الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القهوة العربية··· ضيف مقيم يبدأ الضيافة وينهيها

القهوة العربية··· ضيف مقيم يبدأ الضيافة وينهيها
22 أكتوبر 2006 00:50
موزة خميس: لإعداد القهوة سبل وعادات تتصل بها، تبدأ بشراء مواد القهوة ومطيباتها الأخرى، وطريقة تحضيرها وأدوات صبها وكيفية تقديمها ونوعية مذاقها التي تشي بمدى جودها وجودتها· فهناك أنواع عديدة من القهوة العربية -في الخليج تميل إلى اللون الأشقر- بمثل ما هناك أنواع متعددة من دلال وفناجبن القهوة تعكس ذوق صاحب الدار ورغبته أن تتصدر صينية ودلة القهوة الذهبية اللامعة في ركن خاص من المجلس أو المنزل· ضيف مقيم تعدّ الأسر قهوتها في الصباح الباكر عند إعداد الفطور، وحين ينهي الكبار فطورهم يختمون الجلسة بفنجان من القهوة، ثم تبقى الدلة تنتظر أي قادم قد يصل في أي وقت حتى فترة الظهر· ولكن بعد صلاة العصر يتم إعداد قهوة جديدة للفترة المسائية، ويتكرر هذا النظام بشكل يومي، لتتوارثه الأجيال ناقلة معها للجيل الجديد عادات وقيم لا بد أن تبقى لتبرز كرم كل بيت وأسرة· تبدو القهوة كما الضيف المقيم، أو السيدة التي تأتي مرافقة لصاحبها لتستقبل الضيف بعد الجلوس، وتصب فناجينها للشخص الواحد عدة مرات طوال الجلسة، وبعد مرور بضع دقائق تقدم الفّوالة (حلوى وفاكهة منوعة) إلى أن يؤتى بالقهوة مرة أخرى لتختم الضيافة، مع عبير البخور والدخون والعود كي يتعطر الضيوف· أما في مجالس العزاء فتدار دِلال القهوة على المعزين طيلة أيام العزاء·· وفي أيام الأفراح والمسرات فإنها أيضاً تحضر أولاً وتسبق الجميع للترحيب بالمهنئين· قهوة العيد تتميز في فترة الأعياد أكثر مما هي عليه باقي أيام السنة، من خلال العناية البالغة بمطيباتها وطريقة تحضيرها، لأن العيد بحد ذاته مناسبة مميزة جميلة، كل ما فيه مغاير، حتى قهوته· عندما يخرج الرجال (قديماً وحالياً) من المسجد بعد صلاة العيد، يدعو أحدهم الرجال من حوله لتناول القهـــــــوة في منزله، فتهب دلة القهــــــوة الرابضة في انتظار تقديمها كأول واجب ضــــــيافة، ويقهوي (يصب القهـــــــوة) الرجال، قبل تقــــــديم أصناف الحلوى والفواكه· عادات وتقاليد خلال أيام العيد تتكرر ذات الطقوس الخاصة بالقهوة وتقديمها، فهي حين يؤتي بها ويحملها المقهوي (الساقي) بيسراه والفناجين بيده اليمنى، يبدأ مقدمها بتقديمها للضيوف بدءاً بالجالسين عن اليمين ويتحرك إلى الشمال، وما أن ينهي تقديم الفنجان للضيف الأخير، حتى يقف في مكان محايد كي يأخذ الضيف راحته في رشف الفنجان· ولكن لو في الجلسة كبير قوم أو شيخ فإن (المقهوي) يبدأ به ثم يعود لأول شخص جالس إلى اليمين ليكمل به· وفي الزيارات الاعتيادية، إن كان صاحب المنزل هو الأكبر ســـــناً فإن المقهوي يبدأ به لأنه المضيف إلا إن أشــار له أن يبــــــدأ بالضيف أولاً· كذلك على الابن أن يحمل القهوة ويبدأ في صب القهوة للوالد ثم للحضور ثم يصب لنفسه، والأهم أن لا يكون الفنجان مملوءاً بل يصل مستوى القهوة إلى منتصف الفنجان، وإلا اعتبر عيباً، لأن المقهوي ينتهي بسرعة من خدمة صب وتقديم القهوة، فعملية صب القهوة بحد ذاتها فيها تكريم لمن تقدم له القهوة، وتسقى له بطيب خاطر، مع مراعاة أن تُحمَل الدلة في اليد اليسرى والفنجان في اليمنى كي يُقدم بها للضيف، وإلاّ اُعتبر ذلك إهانة إما لمن يتقهوى حين يقدم له الفنجان باليسرى، أو للمقهوي حين يرد له الضيف الفنجان باليسرى· ومن عادات تناول القهوة أن يقوم المتقهوي (الضيف) بهز فنجان القهوة وهو يسد فوهته بأصابعه إشارة إلى كفايته من تناول القهوة، وإلا فإن المقهوي يستمر في صب القهوة· وهذا الأمر ينطبق تماماً على النسوة في طريقة الضيافة والتقهوي على حد سواء· إعداد واستعداد عرفنا الكثيرعن العادات المتصلة بالقهوة العربية الشهية، فماذا عن إعدادها والاستعدادات المرتبطة بها؟ قبل العيد بفترة اسبوع أو أكثر تخرج النساء لاقتناء دلال وفناجين القهوة، فمنذ ما يقارب 15 سنة إلى يومنا هذا أصبح الناس أكثر اهتماما بأوعية وأواني القهوة من حيث الشكل والاحتفاظ بدرجة الحرارة، حيث أصبحت تصنع بنقوش وألوان مختلفة، وترافقها كؤوس صغيرة للشاي مع الفناجين التي تحمل ذات النقوش· بينما يقتني الرجال أصناف القهوة، وينتقون أجود أنواعها، مع مجموعة المطيبات كي تكون ''مقّندة'' أي مبهرة بالهيل والزعفران والقرنفل، وجوزة الطيب، وأحياناً بماء الورد والشمطري والعنبر· يتم شراء القهوة الخضراء وأبرز أنواعها ''البن اليمني'' وتحفظ في مكان جاف بعيدا عن الروائح، ويؤخذ الجزء المراد تحميصه (كوبان لكفاية اسبوع) ويوضع في مقلاة تحميص القهوة ''محماس'' وتوقد على نار هادئة وتُحرك بملعقة نحاسية يمنة ويسرى حتى تصبح شقراء اللون، وبعد الانتهاء من عملية التحميص تحفظ في وعاء محكم، ويؤخذ منها الكمية المراد طحنها فقط، سواء بالمطحنة الكهربائية أو بسحق حبات القهوة بدقها في الهون أو المنحاز، حتى تصبح ناعمة نوعاً ما· يفضل البعض إضافة حبات الهيل خلال عملية الطحن أو طحنه منفرداً وإضافته فيما بعد، أو بإضافة الهيل خلال غلي القهوة· ولإعداد القهوة يوضع مقدار نصف لتر من الماء (لصنع قهوة تكفي دلة صغيرة) ويرفع على النار وعندما يغلي جيداً يتم خفض درجة الحرارة إلى أقل درجة، حيث تضاف ملعقتي طعام من القهوة للماء المغلي، ثم ترفع درجة حرارة النار قليلاً وتترك لتغلي نحو خمس دقائق· خلال هذه المرحلة يضاف الهيل والزعفران ويفضل البعض القرنقل، ويفضل البعض الآخر مزج مسحوق الهيل والزعفران المطحون إلى القهوة بعد طحنها، حيث يخلط الجميع ويحفظ في علبة القهوة، ثم ترفع عن النار لتترك حتى تركد حبات القهوة في قعر الوعاء، وهنا يؤتى بالدلة لصب القهوة فيها مع الحرص على عدم تسرب بواقي القهوة، وتسمى العملية ''زل القهوة'' أي تصفيتها، وتوضع الفناجين إلى جانب الدلة في صينية تحمل حبات التمر أو حلوى البثيث أو العصيدة وسواها· أخيراً·· لعل التذكير بأن العرب -أحياناً- لم تكن تشرب قهوة مضيفها قبل أن يلبي لهم حاجتهم، دلالة واضحة على الرمز الذي تحمله القهوة ومعانيها ومكانتها في حياتهم اليومية الاجتماعية كمؤشر بيّن على الكرم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©