الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حصاد مرّ لـ جنون السرعة

حصاد مرّ لـ جنون السرعة
17 فبراير 2008 01:20
بعض الشبان يريدها ''حرب شوارع'' طاحنة لمجرد استعراض فروسيته ولفت أنظار الآخرين إلى امكانات سيارته، وبعضهم الآخر يضطر ''للاشتباك'' مؤقتا في هذه الحرب إلى أن يجد منفذا للخروج منها، ويلحق بموعد مهم لا يستطيع التأخر عنه، أو يصل إلى المكان الذي يقصده بسلامة· وفي ''غبار الحرب'' ترتفع الاتهامات المتبادلة هنا وهناك·· وهي غالباً موجهة للشباب الذي يضع كثيرون على عاتقه مسؤولية حدوث عدد غير قليل من حوادث المرور المأساوية، والسبب هو السرعة الجنونية· لكن، قبل الشروع في البحث عن أسباب ما يجري وصحة هذا الاتهام من خطأه، لا بد من وقفة مع الأرقام لمعرفة الواقع الحقيقي وتحديد دقة ما يجري على الأرض· أرقام ودلالات يقول العقيد حمد عديل الشامسي، مدير إدارة المرور والدوريات بأبوظبي في تصريح لـ ''دنيا الاتحاد'': بلغ إجمالي الحوادث المرورية في امارة أبوظبي والعين والمنطقة الغربية عام (2007) 4506 حوادث مرورية، يرجع الجزء الأكبر منها الى عدم تقيد السائقين بقوانين السير واستهتار الآخرين بأرواح الناس· ويوضح العقيد أنواع هذه الحوادث قائلا: بلغ اجمالي الحوادث التى حصلت في أبوظبي 3032منها 198 حالة وفاة و228 اصابة بليغة و726 اصابة متوسطة و1873 اصابة بسيطة، في حين بلغ اجمالي الحوادث في العين 829 حادثا مروريا منها: 87 حالة وفاة، و244 اصابة بليغة و25 اصابة متوسطة و 473 اصابة بسيطة· أما المنطقة الغربية فبلغ الاجمالي فيها 645 حادثا مروريا منها 80 حالة وفاة و126 اصابة بليغة و 85 اصابة متوسطة و 353 اصابة بسيطة· ذوق وأخلاق القيادة فن وذوق وأخلاق، فهل يصدق الشبان هذا القول ويتصرفون في قيادتهم على أساسه؟ يقول محمد راشد الكندي: إن السرعة الزائدة تلعب دورا مهما ورئيسيا في وقوع حوادث السير، خصوصا لدى الشباب الذين يستهترون بحياتهم وحياة الآخرين، ويسابقون الريح بطيش وتهور، فضلا عن أن خبرات معظم هؤلاء في القيادة محدودة· و ''عشاق السرعة الجنونية'' معظمهم بين التاسعة عشرة والثالثة والعشرين من أعمارهم، وبديهي أن هذه الشريحة من المجتمع تعتبر بمثابة الثروة البشرية والركيزة الأساسية في المجتمع، وقد أصبح سقوط هؤلاء الشباب ضحايا السرعة لغزا محيرا ومشكلة تؤرق الجميع· حلبة سباق أما أحمد جاسم المرزوقي فيؤكد أن ''الشباب جعلوا من الشارع حلبة للسباق، يمارسون هواياتهم فيها''· ويرى أن ''أكثر الحوادث التي تقع بين الشباب تحدث بسبب حبهم للتباهي، خصوصا إذا كانت السيارة من طراز جديد، وبمواصفات عالية الجودة وتتمتع بإمكانيات فائقة السرعة''· ويعزو سيف رمزي طيش هذه الفئة المتهورة إلى ''نقص في التربية التي يتلقاها الشاب في البيت، وضعف إشراف الأهل على أولادهم وتدليلهم الزائد وتنفيذ رغباتهم كافة بما في ذلك الحصول على الرخصة في أسرع وقت ممكن''· ضريبة قاسية قصص دامية، وخسارات فادحة يسمعها كل ما يفتح موضوع الحوادث المرورية وأسبابها، وما قصة خالد جاسم الذي دفع ثمناً فادحاً ''لسباقات السرعة الجنونية'' وخرج من أحدها مشلولاً إلا واحدة من هذه القصص، يقول عن تجربته: السيارة أصبحت من ضرورات الحياة، وإذا أحسن استخدامها تصبح نعمة، وإذا أسيء استغلالها تغدو نقمة، وهذا ما حدث معي بالضبط، فالواقع أنني كنت مدللا في البيت، وسرعان ما تلبي أسرتي كافة طلباتي، لأنني الابن الوحيد وسط عدة بنات· وكان أبي قد وعدني بسيارة فور نجاحي في الثانوية، ووفى بوعده، فاشترى لي سيارة أحدث موديل، وحصلت على الرخصة وأنا في الثامنة عشرة· لم أكن أدرك بالطبع القيمة الحقيقية للسيارة، وأنها ليست لعبة لنتباهى بها ونتعامل معها بطيش· وذات مرة تحديت أحد الشباب بإجراء سباق بين سيارتي وسيارته، فكانت النتيجة حادثاً أدى إلى إصابتي بكسر في العمود الفقري، وهاأنذا جليس الكرسي المتحرك بعد أن أصبت بشلل كامل، وأصبحت عالة على أسرتي ومجتمعي''· ولا تقل قصة جاسم يوسف الذي يبلغ من العمر عشرين عاماً مأساوية عن قصة خالد، لكنها تختلف في التفاصيل، يقول: كنت ذاهباً إلى موعد مقابلة للحصول على وظيفة· خرجت من دبي الى أبوظبي مبكرا، وأنا أقود بسرعة جنونية للوصول في الموعد المحدد· لم أكترث بتصوير الرادار لي أكثر من 3 مخالفات، وواصلت السير بالسرعة نفسها، وفجأة انفجرت إطارات السيارة فانقلبت بي أكثر من مرة، ولم أفق إلا في المستشفى لأجد نفسي مصاباً بكسور في ساقي وكتفي ويدي، وما زلت طريح الفراش بانتظار الشفاء· يا أولياء الأمور وفى إطار الدعوة إلى التوعية كحل للمشكلة يحث محمد حاكم الآباء والأمهات على عدم المبالغة في تلبية رغبات الأبناء، ودراستها جيداً قبل الشروع في تحقيقها، والابتعاد عن التدليل الزائد، إلى جانب مراقبة الأبناء ومتابعتهم في حال أخذوا السيارة من دون علم الأسرة· كما يطالب أحمد عبد الكريم ''بأن تكون هناك توعية لطلبة المدارس من خلال المنهاج الدراسي بالتنسيق بين وزارتي الداخلية والتربية، بهدف خلق نوع من الوعي المروري ليس فقط على صعيد التعامل مع السيارة وكيفية استخدامها، بل أيضاً في اتباع سلوكيات السير في الشارع والالتزام بقطعه من المنطقة المخصصة للمشاة وغيرها، ويجب تدريس ''مادة المرور'' ضمن المناهج الدراسية، فالشاب لابد أن يلم قبل سياقة السيارة بالقواعد الأساسية للسير والمرور، وما ترمز إلية اللوحات الإرشادية وما تتضمنه من معلومات، ليعرف الجميع أن السيارة'' أداة نقل وليس أداة قتل''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©