الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

صور تبرز الإيقاع اللوني وتجسد معاني حياتية عميقة

صور تبرز الإيقاع اللوني وتجسد معاني حياتية عميقة
20 أغسطس 2011 02:13
يستمر في بيت السركال بمنطقة التراث بالشارقة القديمة معرض “الأخضر.. لون الحياة” الذي تقيمه جمعية الإمارات للتصوير الضوئي التابعة لإدارة الفنون في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة والذي افتتح مساء الخامس عشر من هذا الشهر ويستمر حتى نهاية الأسبوع. يضم المعرض أربعين عملا أنجزها تسعة عشر مصورا فوتوغرافيا من أعضاء الجمعية من المصورين الإماراتيين هي نتاج مسابقة “الأخضر.. لون الحياة” التي أعلنت عنها الجمعية مطلع الشهر الفضيل وحتى العاشر منه وفاز بها على التوالي للمراكز الثلاثة الأولى: فاطمة علي ضاعن المسافري ومحمد عتيق حارب محمد وفاطمة مبارك سالم الخاطري. توزعت أعمال المعرض على ثلاثة اتجاهات فنية سائدة في التصوير الفني بدولة الإمارات: تمثل الاتجاه الأول بالصورة الواقعية تماما التي اكتسبت فنيتها من مهارة المصور الفوتوغرافي في اختيار زاوية النظر للمشهد والمفارقة الواقعية فيه التي لا يمكن أن تتكرر أو أن من الصعب تكرارها، وتمثل الاتجاه الثاني بميل المصور الفوتوغرافي بخلق عناصر متوافقة ومنسجمة أو متنافرة ومتضادة وفقا لنوع من الإيقاع الخاص بها إنما المصنوعة بتقصد مطلق من قبل المصور، ما يعني غياب عنصر المصادفة “الواقعية” بالمطلق عن الصورة، أما الاتجاه الأخير فتمثل بالصورة التي جرت معالجتها بواسطة تقنيات الكمبيوتر حيث لم تقتصر هذه المعالجة على اختيار درجة اللون، أي شدة الإضاءة وفقا للمصطلح التشكيلي، بل تجاوزت ذلك إلى التوليف بين عناصر متفرقة تجمعها، أو لا تجمعها ثيمة واحدة، في إطار خاص يمنح الناظر إلى العمل إحساسا ما بأن هذا العمل يمتلك فنيته بذاته وأن هذه الفنية لا تأتي من خارج التوافق والانسجام بين عناصر العمل. ومن الملاحظ أن الأعمال التصويرية الثلاثة الفائزة بجوائز المسابقة تنتمي إلى الاتجاهين الأول والثالث من بين الاتجاهات الثلاثة المشار إليها على التوالي، وذلك بدءا من الفائز الأول فالثاني والأخير، لكن الجامع بينها جميعا في المسابقة هو جامع لوني إذ يحضر الأسود والأبيض إلى جوار الأخضر لخلق إيقاع لوني في كل الأعمال تقريبا. الأول إن ما يتركه عمل فاطمة علي ضاعن المسافري على عين الناظر إليه هو الانطباع بأن هذا العمل هو نتاج البحث عن مفارقة واقعية، إذ تحدث لمرة واحدة ولا تتكرر ثانية، وتلعب الخلفية التي اختارتها المسافري لعملها دورا مهما في جملة الإيحاءات التي يمنحها العمل برمته لجهة مقدرته التعبيرية عن حضور فكرة الأخضر، فهي هنا حديقة عامة، أو ما هو أقرب إليها، تعول فيها لأشجار بنيّة الساق ومخضرة الأوراق على نحو دائم على الأرضية العشبية الخضراء واللامعة ضمن إيقاع لوني يكسر البني فيه تلك الحدة لسطوة الأخضر، لكن إذ تختار المصورة فاطمة المسافري موقعا للطفل في الأسفل من الزاوية اليمنى الأقرب إلى المشاهِد فإنها تنقل مركز العمل من موقعه الاستاتيكي للتوازن العادي أو المقبول ضمن ما يُعرف بالمستطيل الذهبي إلى موقع آخر ليصبح فيه مركز العمل مركزا فنيا احترافيا لا حِرَفيا تجعل المشاهِد نفسه يشعر بالغبطة، سواء الدينية أو الدنيوية، التي تُعلي من قيمة اللون الأخضر كقيمة لونية وفنية معا علما أن درجة الإضاءة إذ تغلب بطابعها على العمل بتدرجات مختلفة فإن من السهل اكتشاف أن اللون قد تمّت معالجته تقنيا إنما باحتراف ملحوظ. الثاني أما عمل محمد عتيق حارب محمد الفائز بالمركز الثاني فقد صنع، على المستوى الفني، مركّبا منسجما، يكاد يكون كيميائيا، هو لوني الطابع أكثر مما هو إيحائي بما يشتمل عليه من عناصر، حتى لو كانت العناصر غير اللونية ذات طابع ديني محض، وهذا المركّب يأْتلف فيما بينه من توافق أساسي بين الأخضر والأسود على خلفية من اللونين ذاتهما تبدو كأنما هي قطعة قماش مطبوع عليها غرافيكيا بواسطة السيلك سكرين المعروفة تجاريا بالطباعة الحريرية، في حين يتموضع مركز العمل في منتصف الصورة تقريبا وهو عبارة عن نسخة من المصحف الشريف وقد انفتح في وضعية أشبه بوضعية القراءة الكلاسيكية للقرآن حيث يبرز هنا انسجام آخر يحضر فيه الأبيض إلى جوار الأسود والأخضر وهذا التوافق الثانوي بين الألوان هو ما يمنح العمل قيمته الفنية بما يصنعه من تنافر وتضاد مع التوافق اللوني الأول، ما يعني أن الناظر إلى العمل هو بالأساس أما عمل لوني بالدرجة الأولى تمنحه فكرة العمل أو مضمونه جانبا روحيا تجذي عين المشاهِد باستمرار. الثالث وإلى العمل الثالث والأخير للمصور الفوتوغرافي فاطمة مبارك سالم الخاطري، حيث إن الفكرة الساطعة للعمل تأخذه إلى ما هو أقرب إلى فن البوستر الدعائي، فيشعر المرء أنه بإزاء عمل مكتمل تماما لجهة العناصر التي تتشكل منها هذه الفكرة بما توفر عليه من ذكاء خاص في الطرح فهي دعوة غير مباشرة للتضامن والتكافل الإنسانيين في المجتمع. إلا أنها في الوقت نفسه تتوفر على قدر من البساطة يجعلها فكرة واضحة وفي متناول المتلقي بمختلف مستوياته.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©