السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مزارع رأس الخيمة والفجيرة تموت عطشاً

28 أكتوبر 2006 23:51
قد لا يتصور البعض كم هي حجم معاناة الزراعة والقائمين عليها في إمارة رأس الخيمة والفجيرة بسبب تدهور الوضع المائي في مزارع هذه المناطق خلال السنوات الأخيرة· فالوضع الزراعي المتأزم والذي يصل الى درجة ''الخطر'' يهدد مزارع رأس الخيمة والفجيرة بشكل كبير والتي كانت في يوم من الأيام من مناطق الإمارات الخصبة والبارزة في هذا المجال· مشاكل المزارعين هناك كثيرة ومتعددة وتبدأ من ملوحة الأرض ونقص المياه الصالحة للزراعة إلى ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج مثل ''الماكينات الخاصة بتحلية المياه''· أضف إلى ذلك تراجع مردود أرباح التمور في الوقت الحاضر نظراً لمعايير الجودة المطبقة حالياً في توريد التمور· ومما لا شك فيه أن الدور الذي تقوم به وزارة الزراعة كبير ومقدر إلا أنه لا يكفي لحل معاناة المزارعين في رأس الخيمة والفجيرة ذلك لأن المشكلة لا تنحصر فقط في البذور والأسمدة والغطاسات الكهربائية وإنما تكمن كذلك في العوامل الطبيعية التي حصرت زراعاتنا وإنتاجنا على الأعلاف والتمور وحتى تلك الأصناف لم تعد تجدي من حيث الربح والعائد المجزي للمزارع· فقد تفاقمت مشكلة شح المياه في مزارع الفجيرة وتسببت في هجرة المزارعين لمزارعهم بعد أن أثرت الملوحة العالية في التربة وأضرت بالأخضر واليابس، وأصبحت الأشجار المثمرة مجرد هياكل خشبية تدب فيها الحياة بصعوبة· يقول حسن عبد الله مزارع من منطقة البدية التابعة لإمارة الفجيرة إنه يعاني في مزرعته من نقص المياه مما أدى إلى موت الأشجار إضافة إلى زيادة ملوحة المياه التي يعتقد أن سببها يعود إلى قلة الأمطار أو الزيادة الكبيرة في استهلاك المياه واستنزاف الآبار· ويضيف قائلاً: على الرغم من قلة المياه فإننا نعاني من وجود أمراض نباتية خاصة سوسة النخيل وكذلك الحشرة التي تصيب أشجار المانجو والتين· أما حسن الكندي مالك مزرعة في منطقة البدية فيقول: تعاني المزارع من ملوثات تؤذي محاصيلنا الزراعية وتؤدي الى مشاكل مستديمة تزيدها فتكاً وتأثراً مع مرور الأيام ومما يزيد الأمر سوءاً هو نقص المياه الذي يؤثر سلباً على إنتاج المحاصيل الزراعية· وأشار الى أن مشكلة نقص المياه منذ أكثر من 9 سنوات وانه لا يوجد بديل لديه سوى انتظار هطول الأمطار· ويقول علي سيف مالك مزرعة إن النبات يتعرض لعدة أمراض مختلفة وخاصة ما يلاحظه في مزرعته وهو مرض سوسة النخيل· وأشار إلى خسارته مؤخراً أكثر من 15 نخلة· وطالب وزارة الزراعة والثروة السمكية بأن تضع حداً لمشكلة سوسة النخيل وملوحة المياه· اما ربيع سعيد الحمودي مالك مزرعة في منطقة شرم التابعة لإمارة الفجيرة فيقول إن نقص المياه تترتب عليه مشكلات ومساوئ كثيرة منها ظهور مرض يحل على أشجار الليمون يسمى بـ''سرطان الليمون'' حيث يصبح الليمون صغيراً جداً ويتساقط من على الأشجار سريعاً· وأشار إلى عدم جدوى حملات الرش التي تقوم بها وزارة الزراعة الثروة السمكية حيث ظلت المشكلات كما هي من دون تقدم يذكر· ويضيف راشد محمد راشد مالك مزرعة في منطقة شرم بالفجيرة إن لديه مزرعة كانت في السابق ملآى بجميع المحاصيل الزراعية من الباذنجان والليمون والمانجو والملفوف والفلفل والطماطم وحشائش لرعي الأغنام أما الآن فقد انقلب الحال أصبحنا لا نرى هذه المحاصيل في مزرعتي حتى الحشائش التي تحتاجها الأغنام نلجأ لتوفيرها إلى الشراء· ويؤكد خلفان سعيد الكندي وعلي حميد حمدان أصحاب مزارع في كلباء أن استنزاف المياه الجوفية وراء تزايد نسبة الملوحة في التربة· ومن بين الاقتراحات التي تقدما بها لوزارة الزراعة إعادة النظر في مسألة السدود سواء بإنشاء المزيد أو تعديل بعضها مثل سد وادي حام لتوفير المياه لمزارع كلباء وكذلك التوسع في إنشاء محطات لتحلية مياه البحر وتوفير الماكينات بأسعار مدعومة وبأقساط مريحة للمزارعين· ويقول محمد علي الزيودي من منطقة ''رول هندنا'' عولجت أشجار النخيل في المزرعة من سوسة النخيل ولكن المعضلة تكمن في نضوب المياه وقد أدى الجفاف إلى موت المحاصيل وقلة الإنتاج بالأخص أشجار النخيل والحمضيات والمانجو حيث بلغ عدد أشجار النخيل الميتة نحو 40 نخلة اضافة إلى 70 شجرة مانجو وبرتقال وليمون سقطت وقمنا بزراعة الحشيش بدلاً منها· ويوافقه الرأي عبد الله محمد الزيودي ويقول معاناتي ليس بسبب قلة المياه بل لأن المياه مالحة وأثرت بشكل كبير على المحاصيل والثمار والرطب· قبل سنة كنت أبيع الرطب والتمر بشكل كبير والحمد لله ولكن في الآونة الأخيرة لم أقم ببيع أي من الثمار بسبب تلفها بفعل ملوحة المياه ''الطوي'' بل إنني أضطر أحيانا لإحضار المياه من المنزل لأسقي الزرع وقدمت للبلدية طلباً لحفر ''رف'' ولكن رفض الطلب رغم وجود أشخاص قوبلت طلباتهم بالموافقة· ويكمل قائلاً: أرجو من الجهات المختصة مساعدتنا في التقليل من نسبة الملوحة عن طريق تحليتها فمزارعنا في تدهور وأغلب التربة غير صالحة للزراعة· ويضيف سعيد راشد الصريدي كنت أعاني مسبقاً من مشكلة المياه ولكن بعد أن وافقت البلدية لابني بحفر ''الرف'' في مزرعته طلبت إمداد أنابيب لمزرعتي لري الزرع والحمد لله تغلبت على هذه المحنة ولكن أغلب الأهالي يعانون من ملوحة المياه وبرأيي أن المشكلة لا تكمن في عدد الآبار بل في نضوب المياه من الآبار وملوحتها· ويقول المهندس تفيد يوسف المرشد الزراعي بالمنطقة الزراعية برأس الخيمة إن الزراعة تعتمد على العناية بعناصر التربة من خلال عناصر التسميد ومقاومة آفات التربة وذلك للمحافظة عليها بكامل عناصرها للأجيال المقبلة· ويضيف قائلاً: إن التربة مهمتها تكمن في تثبيت البذور وبالتالي هي عامل تثبيت للنباتات وامدادها بالعناصر الغذائية اللازمة لنمو النبتة وعندما تواجه التربة مشكلة نقص المياه فيها والتي تعتبر المشكلة الأساسية التي يمكن أن تواجه التربة فالمشكلة هنا تنقسم الى شقين الشق الأول يكمن في ''الكمية'' ونقصد بذلك مصدر المياه المتاح بالمزرعة ''البئر'' والشق الثاني يكمن في ''النوعية'' ونسبة الأملاح الذائبة في المياه· وفي المقابل كلما زادت نسبة الملوحة أصبح الأمر صعباً لزراعة المحاصيل الحساسة مثل الخضار والحمضيات والمانجو ونتجه نحو زراعة المحاصيل الأكثر تحملاً كالنخيل بصورة أساسية والأعلاف وهذا يختص بعامل النوعية· ونظراً لارتفاع نسبة الملوحة في مزارع الإمارة يتم التركيز حالياً على زراعة الأعلاف والنخيل ونحن بدورنا كمهندسين قمنا بتقييم مراكز المزارع في الإمارة الى ستة مراكز إنتاجية تشمل شعم والدقداقة وخت والحمرانية وأذن ولكل مركز مهندس مشرف على تلك المزارع ويتم التنسيق بين تلك المراكز وتوجيههم لكيفية التعامل مع المزارع الموجودة في كل منطقة· وتكلف مهام المهندسين في الإشراف على العملية الإنتاجية من زراعة البذرة حتى الإنتاج وزراعة المحصول من حيث الأصناف التي تزرع وبرامج التسميد وبرامج مكافحة الآفات ومواعيد قطف المحصول إلى جانب توزيع مستلزمات الانتاج التي هي مدعومة من قبل الوزارة بنصف القيمة بالإضافة إلى جدولة خدمة الجرارات الزراعية التي تقدمها الوزارة بالمجان· وفيما يخص آليات العمل المستخدمة لمتابعة المزارع والخدمات المقدمة للمزارعين يقول تفيد إن الوزارة تقوم بمهمتين رئيسيتين سواء من محطة الأبحاث أو الجهاز الارشادي فمحطة الأبحاث تقوم بحل المشكلات التي تواجه العمل الزراعي واختبار التقنيات الحديثة لدراسة مدى ملاءمتها مع الظروف البيئية في الدولة ومن ثم ترفع تلك النتائج إلى الجهاز الإرشادي المكلف نقل تلك النتائج إلى حقول المزارعين· ويؤكد تفيد يوسف أن مع تزايد نسبة الملوحة في الأراضي الزراعية والصعوبات التي يواجهها المزارعون في رأس الخيمة للحصول على المياه بالطريقة الصحيحة اتجه عدد كبير من المزارعين إلى شراء الماكينات الضخمة والتي قد تصل تكلفتها من 60 ألفاً الى 200 ألف درهم وذلك من أجل استصلاح الأراضي· وافاد بأن نسبة الملوحة في الأراضي الزراعية قد زادت مما كانت عليه في الفترة الماضية نظراً لنقص منسوب المياه الجوفية وبالتالي صعوبة وصول المياه إلى التربة وبناءً على ذلك تقع على المزارعين المسؤولية الكبيرة لحل تلك المشكلة من خلال شراء تلك الماكينات لتحلية المياه للتغلب على مشكلة الملوحة· واضاف بعد تركيب تلك الأجهزة اصبحت هناك أراضٍ صالحة للزراعة تمكن من خلالها زراعة أكثر من 30 صنفاً من الخضار بعدما كان التركيز مقتصراً على زراعة التمور والأعلاف·وقال تفيد يوسف إن تلك الماكينات باهظة الثمن وليس كل المزارعين لديهم القدرة على شرائها وبالتالي قد نخسر اراضي بالإمكان إصلاحها والاستفادة منها· واشار إلى أن الوزارة تتجه اليوم نحو تقليص الزراعة لإحداث توازن بين الاستهلاك المائي وكمية الانتاج وبالتالي نطالب المزارعين اليوم باتباع النظم التي تساهم في التخفيف من حدة المشاكل التي تواجهها مزارع الإمارة من خلال تشجيعهم على استخدام نظام الري بالتنقيط وذلك بالنسبة للخضار والنافورات بالنسبة للأشجار ومثل هذه الانظمة تدعمها الوزارة في حين أن شبكات الري بالرش لا تدعمها الوزارة لأنها تستهلك كميات كبيرة من المياه ودور الوزارة هنا كجهاز ارشادي يسعى لإقناع المزارعين بالفكرة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©