ناي المغاربة يُرقِّص حتى الثعابين

يحترف بعض أبناء الطائفة العيساوية، وهي من الطرق الصوفية المنتشرة في المغرب، تربية الثعابين وتقديم استعراضاتها في الميادين العامة· لتقريب الناس من عالم الثعابين المخيف، وتعريفهم بسر هذا الحيوان الذي يهجر سلاحه حين يسمع عزف ناي حزين، فيخرج من مخدعه يتراقص يمينا وشمالا مركزا اهتمامه على العازف، وسط دهشة المتفرجين الذين يستغربون من سر العلاقة التي تربط بين صوت الناي وتحول حيوان مفترس الى ''بهلوان وديع'' يعزف عن بخ سمه طالما أن مربيه يعزف له الألحان الحزينة· ويحجم العازف عن أخذ قسط من الراحة بين وصلة وأخرى حتى لا يقطع اندماج الأفعى فتثور وتهاجم الجمهور المتحلق حولها، فيواصل عزف الناي رغم أنه يحتاج إلى طاقة كبيرة، وخبرة طويلة يتعود خلالها العازف على التحكم في حجم الهواء الذي يبثه في الناي وتمرير الأصابع بخفة على ثقوب هذه الآلة الموسيقية· ويقول إبراهيم بنعمر أحد أشهر مروضي الأفاعي أو كما يسمى في المغرب بـ ''رقاص الحناش'': ''الثعبان يستمتع بعزف الناي ولا يبالي بالجمهور المتحلق حوله فانتباهه مركز على العزف فقط''· وبسبب العزف، يقوم هذا الحيوان الزاحف الذي لا يكاد ينفصل عن الأرض، أن يرفع رأسه بمقدار 20 سنتيمترا، وتنتصب قامته، وتنتفخ مقدمة رأسه وكأنه يقدم التحية العسكرية· ولا يبالي إبراهيم برفض بعض زائري الساحة متابعة استعراضه، لأنه يعرف أن اندماج الأفعى في الرقص كفيل بإزالة الرهبة والخوف من نفوس الحاضرين، فمع الرقص ينعدم الخوف من الأفعى، وتزول الرهبة ويتسابق الناس للفرجة ويتشجعون لأخذ الصور· وهنا يقوم مساعد ابراهيم بوضع ثعابين عملاقة حول أعناق الزوار لأخذ صور تذكارية مقابل مبالغ مجزية· ويشير ابراهيم إلى أن الأفاعي التي يستعملها في الاستعراضات غير سامة، فهو يحرص على انتزاع سمها بشكل متواصل حتى لا تؤذي أحدا من المتحلقين حوله· واعترف أن بعضها يلدغ مساعده المبتدئ أثناء أدائه للاستعراضات حيث يحمل المساعد الثعبان ويدخله في جيبه، ويقربه من وجهه، ثم يحمله ويجول به على الجمهور· ويستعمل ابراهيم ''ثروته'' من الأفاعي التي جمعها على مدى 15 سنة، للقيام باستعراضات خطرة أمام الناس حيث يحث الأفاعي على الخروج من الصندوق، والقيام برقصات متناسقة مع إيقاعات الناي· ويعيش إبراهيم على عطاءات جمهوره ويتنقل بين الأسواق الشعبية والمواسم والمهرجانات بالمدن والقرى·