الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وعزز دورها في المجتمع

18 أغسطس 2011 22:13
خلق الله عز وجل الإنسان في أحسن تقويم، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلاً، وسخر الكون لخدمته وبين الغاية من خلقه، فقال عز من قائل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) “الذاريات، 56”، إلا أن مفهوم العبادة لا يقتصر على إقامة الشعائر التعبدية فحسب، بل يتمثل في إقامة منهج الله تعالى في الأرض، وإعمارها مادياً وروحياً وفق تعاليم الإسلام السمحة، قال تعالى: (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) “هود، 61”، والمرأة داخلة في هذا الخطاب، وشريكة للرجل في مهمة الاستخلاف وإعمار الأرض بالخيرات. بل إنها أساس بناء الأسرة ودعامة لكل كيان اجتماعي مترابط، بما تؤديه من أدوار تشكل نصف المجتمع، ويتكون من خلالها نصفه الآخر. حماية المرأة إن نظرة في آيات القرآن الكريم توضح مدى عناية الإسلام بالمرأة وتهيئتها للقيام بالتكاليف المنوطة بها، فسورة البقرة اهتمت بشؤون الطلاق واستوعبت أحكام الإيلاء والمحيض والرضاع. وفي سورة آل عمران يتقبل الله عز وجل نذر امرأة عمران بقبول حسن، وينبت مريم عليها السلام نباتاً حسناً. وسورة النساء رتبت الميراث، وتضمنت مسألة تعدد الزوجات، وحماية المرأة بوجه عام. وسورة النور فيها تشريعات لحمايتها من الانحلال. وفي سورة المجادلة يسمع الله سبحانه وتعالى قول التي تجادل النبي صلى الله عليه وسلم في زوجها. وسورة الطلاق ألمت بأحكام الطلاق والعدة ووضحت قضاياهما، كل ذلك لصيانة المرأة، لأنها أساس الأسرة التي تمثل نواة المجتمع، لذلك أعطاها ديننا الحنيف حظها الأوفر من التكريم؛ أما وزوجة وبنتاً ورحماً. فهي أم تنال التكريم، ولا يضاهيها أحد في حقها على أبنائها بما تحملت من متاعب ومشاق، قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن) “لقمان، 14”. ومن تكريم الأم أوصى الإسلام بالأخوال والخالات، والأعمام والعمات. فقد ورد في الحديث أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أذنبت فهل لي من توبة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “هل لك من أم؟ قال لا، قال: فهل لك من خالة؟ قال: نعم، قال: فبرها” (رواه الترمذي). الزوجة الصالحة والزوجة الصالحة أفضل ما يكنز المسلم من دنياه بعد الإيمان بالله عز وجل وتقواه، وأفضل الرجال أوفاهم بحقوق زوجته، وخيرهم خيرهم لأهله. والبنت من زينة الحياة الدنيا، وحجاب عن النار لمن أحسن تربيتها وتأديبها. هكذا يتبين لنا أن المرأة تبوأت في الإسلام مكانة عالية، إلا أن هذا التكريم لا بد من ظهوره على شخصيتها، ومن ثم على سلوكها، لتكون قدوة لغيرها وتسهم في بناء مجتمعها. فعلى المرأة أن تعي ما يراد منها شرعا لكي تحدد دورها في البناء الحضاري، بدءاً بأسرتها الصغيرة التي تمثل نواة المجتمع ووحدته البنائية، فيها يشب الطفل ويترعرع، وتتشكل اتجاهاته وآراؤه، ويتم البناء الأساسي لشخصيته. قال صلى الله عليه وسلم: “ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه” (مسلم)، والأم السوية تقوم بهذا الدور التربوي الفعال بكل حرص وأمانة، دون أن تشرك أطرافاً أخرى غير مأمونة التأثير كالخادمات ووسائل الإعلام وغيرها. وهي مثال لحسن التبعل، تفهمه بمنظار حاجات الأسرة الواقعية، وهو يتطلب منها علماً وخلقاً ومهارة كي تمارس غرس القيم وتوجيه الأسرة وتفعيلها لتكون نواة النهضة والتقدم في الأمة، لذلك نجد النساء يحضرن دروس العلم مع الرجال عند النبي صلى الله عليه وسلم، ويسألن عن أمور دينهن مما قد يستحيي منه الكثيرات اليوم، حتى أثنت السيدة عائشة رضي الله عنها على نساء الأنصار أنهن لم يمنعهن الحياء من التفقه في الدين. وعي المرأة ونجدها تشارك في العمل المهني سداً لخلتها، وعوناً لزوجها، ورغبةً في فضل التصدق من كسب يدها، ورعايةً لمصالح مجتمعها. وقد عين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشفاء العدوية رضي الله عنها على الحسبة، علماً بأن دور المحتسب كانت له أهمية بالغة في محاربة الظلم والفساد. وكانت أم شريك رضي الله عنها من أغنياء الأنصار، تكثر الإنفاق في سبيل الله وتستقبل الضيوف خدمة لدعوة الإسلام. كما برز وعي المرأة جلياً بالشأن العام، فقدمت مشورتها ونهضت بموجبات بيعتها هجرة وموالاة وتحملا للشدائد، مما يؤكد أن هذه المشاركات في مختلف مناحي الحياة انطلقت من إدراك المرأة لعظم وقدسية رسالتها التي قررها الإسلام وفق آداب رفيعة تصون ولا تعطل. ووعياً من دولة الإمارات العربية المتحدة بهذا الدور العظيم للمرأة، نجدها تشجع المرأة الإماراتية على مواصلة التعليم داخل البلد وخارجه، حتى أصبحت مؤهلة للعمل في كل المجالات، وتتقلد أعلى المناصب، وتساهم في تنمية البلاد مع الالتزام بمبادئ دينها، والحب العظيم لوطنها. د. رشيدة بوخبرة
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©