الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مدارس العراق.. مأوى وملاذ النازحين

2 سبتمبر 2014 23:41
أبجيل هوسلونر بغداد في مساء أحد الأيام مؤخراً، انتقلت 10 عائلات من مدينة الموصل الواقعة شمال العراق إلى مسكنها الجديد، وهو عبارة عن بناية تتألف من طابق واحد أرضيتها من البلاط وذات فناء مشمس بحي شيعي فقير في شرق بغداد. قامت العائلات بنشر الغسيل على النوافذ الكبيرة وبسط الوسائد على الأرضية استعداداً للنوم، ولكن مسكنها كان في الواقع عبارة عن مدرسة فارغة، وإسكانهم هناك يبُرز تعقيداً جديداً في الأزمة الإنسانية المستفحلة في العراق. وقبل أقل من شهر على بدء العام الدراسي، يقدِّر مسؤولون حكوميون ومسؤولو منظمات إنسانية أن ثمة آلاف من المدارس التي تسكنها حالياً عائلات فرت من عنف وهجمات المقاتلين المتطرفين في شمال العراق وغربه. وفي حالات كثيرة، يضطر المسؤولون المحليون للاختيار بين تأخير العام الدراسي أو إخراج تلك العائلات النازحة. وفي الأثناء، من المرتقب ألا تفتح العديد من المدارس أبوابها في نينوى والأنبار، التي تعتبران من أكثر المحافظات العراقية كثافة سكانية، لأنها سقطت في أيدي تنظيم داعش المتطرف. وتعليقا على هذا الوضع، يقول كولن ماكينس، نائب مدير اليونيسيف في العراق: «ثمة أكثر من نصف (المحافظات) التي لديها عام دراسي تعرض للاضطراب بشكل كبير». بيد أن نزوح نحو 1?8 مليون شخص بسبب القتال يمكن أن يؤدي إلى أسوأ اضطراب في النظام التعليمي في العراق منذ سنوات، وذلك بالنظر إلى أن ما يصل إلى ربع مليون ممن اضطروا للنزوح عن ديارهم هم أطفال في سن الذهاب إلى المدرسة، كما يقول ماكينس. وعلاوة على ذلك، فإن النزاعات السياسية الداخلية تسببت في تأخير دفع رواتب المعلمين والموظفين التربويين، وفق عمال من منظمات مساعدة غير حكومية. وقد أدت تلك الخلافات السياسية أيضاً إلى فشل محاولة رئيس الوزراء نوري المالكي في الحصول على ولاية ثالثة الشهر الماضي. سلامة الحسن، المتحدثة باسم وزارة التربية العراقية، قالت إن الحكومة مازالت ملتزمة ببدء العام الدراسي في الثاني والعشرين من سبتمبر، ولكن مسؤولاً حكومياً آخر قال إن ذلك متأخر أصلاً بثلاثة أسابيع عن تاريخ البدء الذي كان مقرراً سلفاً. وفي الوقت الراهن، لا يعلم أي أحد على وجه التدقيق عدد المدارس التي تأوي الآن نازحين بشكل مؤقت، ولكن لجنة الإغاثة الدولية قالت يوم الخميس إن أكثر من 650 مدرسة في دهوك، وهي محافظة كردية تحد نينوى، تقطن بها حاليا 21 ألف عائلة. وفي العاصمة بغداد، تقدر نسبة المدارس المسكونة بنحو 60 في المئة، كما تقول الحسن. في مدرسة حامد عزيز الابتدائية في جنوب بغداد، كان النازحون يتقاطرون بشكل يومي طيلة الشهر الماضي. ويؤوي مدير المدرسة، عزيز، الآن 190 عائلة من الموصل في بناية تحولت فيها قاعة جلوس المعلمين إلى ما يشبه مخزنا للتبرعات الغذائية والقاعة الرياضية المغطاة إلى ما يشبه العيادة الصحية. ويقول إن أي مسؤول حكومي لم يتصل به ليقترح عليه نقل هؤلاء الناس من المدرسة إلى مكان آخر. ويقول عزيز بينما جلس سكان الموصل السابقون هؤلاء من دون حركة في مكتبه: «إنني لن أترك هذه العائلات ترحل حتى توفر لهم الحكومة مكاناً ليذهبوا إليه». ويقول المسؤولون التربويون العراقيون إن الأزمة فريدة من نوعها نظراً لعدد العائلات التي فرت من منازلها خلال الثلاثة أشهر الأخيرة منذ أن اكتسحت داعش مناطقهم. ووفق وكالة اللاجئين الدولية، فإن ما يقدر بـ2?8 مليون عراقي تركوا منازلهم وذهبوا إلى المدن أو أحياء داخل البلاد خلال الاحتلال الأميركي للعراق الذي دام ثماني سنوات – ومن ذلك أسوأ فترة إراقة دماء طائفية، من 2006 إلى 2007. غير أنه في ذلك الوقت، كان ثمة عدد أكبر من الأماكن التي كان بإمكان النازحين اللجوء إليها، كما يقول العراقيون، وذلك بسبب نمط نزوح تميز بفرار السنة والشيعة من بعض الأحياء وفق خطوط طائفية. وفي هذا السياق، تقول «كوكب علي»، وهي متطوعة تعمل مع العائلات النازحة وأرامل الحرب منذ الثمانينيات وترأس الآن منظمة خيرية تسمى «مؤسسة النساء العراقيات»: «وقتئذ، كان ثمة عمليات نزوح كثيرة - سنّة يغادرون مناطق شيعية وشيعة يغادرون مناطق سُنية. وأضافت: كان ذلك أشبه بتبادل الناس للمنازل»، مستعملة عبارة مهذبة لوصف نمط الفرار الذي كان سائداً في بغداد المختلطة مذهبياً، والذي عرف انتقال شيعة للسكن في منازل تركها سُنة، والعكس بالعكس. وقد كانت المدارس قادرة على استيعاب الكثير من الطلاب الجدد، كما كان يتم تقسيم اليوم المدرسي أحياناً إلى مناوبتين أو ثلاث مناوبات، كما يقول عمال مساعدات. أما هذه المرة، فإن حركة النزوح غير متوازنة، حيث يتعلق الأمر في الغالب بعراقيين شيعة يفرون من مناطق واسعة يسيطر عليها «الجهاديون» في المحافظات ذات الأغلبية السُنية، حيث يأتون إلى المحافظات ذات الأغلبية الشيعية في الجنوب وفي الأراضي الكردية في الشمال ليضافوا إلى الأعداد المتزايدة من اللاجئين السوريين الذين نزحوا إلى المنطقة. وتقول «الحسن»، المتحدثة باسم وزارة التربية: «إن التجارب السابقة كانت تمثل ربما 1 في المئة من الأعداد التي نشاهدها اليوم»، معترفةً بأن الوزارة ليس لديها أرقام دقيقة بخصوص الأطفال النازحين أو المدارس المتأثرة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©