الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التغيير يطال طقوس استقبال شهر المحبة في لبنان

التغيير يطال طقوس استقبال شهر المحبة في لبنان
17 أغسطس 2011 22:36
طرأت تغيرات على العادات والطقوس التي كان اللبنانيون يمارسونها في رمضان «أيام زمان»، ويرى البعض أن العديد منها في طريقه إلى الاندثار والزوال. حيث إن مذاق ونكهة وعادات أيام زمان اختفت، وعملية استرجاعها بحاجة إلى جهد دؤوب، وتوعية مستمرة. ويقال إن الظروف الاقتصادية السيئة أصبحت تحتم على اللبناني التخلي عن بعض عاداته مثل الدعوة إلى الإفطار، خصوصاً أن ميزانية العائلة الواحدة لا تحتمل المزيد من الضغوط. العادات الحقيقية يشتاق خليل العانوتي إلى عادات «سيبانة رمضان» الفعلية والحقيقية. ويسترجع في ذاكرته حين كان هو وأبناء المنطقة يجتمعون في آخر يوم عطلة قبل حلول الشهر المبارك، ليحتفلوا بهذه المناسبة العزيزة، فيذهبون إلى البساتين والبعض الآخر إلى شاطئ بيروت، مزودين بالطعام والنراجيل (الشيش)، ليستقبلوا أول أيام رمضان بالأناشيد والمدائح النبوية. ويقول العانوتي «أين العادات الرمضانية القديمة؟ الآن ترى العائلات تكتفي بتمضية السهرات في المنزل ومشاهدة البرامج التلفزيونية الصالحة والطالحة، وبعضها يسهر في المقاهي والمطاعم والخيام بعيداً عن الأجواء الحقيقية لمعاني هذا الشهر الكريم، أما التقاليد الاجتماعية والظروف القاهرة فباتتا تحولان دون زيارة الأخ لأخيه، وتقللان من أعمال الخير». وعن رمضان «أيام زمان» في لبنان، يقول المؤرخ والباحث الجامعي الدكتور حسان حلاق، أحد أشهر الأخصائيين في عادات وتقاليد أهالي بيروت، إن السمات القديمة كان لها خصائص تعود بجذورها إلى التقاليد العربية والإسلامية. ويضيف «لكن لنعترف أن رمضان المبارك فقد وهجه وبريقه، وأن كانت الأجواء والشعائر هي هي، لكن زخمها خف كثيراً، حتى أن هناك عادات لم تعد موجودة بل نراها اندثرت وغابت عن الأذهان». وعن طقوس استقبال هذا الشهر الفضيل، يوضح الدكتور حلاق، أنه فور إعلان بدء شهر الصيام، كانت الفرق الدينية والصوفية تملأ الشوارع من خلال مسيرات مزينة بالبيارق وتشدو بالأهازيج والمدائح، وهذه الظاهرة استمرت حتى منتصف الخمسينيات وتوقفت كلياً ما عدا بعض المحاولات لإعادة إحيائها، تتمثل في المواكب التي تسيرها بعض الجهات بطريقة عصرية، حيث يقوم الأطفال بالتجوال داخل هذه المواكب وهم يرتدون أزياء تلائم الشهر الفضيل على وقع الأناشيد الدينية. عادات «بيروتية» حول أبرز الخصائص الرمضانية، يشير الدكتور حلاق «اجتماع أفراد الأسر والعائلات اللبنانية كان من العلامات الفارقة، خصوصاً أن الحرص الدائم على تبادل الزيارات وإحياء السهرات الاجتماعية يومياً، كان يعزز التعلق بالشعائر الدينية، التي نراها اليوم مقتصرة على بعض الفئات، بينما مهملة من البعض الآخر، وإذا نظرنا إلى المساجد وإقامة صلاة التراويح بعد صلاة المغرب، نرى أن الأعداد قليلة، وهذا يدل على حالة انصراف شبه كلية، عدا عن أن اللقاءات الاجتماعية، التي كانت تمتد إلى موعد السحور وصلاة الفجر، يعود بعدها الجميع إلى بيوتهم، بعد أن ينهوا شعائرهم الدينية، أصبحت محدودة جداً». وعن العادات «البيروتية» يقول حلاق إن المسلمين في العهد العثماني كانوا يطلقون على أولادهم الذكور أسماء الأشهر الكريمة، مثل رمضان ومحرم ورجب وشعبان، إضافة إلى هلال وربيع. ومن التقاليد الدائمة أن الصائم كان يواظب على ممارسة «التوحيش» (الاعتكاف) في العشر الأواخر منه، تعبيراً عن تمسكه بهذا الشهر الكريم، وأيضاً عن حزنه بسبب قرب انتهائه، فيبدأ الصائمون بالانتقال إلى المساجد يصلون ويتبهلون وينشدون المدائح التي تعبر عن وحشة المسلم لرمضان المبارك. وحول الوضع الاقتصادي والمعيشي، يقول «كانت الحركة تدب في تلك الأسواق طيلة الشهر الفضيل، والأقبال كان يبدأ من نصف شهر شعبان، ويبقى لأيام عدة بعد انتهائه، ويبرز في هذه الحالة أسواق الحلويات والمشروبات الرمضانية، وتنتعش القطايف والكلاج والشعيبية إلى جانب التمر هندي وقمر الدين والسوس والجلاب، وهناك أكلة رمضانية كانت تسمى «الزغلولية» في العهد العثماني». وعن ظاهرة الخيام الرمضانية، يقول حلاق إن هذه الخيام بدع استوردها اللبنانيون من الخارج بقصد الترفيه والسهر بعيداً عن الأجواء السائدة في هذا الشهر الكريم، وليس كما كان معروفاً في الخمسينيات والستينيات، حين كان الجميع يسهر على وقع المدائح النبوية والدينية التي كانت تنشدها الفرق الحلبية والدمشقية والمصرية التي تحضر إلى لبنان خصيصاً في هذا الشهر، عدا عن استقدام الشيوخ والمقرئين أمثال عبد الباسط عبد الصمد والشيخ عبد الفتاح.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©