الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسوار في بيتي

أسوار في بيتي
2 سبتمبر 2014 21:56
نعجب ونحن نرى أسواراً في بيوتنا، من غير أن نشعر بها، حاجزاً تلو الحاجز دون أن ندري، ونفاجأ في النهاية بأننا نحن من بناها.. مشهد متكرر يبعث على الأسى والحسرة، أطفال ينشأون على الآيباد ومشتقاته، يلهون بهذه الأجهزة بلا حساب للوقت أو للعواقب الصحية وغيرها من الآثار السلبية للأجهزة الإلكترونية والجوالات التي يحذر المختصون من خطر المبالغة في استخدام هذه الوسائل الحديثة، يبقى الطفل ساعات طوالاً متسمراً يتابع ويلعب يلهو، والوالدان إما غائبان عن البيت في عمل أو غيره، أو أن يكونا فرحين بأن الطفل يجيد التعامل مع هذا الجهاز السحري.. وبصراحة كثيرون منا يجدون في ذلك طريقة لإلهاء الأطفال، وتخلصاً من ضوضائهم وشغبهم، متناسين أن اللعب ضرورة نفسية وصحية لأطفالهم. وبات اجتماع أفراد الأسرة في جلسة أو سهرة أو اجتماع على مائدة الغداء أو العشاء شبه مفقود في أغلبية أسرنا، وإنْ حدث هذا فإن أجهزة الموبايل ستكون سيدة الموقف، إذ ينغمس كل فرد، صغيراً وكبيراً، في جهاز هاتفه، أو «آي باده»، وتمر الدقائق والساعات ربما و«كل يغني على ليلاه».. ولا نبالغ إنْ قلنا إن هذه حال أغلبية أسرنا، فمع انتشار وسائل التواصل الحديثة ، وتحول العالم إلى قرية صغيرة، زرعت الحواجز والأسوار بين أفراد البيت الواحد، فأي تواصل هذا، ما دام الأب والأم والأبناء، كل في واد. للأسف أننا تحولنا إلى مجرد آلات وأجهزة كالتي نحملها، و«تموّتت» مشاعرنا وأحاسيسنا، فمن ذا الذي يسأل ابنه أو ابنته، عن همومه ومشاكله، ويجلس مع أفراد أسرته يتبادلون الحديث في ما يهم الأسرة.. ومن منا الذي يذهب في إجازة ويقرر أن يغلق الهواتف كلها لساعة واحدة فقط... للأسف تحولنا جميعاً لآلات بلا إرادة أو تفكير، أو مشاعر، كم عدد الأمهات اللاتي يجلسن في بيوتهن يتابعن أمور أبنائهن، لحظة بلحظة ويوماً بيوم، أمور دراستهم، وسلوكهم ومشاكلهم.. وكم عدد الأمهات اللاتي يعلّمن بناتهن أمور البيت وتدبيره، بالتأكيد ستكون الإجابة مخجلة .. فمع وجود الخادمات، أصبح همّ البنات التسوق والتزين والنزهات في المولات.. وكم عدد الآباء الذين يتابعون أمور أبنائهم ويتفقدون أحوالهم مع رفاقهم في المدرسة والشارع، وهل جلسوا معهم ولو أسبوعياً مرة واحدة وسمعوا لهم ولهمومهم ومشاكلهم. بالتأكيد ليس العيب أو المشكلة في وسائل التواصل المتطورة، وانتشار التقنيات الحديثة، بل المشكلة الحقيقية هي في سوء استخدامها، وتحولها إلى وباء أو حمى أفقدتنا كثيراً من أشيائنا ومشاعرنا الجميلة، فبتنا في بيت واحد ولكن قلوبنا شتى، جدران وحواجز تتراكم في حنايا بيوتنا يوماً بعد يوم، وقد ران الصدأ على قلوبنا، نعم نعيش تحت سقف واحد، لكن بين كل واحد وآخر ألف جدار وجدار.. ويوماً بعد آخر تتعالى الأسوار تلو الأسوار. أحمد الحمادي- أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©