الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية.. «نووي» وجوع!

18 ديسمبر 2017 22:25
في صباح معتدل في أبريل الماضي في بيونجيانج بكوريا الشمالية، جلست امرأة فوق الحشائش الممتدة على نهر تايدونج. وكانت المرأة تغطي رأسها بمنديل كبير عقدته تحت ذقنها ليحيط بوجهها المجعد الذي لفحته الشمس. وكانت المرأة تقتلع الحشائش من ضفة النهر. وفي كوريا الشمالية، يعد تنظيف الحي من الواجبات المدنية. لكن المرأة كانت بعيدة عن الأحياء السكنية. المرأة كانت تجمع الحشائش ببساطة لتقتات عليها. وفي يوم 13 نوفمبر الماضي، أصيب جندي كوري شمالي في العشرينيات من عمره بعدة طلقات نارية وهو يفر إلى كوريا الجنوبية عابراً المنطقة منزوعة السلاح. وذكر أطباء أنهم وجدوا عشرات الديدان المعوية الطفيلية الكبيرة في أحشائه مما يشير إلى سوء تغذية حاد. هذه القصص بالإضافة إلى ما رأيته أثناء زياراتي المتعددة إلى كوريا الشمالية في العقد الماضي توضح مدى انتشار الجوع في كوريا الشمالية. فهناك 41% من الكوريين الشماليين، أي نحو 10.5 مليون شخص، لا يحصلون على ما يكفي من الغذاء، و28% من الأطفال تحت سن خمس سنوات يعانون من مشكلات في النمو. وفي أغسطس وسبتمبر أقر مجلس الأمن الدولي قرارات تحظر تصدير الفحم والحديد والرصاص والأغذية البحرية والمنسوجات وتقلص استيراد النفط الخام ومشتقاته. وفرضت كل من الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية عقوبات إضافية على بيونجيانج. إننا نحاول الإضرار بالنظام الحاكم في كوريا الشمالية لوقف تطوير الأسلحة والصواريخ النووية، لكن أثناء قيامنا بهذا نعاقب أكثر المواطنين ضعفاً ونقيد قدرة وكالات الإغاثة الإنسانية على الوصول إليهم. ولا جديد في أن كوريا الشمالية لا تستطيع توفير الغذاء لشعبها معتمدة على نفسها. لقد كانت مجاعة في تسعينيات القرن الماضي الكارثية هي التي جعلت الحكومة الانعزالية تنفتح على المساعدات الدولية. ورغم التحسن في الآونة الأخيرة في قدرة البلاد على إنتاج الغذاء، ما زالت الكوارث الطبيعية المتكررة مثل الفيضانات والجفاف تتسبب في نقص حاد في الغذاء. والعام الجاري لا يختلف كثيراً. ففي يوليو الماضي ذكرت تقارير، أن جفافاً تسبب في انخفاض المحاصيل بنسبة 30% عن العام السابق. وفي أغسطس الماضي، كان كل شخص يتلقى حصة يومية من الغذاء تزن 300 جرام، أي نحو نصف الكمية التي استهدفتها الحكومة والبالغة 573 جراماً في اليوم. وهذا يعادل الحصول على حبتي بطاطس متوسطتي الحجم كل يوم. ولا عجب إذن أن يشتري نحو 60% من الكوريين الشماليين الطعام من السوق غير الرسمي لاستكمال حاجاتهم الغذائية. ولشراء الغذاء لا بد من مال. وعرقلت العقوبات أيضاً المساعدات الإنسانية. ومن الأمثلة المثيرة للأسي، أن توماس كوينتانا مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية ذكر أن مرضى السرطان قد لا يتمكنون من الحصول على العلاج الكيماوي بسبب العقوبات. وأعلنت بريطانيا الشهر الماضي، أنها ستمنع كل المساعدات الإنسانية عن كوريا الشمالية. ومدى فعالية العقوبات محل جدل. وكان مجلس الأمن الدولي قد أقر بالإجماع ثمانية قرارات تفرض عقوبات على بيونجيانج منذ عام 2006 الذي أجرت فيه كوريا الشمالية للمرة الأولى اختباراً نووياً. لكن ربما يكون هناك نحو 49 دولة تخرق العقوبات؛ لأن الأمم المتحدة لا تستطيع إجبارها على الالتزام. وتأثير العقوبات محدود أيضاً؛ لأن الكوريين الشماليين اعتادوا النقص في الموارد والتقشف. والبلاد تستطيع الصمود من دون واردات. وحتى الرئيس دونالد ترامب اعترف في الآونة الأخيرة بتشككه في مدى قدرة العقوبات على التأثير. والنظام الكوري الشمالي يستطيع وقف البرنامج النووي والصاروخي المكلف ليستخدم المال في إطعام شعبه. لكن النظام أعلن بوضوح أنه لن يتخلى عن مسعى امتلاك سلاح نووي ما دامت الولايات المتحدة تواصل «سياساتها العدائية». وفي هذه الدورة العبثية يجوع شعب. *مدير برنامج كوريا الشمالية في الجمعية الطبية الأميركية الكورية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©