الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ابن أبي شيبة بحر العلوم وشيخ الإمامين

11 أغسطس 2012
(القاهرة) ـ الإمام ابن أبي شيبة مؤرخ وعلم من أعلام المصنفين في الحـديث، وكان شيخـا للإمامين البخاري ومسلم، ومؤلفاته التاريخية أحد الروافد المهمة للمصادر التاريخية المشهورة كالبلاذري والطبري والخطيب البغدادي. ويقول الدكتور محمد متولي منصور -الأستاذ بجامعة الأزهر- ولد عبدالله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي الكوفي المعروف بابن أبي شيبة، وكنيته أبوبكر، في سنة 159هـ، بالكوفة، ونشأ في أسرة شريفة محبة للعلم والعلماء، وذكر الذهبي أنه: “أخو الحافظ عثمان بن أبي شيبة، والقاسم بن أبي شيبة الضعيف، فالحافظ إبراهيم بن أبي بكر هو ولده، والحافظ أبو جعفر محمد بن عثمان هو ابن أخيه، فهم بيت علم، وأبوبكر أجلهم”، وبدأ تلقي العلم صغيرا بحفظ القرآن الكريم ودراسة علوم اللغة والحديث والأصول والفقه عن مشايخ الكوفة وعلمائها، ورحل طلباً لمزيد من العلم إلى البصرة وبغداد والحجاز، وقال الذهبي: “طلب أبوبكر العلم وهو صبي، وأكبر شيخ له هو شريك بن عبدالله القاضي، سمع منه، ومن أبي الأحوص سلام بن سليم، وعبدالسلام بن حرب، وعبدالله بن المبارك، وجرير بن عبدالحميد، وأبي خالد الأحمر، وسفيان بن عيينة، وخلق كثير بالعراق والحجاز وغير ذلك”، وأخذ رواية التاريخ عن جماعة من العلماء منهم عبدالله بن إدريس وأبي أسامة. مناقبه وأشاد به العلماء واثنوا على علمه ومناقبه، وذكر ابن حبان انه: “كان متقنا حافظا دينا، ممن كتب وجمع وصنف وذاكر”، وقال عمرو بن علي الفلاس: “ما رأيت أحداً أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة”، ووصفه الخطيب بأنه: “كان متقناً حافظاً، صنف “المسند” و”الأحكام” و”التفسير”، وحدث ببغداد”، وقال عنه الذهبي:”الحافظ عديم النظير، الثبت التحرير، الحجة”، ووصفه الإمام البخاري بأنه: “من أقران أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وعلي بن المدين”. ولعلمه ونبوغه ندبه المتوكل في الجلوس للتدريس بمسجد الرصافة ببغداد للرد على المعتزلة والجهمية في قولهم بخلق القرآن، وكان يحضر مجلس علمه نحو ثلاثين ألفا، وتتلمذ عليه الكثير من طلبة العلم النبغاء، وتلقى عنه الشيخان الإمام البخاري ومسلم، وأبو داود وابن ماجه، وروى عنه محمد بن سعد الكاتب، ومحمد بن يحيى، وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة، وأبو بكر بن أبي عاصم، وبقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى الموصلي، وجعفر الفريابي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وغيرهم. وخلف الإمام ابن أبي شيبة مصنفات في أنواع العلوم خاصة التاريخ والسير والحديث والتفسير، أهمها “المصنف” و”المسند”، و”التفسير”، و”الإيمان”، و”الأوائل”، و”ثواب القرآن”، و”الفتن”، و”السنن”، و”المغازي”، و”صفين”، و”الجمل”، و”الفتوح” وهو مفقود، وأورد البلاذري أن له مرويات من كتب أخرى مفقودة منها روايتان تتعلقان بوفاة فاطمة وسعد بن أبي وقاص. مروياته وعني الإمام ابن أبي شيبة في مصنفاته بتدوين التاريخ وذكر مروياته والمعارك والفتوح الإسلامية وتواريخ المدن والأقاليم وتراجم الأعلام والقبائـل والأنسـاب وآداب الحرب ومعاملة أهل الذمة والمعاهدات، واعتمد عليه المؤرخون الأوائل في دراساتهم، وظهر هذا جليا في كتابه “التاريخ” الذي تميز بتفرد منهجه، حيث فرق بين التاريخ بمعنى الأخبار والحوادث والأحوال، والتاريخ بمعنى التوقيت والتقويم، وبدأه بمعركة اليمامة، وقدوم خالد بن الوليد الحيرة، ومعركة القادسية وجلولاء، ثم تحدث عن فتح بعض أقـاليم فارس مثـل الجبل، ثم ذكر بعده كثيرا من أخبار ومرويات المعارك الإسلامية التالية مثل القادسية واليرموك، وتوجه عمر -رضي الله عنه- إلى بلاد الشام وزيارة بيت المقدس وهيئة مركبه واستقبـال الناس له، كما فصل بين أحداث المغازي، وأحداث التاريخ وعقد الحديث في الأولى عن الغزوات الإسلامية في عهد الرسول- عليه الصلاة والسلام- بينما أورد أحداث المعارك في العهود التالية، واتبع منهج أهل الحديث في كتابة التاريخ، إذ رتب موضوعات مصنفه وقسمه إلى غزوات وأحداث عامة، وجعل الغزوات تلي باب الجهاد مباشرة وذكر بعدها حوادث تاريخ المسلمين ذات العلاقة كالمعارك والفتوح. وتناول بالحديث بعض الأنبياء كآدم ونوح ويوسف، وتوسع في الحديث عن سيرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأورد مدد عهود الخلفاء الراشدين وخلفاء الدولة الأموية حتى الخليفة المأمون، ولم يعن في مؤلفه بذكر أخبار الحكام والبلدان والحواضر. وجاءت كتبه التاريخية الأخرى “الجمل” و”صفين” على نحو موضوعي وتتركز رواياتها حول موضوع كل كتاب، وحرص على كتابتها وفق سياق الموضوع وتسلسل أحداثه. أما كتابه “الفتن” فخصصه لتاريخ الفتن في الإسلام، وكيف تكون وعلاماتها. ونال منهجه في تدوين مروياته وأخباره والحوادث التاريخية ثقة المصنفين، فقد حرصوا على نقلها بنصها أو بمعناها، وتوفي -رحمه الله- في المحرم عام 235هـ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©