، يعانون من المضايقات عندما يضطرون لركوب حافلات عامة- لاسيما تلك الحافلات التي تمر على مناطق يسكنها الحريديم- من النوع الذي يتم فيها الفصل بين أماكن جلوس الرجال وأماكن جلوس النساء. والمضايقات التي يقوم بها "الحريديم" مثل البصق على "نيلي فيليب" وسب بناتها وأصدقاء بناتها أثناء توجهم إلى مدرستهم التي يمر طريقهم إليها عبر منطقة"الحريديم"، ومطالبة النساء اللائي يركبن الحافلات التي يتم فيها الفصل بين الرجال والنساء بالجلوس في الخلف... هي مضايقات تتم بشكل متقطع وليس دائماً، وعندما تحدث فإنها تحتل واجهات الصحف، وتثير احتجاجاً شعبياً وتدخلا رسمياً، لفترة قصيرة. ومن بين الأسئلة الصعبة المطروحة في دولة مثل إسرائيل، يتداخل فيه الحكم السياسي بالرؤى الدينية رسمياً، ذلك السؤال المتعلق بالحد والمدى الذي يجب أن تذهب إليه الحكومة في الاستجابة لاحتياجات ومطالب اليهود المتشددين، وبعضها مفرط في غرابته، مثل المطالبة بتخصيص أيام منفصلة لمراجعة الرجال والنساء للمستشفيات والعيادات الطبية، والمطالبة بتخصيص أماكن جلوس منفصلة لهم في الاحتفالات والمناسبات العامة. ومع المناقشة المحتدمة في الوقت الراهن حول استيعاب اليهود المتشددين في الجيش، فإن الأسئلة المتعلقة بالمساواة بين الجنسين يتوقع أن تصبح أكثر حساسية، ومنها: هل سيؤدي تجنيد الحريديم في الجيش إلى التأثير على فرص النساء في الخدمة العسكرية المتساوية؟ وهل يجوز أن يتلقى يهودي مجند من الحريديم أوامر من قادته لو كانوا من النساء. هذه الأسئلة وغيرها من المسائل مرشحة للتفاقم مع الزيادة المستمرة في أعداد الحريديم الذين يشكلون الآن 10 في المئة من مجموع السكان في إسرائيل ويتوقـع أن تصـل نسبتهم إلى 30 في المئـة خلال خمسين عاماً القادمة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©