الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عقد على 11 سبتمبر

20 أغسطس 2011 23:39
لو تابعنا فقط عناوين الصحف وتقارير الإعلام المرئي والمسموع بعد عقد من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لاستنتجنا أن العالم أصبح مفعماً بالأزمات، وأن الأمور تتدهور على رغم أننا نظن أنها قد لا تتدهور أكثر من ذلك. وقد استمر المتشددون الدينيون في التخطيط للهجمات الإرهابية داخل الولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم. ورفع الإرهاب الناشئ محليّاً رأسه البشع عندما حاول الأميركي الباكستاني فيصل شاهزاد تفجير سيارة في ميدان "تايمز سكوير" بنيويورك، ولكنه فشل لحسن الحظ. كما سيطرت على عناوين الأخبار العام الماضي أحداث بارزة أخرى مثل الخلاف الذي نشب حول مركز بارك 51 المجتمعي في نيويورك. وتشير جميع استطلاعات الرأي الرئيسية التي أجريت خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى أن المشاعر المعادية للإسلام في الولايات المتحدة نمت بشكل تصاعدي، حيث يستمر الطرح المفعم بالحقد من قبل الجماعات اليمينية دون توقف. ولكن قبل أن يسيطر علينا التشاؤم الدائم، يتعين علينا الاطلاع على الجوانب الأخرى كذلك، فالأحداث التي لم تغطها العناوين العريضة ينبغي أن تعطى نظرة ثانية. لقد كان من بين الذين أنذروا بوجود سيارة مفخخة تنفث الدخان، التي زرع فيها فيصل شاهزاد القنبلة في "التايمز سكوير"، رجل سنغالي مسلم، ساعد على إنقاذ حياة كثيرين. كما يتمتع مشروع مركز بارك 51 المجتمعي بالدعم المطلق لمجلس مجتمع مانهاتن الأول، وهو مجلس مجتمعي في نيويورك يمثّل سكان مانهاتن السفلى، وكذلك أسر الحادي عشر من سبتمبر. وحتى تتسنى مجابهة التعصب الديني الأعمى، تتوافر الآن مناسبات الحوار الديني بشكل أوسع من أي وقت مضى، ويقوم بها ممارسون فاعلون في المجال الديني، قد يكونون غير بارزين ولكنهم فاعلون بشكل كبير. وفي أوماها بولاية نبراسكا في قلب الولايات المتحدة، تنوي مبادرة ثلاثية الديانات بناء حرم متعدد الديانات، ينتهي العمل به في عام 2014 ويتكون من كنيس يهودي ومسجد وكنيسة على قطعة أرض مساحتها 140,000 متر مربع. ومؤخراً، لوحظ أيضاً تراجع المتنافس الجمهوري الرئاسي هيرمان كين عن ملاحظاته المليئة بالرهاب من الإسلام ورفع غصن الزيتون للقادة المسلمين في واشنطن العاصمة. ولكن ماذا عن القس جونز الذي هدد بحرق المصحف العام الماضي؟ إنه اليوم رجل وحيد وقد تخلى عنه معظم أفراد رعيته بسبب تطرفه. وقد ذكر مقال نشر مؤخراً في صحيفة "نيويورك تايمز" عن "جونز" أن يافطات كانت قد وضعت أمام كنيسته تقول "الإسلام من الشيطان" تم تغييرها الآن لتقول "أحبوا جميع بني البشر". لقد كان هناك مقابل كل عمل هدد بإعادتنا إلى هوّة الاستقطاب والحقد، عمل آخر أظهر لنا أسلوباً أكثر إنسانية وتنوّراً في مسيرتنا إلى الأمام. وقد علق فيلسوف القرن التاسع عشر الألماني فريدريك نيتشة ذات مرة قائلاً إن ما لا يستطيع كسرك يجعلك أكثر صلابة. ولذا فإن ذلك اليوم، الحادي عشر من سبتمبر، لم يكسر الروح التي لا تقهر لهؤلاء الذين يرفضون التخلي عن الإيمان في الإنسانية والذين يؤمنون بالطيبة والمرونة الكامنة للروح الإنسانية. ولذا فإننا اليوم نحث الخطى إلى بقية العقد التالي ونحن أقوى وإرادتنا أمضى للاستمرار في مواجهة قوى الحقد والشقاق التي سممت العلاقات الإنسانية بين أتباع مختلف الأديان والثقافات، بعد أن اخترنا جميعاً القضاء عليها واستبدالها بثقافة التسامح والتعايش السلمي، والأخوة الإنسانية بأرقى معانيها، مع كل ما يتيحه ذلك من فرص التعاطف والتفاهم بين الإنسان وأخيه الإنسان، بغض النظر عن اختلافات اللغة والعرق والزمان والمكان. أسماء أفسار الدين أستاذة في الدراسات الإسلامية بجامعة إنديانا الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©