اعتاد رواد الأعمال في وادي السليكون على أن يحلموا بتكوين الجديد من شركات الإعلام الاجتماعي الناجحة، اعتقاداً منهم بأن تطبيقات خصائص الصور وتبادل الرسائل واسع النطاق، تغنيهم عن اتباع نمط أعمال بعينه، أملاً في أن يحصدوا أرباحاً بعد ذلك.
غير أن بعض أنجح رواد أعمال التكنولوجيا اكتشفوا طريقاً مباشراً إلى الثراء عن طريق استخدام تطبيقات اجتماعية كأدوات تستهدف عالم الشركات.
وقد ترتب على نجاحهم المبكر موجة من عقد صفقات ساعدت على إنعاش سوق الاندماج والاستحواذ في قطاع التكنولوجيا، وأعانت وادي السليكون، على أن يظل نشيطاً في أعقاب اكتتاب فيس بوك العلني المعيب، وجاءت آخر صفقة في 31 يوليو حين استحوذت جوجل على وايلد فاير، وهي شركة بادئة متخصصة في الإعلانات الاجتماعية مقابل 250 مليون دولار.
الشركات الصغيرة
وقال مارك شافير رئيس صيرفة التكنولوجيا والإعلام والاتصالات في سيتي بنك: “تلجأ كبريات شركات التكنولوجيا إلى الاستحواذ على شركات بادئة وصغيرة لكي تواكب الجديد من التوجهات”. تتمثل أكبر صفقة في هذه الموجة من النشاط في استحواذ مايكروسوفت مقابل 1?2 مليار دولار نقداً على يامر، وهي عبارة عن أداة شبكة اجتماعية للشركات، تعتبر يامر التي لم يمض على تأسيسها سوى أقل من أربع سنوات، والتي بلغت أرباحها العام الماضي 20 مليون دولار، من الشركات الصغيرة بجميع المقاييس، مقارنة بشركة مايكروسوفت.
غير أن رائدة البرمجيات رأت أن في إمكان يامر أن تضيف بعض اللمسات العصرية المحببة لما لديها من برمجيات إنتاجية أوفيس.
التطبيقات الاجتماعية
وقال ديفيد ساكس رئيس تنفيذي يامر: “تعتبر التطبيقات الاجتماعية عاملاً بالغ الأهمية، ولدى موردي البرمجيات للشركات الآن فرصة للاستفادة من ذلك”.
قبل صفقة يامر ببضعة أسابيع، استحوذت سيلزفورس على بادي ميديا التي تعد منصة تسويق اجتماعية منافسة لوايلد فاير مقابل 689 مليون دولار، كما تعكف أوراكل على الاستحواذ على شركات أصغر مثل فيترو Vitr e مقابل 300 مليون دولار و”إينفولفر” اللذين يساعدان شركات كبرى على إدارة علاقات خدمة العملاء والتسويق على فيسبوك.
بالنسبة لشركة فيترو كانت الصفقة بمثابة نهاية سعيدة لاهتمام متزايد من قبل مصرفيين وشركات. وقال ريجي برادفورد الرئيس التنفيذي لشركة فيترو: “يعكف مستحوذون استراتيجيون على طرق أبوابنا منذ فترة”.
وقد ساعدت صفقات من هذا القبيل على أن تجعل التكنولوجيا مجالاً نادراً يدعو إلى الأمل في سوق صفقات راكدة، يذكر أن صفقات اندماج واستحواذ التكنولوجيا زادت حالياً بنسبة 6% حجماً مقارنة بعام مضى، بينما انخفض نشاط الاندماج والاستحواذ عموماً بنسبة 16%، حسب ديلوجيك.
فيما يخص كبريات الشركات مثل مايكروسوفت واوراكل وسيلزفورس، يعتبر شراء شركات ناشئة واعدة طريقة للحفاظ على الحداثة في مكان العمل الذي يتغير سريعاً بالنظر إلى أن الموظفين يتفاعلون بصورة متزايدة مع الوسائط الإعلامية الاجتماعية، ويستخدمون أجهزتهم، ويستخدمون الحوسبة السحابية. وقال كريس جارتنر، رئيس تمويل شركات التكنولوجيا في كريدي سويس، إن شراء الشركات البادئة يعتبر طريقة فعالة لدخول كبريات الشركات إلى خطوط الأعمال المستجدة. وأضاف جارتنر: “فهو يمنع هذه الشركات من إنفاق مبالغ ضخمة في تطوير منتجاتهم على نحو قد ينجح أو لا ينجح”. وأوضح قائلاً: “عليك أن تعتبرها نوعاً من تعهيد الدراسة والتطوير”.
غير أن رهانات من هذا القبيل قد يتضح فشلها التام. ففي خلال شهر يوليو الماضي تحملت مايكروسوفت خسارة ما يقرب من 6?2 مليار دولار، حيث إنها اضطرت إلى خفض قيمة السعر الذي اشترت به شركة ايكوا نتيف (للإعلان على شبكة الإنترنت) التي اشترتها في عام 2007. الآن ونظراً لأن تقويم شركات من هذا القبيل في سبيله إلى الارتفاع فإن كبريات الشركات الساعية إلى الحداثة يجب عليها أن تكون حريصة بحيث لا تدفع في الصفقات أكثر ما تستحق.
الشبكات الاجتماعية
وقال اندي ماكلولين، مؤسس شركة هودل لشبكات التواصل الاجتماعي التي تصنع منتجاً شبيهاً لتطبيق شير بوينت الذي تصنعه مايكروسوفت، والتي لا تزال شركة مستقلة: “بإمكانك تقريباً مضاعفة قيمتك فقط من خلال تحولك إلى نشاط الشبكات الاجتماعية”.
وأضاف: “حين ترى أن شركة مثل يامر تباع بمبلغ كبير، يتمنى أصحاب شركات صغرى آخرون أن يكونوا هم التالين”.
يقول مستثمرون ومصرفيون إن العديد من الشركات التي تقترن بالإعلام الاجتماعي وبشركة كبيرة يكون لها ميزة على نظرائها مثل اينستاجرام التي اشترتها فيسبوك مقابل مليار دولار قبيل اكتتابها العلني.
وبدلاً من ألا يكون للشركات نمط أعمال على الإطلاق أو التعويل على وعود الإعلانات، تولد الشركات المستحوذ عليها اليوم دخلاً منتظماً من خلال رسم الاشتراك.
وقال براد ريباك، مدير شركة اوبنهيمر للاستثمار، إن العديد من الشركات على شاكلة بودي ميديا وفيترو استطاعت مضاعفة إيراداتها في كل سنة من السنوات الماضية، مع نموها بنسب تتراوح بين 30 و50% خلال السنوات القليلة المقبلة.
ويقول مصرفيون وتنفيذيون إنه من المرجح أن تستمر هذه الموجة من الاستحواذات بالنظر إلى تطلع كبريات شركات التكنولوجيا إلى الحفاظ على حداثتها حتى إن لم تحقق بعض الصفقات النجاح المنشود.
نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز»
ترجمة: عماد الدين زكي
عدد اليوم
