ترويها - شيخه محمد الجابري
ولد الحطاب
صلوا على محمد (صلى الله عليه وسلم)·
كان يا ما كان، في قديم الزمان، هناك ريال وحرمة يعيشون في بيت متواضع بنوه من سعف النخيل· ما كتب الله لهم عيال، وتم الريال يحاتي ''مهموماً'' ويفكر ودّه في ولد يشل اسمه عقب عينه ''أي يحمل اسمه بعد وفاته''· وحاولوا بعض ربعه يقنعونه انه يعرِّس على حرمته لكنه كان يرفض لأنها بنت عمه، وما يقدر يجرح مشاعرها بشي، خاصة إنها متحملة الحياة الصعبة والفقر والدخل البسيط اللي يحصله من ورا بيع الحطب ولا عنده شغلة ثانية غير هالشغلة·
وكَأنْ إحساسه كان صادقا· بعد السنة الثانية حملت الحرمة، وطار الزوج من الفرحة، وتمنى انها تييبله ''تنجب له'' ولد، عشان يشل اسمه من عقب عينه مثل ما كان يتمنى· مرت الأيام طويلة عليه لين أكملت الحرمة التسعة أشهر، وعقب التسعة شهور ربّت ''ولدت'' ويابَتْ ولد·
وتم الحطاب الفقير يشتغل ويبيع الحطب عشان يربّي الولد تربية زينه، لأنه مسكين ما عنده خدمه إلا يسير السيح وإييب حطب، ''يذهب للصحراء ويجلب حطب''، ويبيعه للناس ويأكلون من هذه الخدمه قوت يومهم، عشان يكبر الولد ويشتد عوده ويساعد أبوه في شغله لأنه المسكين يسرح من عقب صلاة الفجر لين قرب الظهر اييب الحطب ويبيعه ويوم يخلِّص رَدِّ البيت يتغدى، وتم على هالحال لين مرض·
مضت الأيام وزاد المرض على الريال، وبعد شهور من مرضه الله اختاره وتوفى، وتمت الأم وولدها باليوع لو ما تصدقوا عليها الييران ''أي بقيت الأم وولدها يعانيان الجوع لولا صدقات الجيران''، وعيال الحلال·
يوم كبر الولد شْوَيْ وقام يفتهم قال لأمه: أماه أنا أَبا ''أريد'' أشتغل شغلت أبوي·
قالت الأم: شغلة أبوك يا ولدي صعبة· يشل كل يوم حبله وخصّينه والميشاره ''فأسه والمنشار'' ويسير أييب حطب من السيح·
قال: عيل من باجر ''إذن من الغد'' أبا أشل الخصين والميشاره وبسير السيح بييب الحطب وببيعه وبناكل انا وياج يا أمي· ويوم الصبح شل خصينه وميشارته والحبل وسار· مشى ومشى لين وصل البر ''الصحراء''، وبدأ يجمع الحطب ويربطه بحبال، وكوّد له ''جمع'' 3 حزم كبار، واتوهب يرد للسوق ''استعد للعودة إلى السوق'' يبيع الحطب·
وهو في دربه راد لداخل لبلاد عشان يبيع الحطب، شاف هناك يذع نخله طايح ''جذع نخله على الأرض'' جان يشل الخصّين وقام يضربه يبا الحطب، ''فحمل فأسه يود الحصول على الحطب'' لين افْلَقَهْ من النص وشرخه جان يطش له من داخل اليذع ''حتى إذا شقه إلى نصفين، خرج له من داخل الجذع صوت ولد قال له: شو تسوي هنيه، ''ماذا تفعل هنا''؟
رد عليه وهو مذعور وخايف: أنا ياي ألقط الحطب عشان أبيعه ونعيش أنا وأمي ولا نحتاج للناس اللي يتصدقون علينا·
قال له: أنا بعطيك شيء يغنيك عن الحطب وغيره·
رد ولد الحطاب مستغرب: كيف يعني ما فهمت شو قصدك؟
وعقب شويه رد عليه الصوت من اليذع وقال: إندوك هاي السفرة ويوم غايت لا تتعب ولا شي حطها جدامك، وقول: يا سفرة إمتزري ''امتلئي'' من كل اللي تبونه ''تريدونه''، وبتمتزر إلْكُمْ من كل شي تبونه، أي خذ هذه السفرة وضعها أمامك وقت الغداء واطلب منها ما تشاء من الطعام''·
فرح ولد الحطاب وشل السفرة وسار بها عند الأم، يوم شافته قالت له: يا أبوي أنا يوعانه واترياك ''أنا جائعة وأنتظرك'' عيل وين الحطب من وين بنيب الأكل؟
قال لها: أماه صَبْري بفرش السفرة· فرش السفرة وقال: يا سفرة امتزري من كل عيشه زينه· امتزرت من الأكل اللي يشتهيه كل واحــــد فيهم وكَلـــــوا منها لين شــــــبعوا·
ومرت الأيام وولد الحطاب ما يطلع من البيت· كل شي عندهم من انواع الأكل· وفي يوم من الأيام إستخبر ''علم'' الشيخ إن ولد الحطاب عنده سفرة غانتنهم '' تغنيهم'' هو وأمه عن كل شي، وقرر انه ياخذها، فقال لولد الحطاب: أنا اليوم بتغدى وبقيّل ''أقضي النهار'' عندكم·
قال له ولد الحطاب: حياكم الله ومرحبا، ويوم وصل الشيخ عند بيت ولد الحطاب رحب به، وفرح بييته ''بمجيئه'' عنده لين بيته· وحزّة الغدا ''أي عندما حان وقت الغداء'' قام وحط السفرة وقال لها: ياسفرة إمتزري، قامت السفرة وامتزرت من كل شي· وسار ولد الحطاب اييّب ''يجلب'' لهم تمر للغداء قال الشيخ لخادمه: اركض وشل هاي السفرة وبدّلها بوحدة ثانية·
ياب التمر ورد، شاف السفره ما عليها شي· فرح وقال: ضيوفي كَلوا لين اشبعوا وهو ما يدري انهم بدّلوا السفرة· عشام جيه سار وقال للسفره: يا سفره امتزري، وانتظر شويه، لكن السفرة تمت مكانها لا امتزرت ولاشي، وروّح عنه الشيخ عقب ما شل السفره الأصلية·
تم ولد الحطاب محتار شو يسوي عقب هالمصيه ويوم أصبح عليه الصبح شل الخصّين والميشارة وسار يحطب· يوم ضرب بالخصين وفلق اليذع ياه نفس الصوت وقال له: شو سالفتك انته وين السفرة؟
قال له: السفره شلها الشيخ وأنا ما أروم أخذها عنه، ''أخذها الشيخ ولا أستطيع استرجاعها''، بدّلني بوحدة ثانية والحين أنا وأمي بنموت من اليوع ''الجوع''·
قال له: طيح واستريح ولا تسير الحطب· إندوك ''تقضل'' هذا الكبش وإتحمّل عليه ''اهتم به واحرص عليه''· هذا الكبش إذا قلت له يوم تبا شي: يا كبش اهتز بيهتز وبيطيح لك منه الجواهر والفلوس والذهب وكل ما تتمناه·
قال ولد الحطاب: حاضر، ورجع الولد البيت والكبش ويّاه· خلاّه كم يوم ما سرّحه وهو غاننهم، مِنْ يقولون له إهتز يهتز وينثر الفلوس على كل مكان ويشتروا من الفلوس والجواهر واللولؤ والمرجان·
بعد فترة الكبش قام إيزاعق ''يصرخ''، وسمعته أم الحطاب الولد وزقرت عليه وهو كان راقد وقالت له: تعال شوف الكبش يصارخ مدري شو فيه ''لا أعلم ما سبب صياحه''·
قال لها: إماه بنطرشه ''نرسله'' اليوم ويّا الراعي يرعى ويّا الهوش '' مع الأغنام''·
سار به عند الراعي، ويوم طلّعه قال للراعي: إتحمل عليه ولا تقول له يا كبش إهتز· قال الراعي في قلبه: شو السالفة؟ عقب ما سار السيح مودّي الهوش زخ الكبش ''أمسك بالكبش'' وقاله: يا كبش إهتز· يوم اهتز طاح الذهب والفلوس واللولؤ والمرجان وجان يلقط الراعي لين شبع وترس الدنيا، وبدّل الكبش وخذاه له، وخلا ''ترك'' الكبش العادي بَدالُه عشان ولد الحطاب ما يفرق بينهم·
يا العصر وضوّا الراعي الهوش، ''جاء العصر وعاد الراعي بالأغنام''· قام ولد الحطاب وقال للكبش: يا كبش إهتز، الكبش لا إهتز ولا شيء، وفقد ولد الحطاب الكبش لأن الراعي خذاه عنه، أي سرقه منه، وتم بحزنه وحسرته على الحالة اللي وصل لها·
ورجع بعد يومين ولد الحطاب وشل الميشاره الحبل والخصّين، وسار يحطب علشان إييب لعمره ولأمه لقمة أكل· يوم ضرب بالخصين على اليذع طلع له نفس الريال وقال له: ليش رجعت تحطب مرة ثانية؟
قال له: الراعي خَذْ عني الكبش، وبدّلني بواحد لا يهتز ولا يعق ''يرمي'' ذهب ولولؤ ومرجان· قال له: انزين أنا الحين بعطيك حبل وبعطيك قب ''عصا''· هذا القب وهذا الحبل سير به أول بيت الشيخ ''اذهب به إلى بيت الشيخ''، وقول له: يا حبل الْتِوي ويا قب اضرب، وبيعطيك الشيخ السفرة· وعقب سير عند الراعي ''ثم اذهب إلى بيت الراعي'' وقول له: يا حبل الْتِوي ويا قب اضرب وبيعطيك الكبش·
وسار عند الشيخ وقال الكلام اللي قاله ياه الريال ''قاله له الرجل''، وجان ينضرب الشيخ ورد السفرة· وقام عقب يسير عند الراعي، وقال له: يا حبل التوي واربط ويا قب اضرب، وانضرب الراعي وما وقف الضرب إلا لين عطاه الكبش، ورد للراعي حلاله·
وأنا ييت عنهم ''تركتهم'' ما عطوني شيء غير ثلاثة قروش: وواحد خر، وواحد مر، وواحد فديت به عني وعنكم الشر·
عدد اليوم
