السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كسوة الكعبة ··تزداد جمالاً كل رمضان

كسوة الكعبة ··تزداد جمالاً كل رمضان
19 أكتوبر 2006 23:44
د· سلمان كاصد : ان تتسابق النفوس إلى شرف كبير من مثل كسوة الكعبة فإن ذلك لا يعادله شرف في الدنيا فهو مظهر التبجيل والتشريف الذي ما بعده تشريف حيث تتعانق المهارة والإبداع وتتجسد روحية التقديس في احتفال مهيب يليق بمكانة الكعبة في قلوب المسلمين·· لقد أولى المسلمون كسوة الكعبة أهمية لا تعادلها أخرى كون التجويد فيها لذة العشق الالهي فكان التسابق لا نظير له بين المحبين كي يحظوا بشرف إكساء الكعبة منذ ان وجدت وهنا اختلف المؤرخون في أول الكاسين للكعبة المشرفة · اختلاف المؤرخين تذهب بعض المصادر التاريخية إلى أن إسماعيل -عليه السلام- كان أول من كسا الكعبة، والبعض الآخر يذهب إلى أن عدنان جد النبي ''صلى الله عليه وسلم'' الأعلى هو أول مَن كساها، غير أن الثابت تاريخيا أن أول مَن كساها هو تبع أبي كرب أسعد ملك حمير سنة 220 قبل الهجرة· وروي بإسناد صحيح عن وهب بن منبه انه قال زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سب أسعد وهو تبع الحميري لأنه أول من كسا الكعبة· وكان تُبّع ملك حمير هو أول مَن كسا الكعبة كسوة كاملة، حيث كساها الخصف ، وتدرج في كسوتها حتى كساها المعافير وهي كسوة يمنية، كما كساها الملاء وهي كسوة لينة رقيقة، وعمل لها باباً ومفتاحاً، ثم تبعه خلفاؤه من بعده فكانوا يكسونها الوصايل ، وهي أثواب حمر مخططة، و العصب وهي أثواب يمنية يصعب غزلها·· الكسوة في الجاهلية وتعتبر نبيلة بنت حباب أم عباس بن عبد المطلب أول امرأة كست الكعبة في الجاهلية، وكانت قد نذرت ذلك··وكانت الكعبة قبل الإسلام تُكسى في يوم عاشوراء، ثم صارت تُكسى في يوم النحر، وصاروا يعمدون إليها في ذي القعدة فيعلقون كسوتها إلى نحو نصفها، ثم صاروا يقطعونها فيصير البيت كهيئة المحرم، فإذا حل الناس يوم النحر كسوها الكسوة الجديدة· زمن الجاهليين وكسوة الكعبة أمر معروف من زمن الجاهليين لانهم كانوا يكسونها ويعتبرون ذلك من أعمال البر، ولما بعث الله نبيه محمد عليه الصلاة والسلام سنها وأقر عليها ··وروى الازرقي عن ابن جريح قال: كانت الكعبة فيما مضى إنما تكسى يوم عاشوراء ، إذا ذهب آخر الحجاج حتى كانت بنو هاشم فكانوا يعلقون عليها القُمص يوم التروية من الديباج ، لان يرى الناس ذلك عليها بهاءً وجمالاً ،فإذا كان يوم عاشوراء علقوا عليها الإزار·· ولم يكن للكعبة في كسوتها ترتيب خاص في الازمنة أيام الخلفاء الراشدين ولا لون محدد للكسوة فالجاهليون كانوا يكسونها يوم عاشوراء وفي خلافة المأمون كسيت الكعبة 3 مرات ، يوم عاشوراء ويوم هلال رجب ويوم التروية، ثم تغير الامر بعد ذلك فصارت تستبدل ثوبها مره واحدة كل عام فيما يتم غسلها مرتين سنوياً : الاولى في شهر شعبان والثانية في شهر ذي الحجة · ماء زمزم ودهن العود ويُستخدم في غسلها ماء زمزم ودهن العود وماء الورد ويتم غسل الارضية والجدران من الداخل بارتفاع متر ونصف ثم تجفف وتعطر بدهن العود الثمين· وفي عهد الإسلام لم يتح لرسول الله صلى الله عليه وسلم كسوة الكعبة إلا بعد فتح مكة، فكساها صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه بالثياب اليمنية، ثم كساها عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما القباطي المصرية ، وهي أثواب بيضاء، رقيقة كانت تُصنَع في مصر··كانت الكعبة تكسى قبل الإسلام بحصر من خوص النخيل،كما كسيت بالجلد وبالمنسوجات اليمنية، وقد اتبعت قريش منذ عهد قصي نظاما معينا في كسوة الكعبة فكانت تفرضها على القبائل حسب ثرائها، ولما جاء الإسلام كساها النبي الثياب اليمنية، فلما ولي معاوية الخلافة كسا الكعبة كسوتين: إحداهما القباطي والأخرى من الديباج· وكان الخليفة المهدي العباسي أول من كساها بالحرير الأسود، ولما ضعفت الدولة العباسية كان ولاة مصر واليمن يكسون الكعبة، ثم انفرد ولاة مصر بذلك حتى عام 1381هـ / 1962 م· ولقد حظيت مصر بشرف صناعة كسوة الكعبة منذ أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حيث كتب إلى عامله في مصر لكي تحاك الكسوة بالقماش المصري المعروف باسم القباطي ، الذي كان يصنع في مدينة الفيوم، وقد تعددت أماكن صناعة الكسوة مع انتقال العاصمة في مصر من مدينة إلى أخرى، حتى تأسست دار كسوة الكعبة بحي الخرنفش في القاهرة عام 1233هـ، وما زالت هذه الدار قائمة حتى الآن، وتحتفظ بآخر كسوة صنعت للكعبة المشرفة داخلها· دار الكسوة وتولت المملكة العربية السعودية شرف صناعتها بعد أن انتهت من إقامة دار خاصة لصناعة الكسوة بمنطقة '' أم الجود '' بمكة المكرمة تشتمل علي أحدث الوسائل والأدوات الحديثة التي تستخدم في النسيج والصباغة، وفي دار أم الجود قسم خاص بالزركشة اليدوية حيث تصبغ الأقمشة الخارجية للكسوة باللون الأسود أما الأقمشة الداخلية فتصبغ باللون الأخضر كما تصبغ الخيوط القطنية المستخدمة كحشو باللون الأصفر الذهبي وعلى الرغم من استخدام أسلوب الميكنة إلا أن الإنتاج اليدوي مازال يحظى بالإتقان والجمال الباهر حيث يتفوق في الدقة والإتقان واللمسات الفنية المرهفة والخطوط الإسلامية الرائعة· مكونات الكسوة جاء بآخر وثيقة مصرية حررت وسلمت للحجاز عام 1308 هجرياً الموافق 1961 ميلادية أن كسوة الكعبة المشرفة تتكون من ثمانية أحزمة وأربعة كروشيات، وهي عبارة عن زخارف كتابية في شكل دائري له تكوين خاص وجميعها مزركشة بالمخيش الفضي الأبيض والمخيش الفضي الملبس بالذهب البندقي على حرير أطلس أسود وأخضر، مركبة جميعها على ثمانية أحمال من الحرير الأسود الكمخي وهذه الأحمال مبطنة بالبفتة البيضاء المتماسكة عروضها بأشرطة من النوار القطن الأبيض، وتتكون الأحمال الثمانية من اثنين وخمسين ثوباً من القماش الكمخي، طول الثوب 14,8 متر وعرضه متر واحد· يبلغ عدد العاملين في إنتاج الكسوة 240 عاملاً وموظفاً وفنياً وإدارياً، وتصنع من الحرير الطبيعي الخالص المصبوغ باللون الأسود المنقوش عليه بطريقة الجاكار عبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله ، الله جل جلاله ، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ، يا حنان يا منان ··وان أهم أقسام المصنع قسم الحزام وقسم الخياطة وقسم المصبغة وقسم الطباعة وقسم النسيج الآلى واليدوي حيث يعمل في تلك الاقسام أكثر من 214 عاملا سعوديا من الطاقات السعودية المؤهلة والمدربة بالاضافة الى ان المصنع يقوم بإنتاج الكسوة الداخلية للكعبة·· شهر رمضان وبين انه في شهر رمضان يزداد الاهتمام بصيانة ثوب الكعبة المشرفة وذلك لكثرة الزحام وتعرض الثوب للاحتكاك به حيث أولت إدارة المصنع جل اهتمامها في المحافظة على ثوب الكعبة المشرفة وذلك بتكليف عدد من الموظفين بصيانة الثوب على مدار الساعة لملاحظة أي تمزق للثوب وإصلاحه وان مصنع كسوة الكعبة المشرفة أصبح معلما بارزا في مكة المكرمة يزوره كل عام الآلاف من المسلمين من مختلف أنحاء المعمورة ومن جميع المستويات يسجلون بإعجاب وتقدير ما وصل اليه المصنع من تطور وازدهار· كما سجل ذلك زميلنا الصحفي سعيد البادي في رحلته الى مكة الشريفة بقوله :أما كسوة الكعبة فتتكون من خمس قطع تغطي كل قطعة منها وجها من أوجه الكعبة المشرفة،أما القطعة الخامسة فهي الستارة التي توضع على باب الكعبة ويتم وضع القطع الأربع متراصة ومتواصلة مع بعضها البعض، ويبلغ ارتفاع الثوب أربعة عشر مترا ويوجد في الثلث الأعلى منه حزام مطرز بسلك مطلي بالذهب ويبلغ عرضه 95 سنتيمترا وطوله 47 مترا وقد كتب عليه بعض الآيات القرآنية بخط الثلث المركب بالإضافة الى الزخارف الإسلامية التي أحاطت بهذه الآيات القرآنية ويحيط هذا الحزام بكامل الكسوة، وهو يتكون من ست عشرة قطعة، وقد كتبت سورة الإخلاص داخل دائرة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية على الكسوة تحت الحزام ووضعت على أركان الكعبة··وتصنع كسوة الكعبة من الحرير الذي يصبغ قبل ان يتم تحويله الى نسيج، وتستهلك الكسوة الواحدة 450 كيلوجراما من الحرير فيما تبلغ مساحة مسطح الثوب 658 مترا مربعا، وتتألف القطع المذهبة المثبتة على الثوب والحزام من 16 قطعة، ويتم تغيير هذه الكسوة في يوم التاسع من ذي الحجة من كل عام وهو يوم الوقفة الكبرى بجبل عرفات، ويتم تصنيع هذه الكسوة في مصنع كسوة الكعبة في مكة المكرمة·· لا يمكن دخول الكعبة إلا عن طريق سلم يتم إحضاره فقط في وقت الحاجة للدخول، رقيت على السلم وفي نفسي خشية ورهبة أصابت قدمي بنوع من الرجفة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©