السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

إبراهيم محمد: دبي قصيدة جعلت القديم منطلقاً للحداثة

إبراهيم محمد: دبي قصيدة جعلت القديم منطلقاً للحداثة
3 سبتمبر 2014 23:04
يخفي صمته في الواقع شاعراً ضاجاً ومزدحماً بالمعاني، يكتب بنهم، ويعبث باللغة كيفما أراد، تجربته الشعرية التي تضم 15 كتاباً شعرياً في عقدين من الزمن لا يمكن الحديث عنها في سطور. فالشاعر الإماراتي إبراهيم محمد إبراهيم الذي أصدر ذات عام 5 كتب دفعة واحدة، سكنته دبي المشاكسة الجميلة التي يرى أنها تتبنى نظرية الماء الذي لا يصطدم بالجبال والعوائق الأخرى بل يتسلل من خلالها ويتسرب من جوانبها ليكمل طريقه بعد ذلك بسلاسة فائقة. في هذا الحوار يتحدث إبراهيم محمد إبراهيم عن الشعر وما جاوره: يبدأ إبراهيم محمد إبراهيم حديثه بالتأكيد على أن الشعر لا ينفصل عن ثقافة الشاعر ومزاجه وخبراته وطباعه وفلسفته ورؤيته للأشياء، كما لا يمكن أن ينفصل عن تأثير الجغرافيا والتاريخ وشؤون المجتمع بكل تفاصيلها. ويقول: إذا ما طلبنا من أي شاعر أن يأتينا بقصيدة ليس فيها شيء مما سبق فلا شك أننا سنكون ممن يطلبون المستحيل. فمفهوم القصيدة (الخام) أو (الخالصة النقية) لا يمكن تداوله إلا في ضمير الشاعر وقلبه وعقله، أما إذا ما قرر الشاعر كتابتها فإنها لن تخرج إلا بشيء من شخصية كاتبها ومعتقده ومزاجه وفلسفته، وهي بذلك كالذهب المطواع الذي لا يمكن للنساء استخدامه إلا إذا مزج بنسب من معادن أخرى تضفي عليه نوعاً من الصلابة، أما وجه الفرق بين القصيدة والذهب فهو أن الذهب نضيف إليه ما ليس من جنسه بمحض إرادتنا وبنية إعطائه بعض الصلابة، أما القصيدة فهي تخرج من جوف الشاعر ساحبة معها ما تحتاجه من عناصر قوتها وكمالها وجمالها بأقل قدر من النية والتخطيط. النشر الإلكتروني وعن النشر الإلكتروني الذي خاضه طويلا يقول إبراهيم: أنشأت موقع أوتاد الأدبي في العام 2003م وكان من قسمين، القسم الأول: عبارة عن مجلة أدبية تعنى بالشعر والقصة والرواية والدراسات النقدية والقسم الثاني: خاص بي كشاعر يجد فيه القارئ دواويني وقصائدي الجديدة وآخر أخباري. وقد نجح هذا الموقع إلى حد كبير مقارنة ببقية المواقع المماثلة، إلا أن عدم تفرغي الكامل لهكذا مشروع ولعدم وجود من يدعمني أو يقف إلى جانبي مادياً وعملياً اضطررت إلى إغلاقه بعد عدة سنوات من التفاعل الجيد. أما عن سؤالك: هل على الشاعر اليوم أن يخوض غمار التكنولوجيا الحديثة بما يحقق له المزيد من الانتشار؟ أقول: في البداية لم يكن الشاعر يكتب قصيدته أصلا ثم كتبها على الصخر والجلد ثم الورق، وما أرى وسائل التقنية الحديثة إلا امتدادا لذلك التطور في الكتابة والنشر، وإن كان الإلكترون قد أحدث نقلة نوعية وصدمة مباغتة جعلتنا نعيد التأمل في كل ما اعتدنا عليه منذ زمن، ليس على صعيد الكتابة والنشر فقط بل حتى على مستوى طريقة التفكير والتواصل الاجتماعي، وعليه، أنا لا أرى ضيرا بل أشجع كل الشعراء على اللحاق بركب التطور قبل أن يشعروا بالعزلة في الوقت الضائع. ويضيف: أما عن خوف البعض من انحسار دور الكتاب الورقي في ظل تزايد النشر الإلكتروني، فإن الناشرين وباعة الكتب الورقية سيكونوا أكبر المتضررين من ذلك، أما الكاتب فمن مصلحته أن يحقق أكبر نسبة من الانتشار وهذا ما يحققه النشر الإلكتروني بشكل واضح. وعن إصداراته يقول إبراهيم: أصدرت كتابي الأول «صحوة الورق» عام 1990، وأصدرت كتابي الأخير في العام 2012، بما مجموعه 15 ديوانا في 22 سنة وبمتوسط أقل من كتاب في العام الواحد، ولا أرى ذلك كثيراً أبداً. أما فيما يتعلق بالخمسة كتب التي أصدرتها دفعة واحدة ومن جهات مختلفة فهي حصاد أربع سنوات من الكتابة، أما من الناحية التسويقية وأظن أنك عنيت ذلك، أقول: للأسف قراء الشعر قليلون جدا وما يدفعني لإصدار قصائدي في كتب هو التوثيق حتى لا يضيع ويتبعثر هذا التراث الشعري. ولو كنت في بقعة جغرافية أخرى بعيداً عن الوطن العربي لتخوفت أكثر من نشر أكثر من كتاب في العام بسبب كثرة القراء. المدينة المشاكسة عن دبي الذاكرة والقصيدة وكيف تجلت في نصه يذهب إبراهيم محمد إبراهيم إلى القول: لقد عشت دبي ولا أزال أعيشها وهي كما عهدتها منذ الطفولة تلك المدينة المشاكسة المتمردة على كل ما هو عادي وتقليدي، فهي تفاجئني كل يوم بجديد ومدهش ومختلف، إنها القصيدة التي استطاعت أن تجعل من القديم منطلقا للحداثة وأن تجعل من الحداثة ما يشدك نحو القديم المتأصل في الذاكرة. دبي لم تكن قط منعزلة عن العالم بل هي على اتصال دائم معه تأخذ منه ما يناسبها وتعطيه ما يناسبه بمنتهى البساطة، وكأني بها تتبنى نظرية الماء الذي لا يصطدم بالجبال والعوائق الأخرى بل يتسلل من خلالها ويتسرب من جوانبها ليكمل طريقه بعد ذلك بسلاسة فائقة، ثم إن دبي بالنسبة لي هي البنت المدللة والأخت الصديقة والأم الحانية والجدة التي تفيض بالحكمة. ويسترسل إبراهيم: في الشعر فإن الشاعر الحقيقي هو من يتمنى، لكنه لا ييأس إذا لم تتحقق أمنيته، بل يكتب، وهو من يستمر في الكتابة بعد أن تتحقق أمنياته، الشاعر معطاء في كل الظروف والأحوال: يتغزل، يكتب شعراً مفعماً بالفرح، يتلظى حزنا، ينضح حكمة، وقد تجده يمارس الموت لكن بمنتهى العنفوان. . والشاعر كغيره من البشر يتمنى وظيفة تليق به ويليق بها إلا أن الوظيفة ليست منتهى أمانيه. وعن القصيدة الملحمة في كتابه الأخير «سكر الوقت» يقول: لقد كانت محض تلقائية شعرية، لقد كانت بمثابة نزف يومي لمدة أسبوعين سجلت من خلالها حديث القلب ونبض الطبيعة وحشرجة الجبل وأخلاق الناس ورصدت علاقة كل شيء بكل شيء. لم يفارقني الدفتر ولا القلم طيلة تلك الرحلة التي بدأت بفيينا مرورا بمدينة زيلامسي وانتهاء بميونيخ الألمانية. لم تكن تجربة «سكر الوقت» الأولى من نوعها بالنسبة لي حيث سبقتها تجربة «خروج من الحب. . دخول إلى الحب» وهي أيضاً قصيدة أتت في ديوان. وبينما «سكر الوقت» كانت أوروبية فقد كانت «خروج من الحب. . دخول إلى الحب» آسيوية بامتياز حيث كتبتها في ماليزيا وفي مدة استغرقت أسبوعين أيضاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©